فنانون... عملاء... حصار!

نشر في 03-06-2018
آخر تحديث 03-06-2018 | 00:00
 عبدالمحسن جمعة لطالما ترددت على أسماعنا عبارة "الفن رسالة"، وأن الفنان شخصية مميزة في المجتمعات تخلق الفارق، ولكن في العالم العربي أصبح الفن استرزاقاً، وعند بعضهم عمالة للسلطة وأجهزة الاستخبارات، بل إنك أحياناً تشاهد ممثلاً أو مطرباً على شاشة التلفزيون، فترى في ملامحه أنياباً يقطر منها الدم بسبب موقفه مع دكتاتور يقتل شعبه أو نمرود يسرق مقدرات وطنه ويدمر حاضره ومستقبله.

قصص الفنانين والاستخبارات ودعم الجبابرة في العالم العربي تتزايد في الآونة الأخيرة، فذلك المهرج دريد لحام يبايع مرشد إيران الذي يقتل شعبه، و"خيشة اللحم" المسماة الحناوي تطرب بأنات وآلام ضربات الأسد لشعبها، و"شمطاء المولد" إلهام شاهين تدعم ضمنياً "كيماوي" النظام السوري ضد أطفال ونساء الغوطة.

فيما فنانون عرب آخرون يستدرجون معارضين للنظام في سهرات أنس لتسجيل مقاطع لهم لتسليمها لأجهزة المخابرات ليبتزوهم، وأعرف قصصاً عن فنان يحبه الناس ويحترمونه كان يقوم بهذه المهمة الخسيسة، ورغم الواقع الحالي لغالبية الفنانين فإن هناك استثناءات لفنانين عظام رفضوا هذه المهمة أو مداهنة السلطة، مثل المخرج المصري يوسف شاهين وتحية كاريوكا، ومن قبلهما الفنان النوبي علي الكسار، الذي كان مسرحه منبراً لكفاح النقابات العمالية المصرية، والكاتبة المسرحية المناضلة فتحية العسال التي قضت سنوات طويلة في المعتقل، والفنان القدير الراحل محمود مرسي الذي استقال من هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يوم العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، رغم الامتيازات الكبيرة التي كان يحصل عليها.

اليوم أصبح مجال الفن شعبة من شعب الاستخبارات ودواوين الحكم ونفوذ المال، وغابت عنه رسائله الإنسانية والنضالية من أجل نصرة قضايا المجتمع لمصلحة بث توجهات السلطات وتعليمات الحاكم، ومن أجل تمجيده وكبت كلمة الحق ومنع المطالبة بحقوق الناس وصيانة حرياتهم، مقابل أن "يكبش" الفنان مزيداً من المال، والتقرب من السلطة والتمتع بمميزاتها ونفوذها.

***

الدراما الكويتية رغم سبقها وتميزها وانتشارها الواسع، لكنها عملياً تتراجع بسبب حصرها في مواضيع محددة تتعلق بالحب والطلاق وصراع الورثة على الميراث، وأحياناً التهريج الكوميدي غير المتقن نصاً وأداء، فهناك "تابوهات" من الرقابة تحظر التطرق إلى السياسة والحياة البرلمانية والقضايا الاقتصادية المتعلقة بالاحتكارات والغلاء وخلافه، وهو ما يجعل أي دراما أو مسرح بلا آفاق جديدة ولا تطور، بل إن الدراما السعودية الناشئة أصبح سقفها عالياً في مناقشة ومراجعة تاريخ السعودية السياسي وتطوراته الحالية وقضايا التطرف الإسلامي وما يتعلق به، فيما الدراما الكويتية تراجعت لتنحسر في صراخ أفراد العائلة على بعضهم البعض أو تبادل الشتائم، أعلم تماماً أن الكويت "هوليود الخليج" تمتلك إمكانات جبارة في التأليف والتمثيل والإخراج وجميع المجالات الفنية، ولكن مطلوب فك حصار الرقابة عنها.

back to top