هَوَس

نشر في 31-05-2018
آخر تحديث 31-05-2018 | 00:08
نحن نعيش اليوم هوساً في حراسة المجتمع، وكأن ما يعرض بالضرورة يعكس ما يحدث في كل بيوت الكويت، وهو أمر غريب وغير منطقي أو مفهوم، فلا أحد ادعى بأن ما يعرض يمثل أحداً، بل هي حدوتة قد تكون جيدة أو رديئة دون أن ترتبط بأي علاقة بيوميات كل فرد على حدة أو مجتمع بأكمله.
 علي محمود خاجه الانحدار والاحتقار هما عنوانان لسهرات تلفزيونية كويتية شارك فيها نجوم الصف الأول في الكويت، وأعني هنا عبدالحسين عبدالرضا وسعد الفرج وسعاد عبدالله وغانم الصالح؛ فبالنسبة إلى سهرة "الانحدار" فقد تطرقت وبتركيز شديد على إدمان المسكرات والخمور وما تسببه من مشاكل اجتماعية وأزمات أخلاقية كبيرة، في حين تطرقت سهرة "الاحتقار" التلفزيونية لمدير شركة يستغل طموح بعض موظفيه في سبيل الوصول إلى زوجاتهم هكذا بكل وضوح وصراحة.

قدمت تلك الأعمال والسهرات في الكويت وعرضت في فترة لم يكن للمشاهد خيار تغيير المحطة التلفزيونية والاختيار ما بين آلاف القنوات والبرامج، بل إن سهرة الاحتقار تحديدا مثلت الكويت في مهرجان كان التلفزيوني.

مسلسل "درب الزلق" أبرح الشاب الشقي حسين خاله قحطة ضربا، مسلسل "أبو الفلوس" لغانم الصالح وحياة الفهد تطرق لاستغلال العم لابنة أخيه ومحاولة تزويجها لثري يكبرها سنا، مسلسل "على الدنيا السلام" لفق فيه العم تهمة الجنون لبنات أخيه، وتطرق المسلسل للفساد الإداري وتعاطي الشباب للمخدرات والنصب، مسلسل "خالتي قماشة" كانت تراقب فيه الأم أبناءها بزرع كاميرات في غرف نومهم.

كل تلك المسلسلات نتذكرها بابتسامة ونقف عندها إن صادفناها ونحن نتنقل بين القنوات دون حساسية أو سخط أو غضب، ودون القول إن المسلسلات المعروضة لا تمثلنا وغيرها من مصطلحات موازية. إلا أننا نعيش اليوم هذا الهوس في حراسة المجتمع، وكأن ما يعرض بالضرورة يعكس ما يحدث في كل بيوت الكويت، وهو أمر غريب وغير منطقي أو مفهوم، فلا أحد ادعى بأن ما يعرض يمثل أحداً، بل هي حدوتة قد تكون جيدة أو رديئة دون أن ترتبط بأي علاقة بيوميات كل فرد على حدة أو مجتمع بأكمله.

عندما نذهب للولايات المتحدة الأميركية هل نتوقع مشاهدة رامبو يتجول في الطرقات؟ أو مشاهدة توم كروز يتسلق برج خليفة في دبي؟ أو أن نصادف مثلا توم هانكس يجري ما بين الولايات الأميركية؟ لا نتوقع ذلك لأننا نفصل ما بين صناعة السينما والتلفزيون والحياة الواقعية، وهو الأمر الطبيعي، هل سمعتم عن أميركي يردد بأن جوليا روبرتس لا تمثلنا أو آخر يطالب بإيقاف مسلسل لأنه يسيء إلى عاداتهم وتقاليدهم؟

لماذا نفترض أننا نحن فقط من يستطيع أن يستوعب بأن ما يعرض على الشاشات ليس بالضرورة أن يكون انعكاسا للمجتمع إلا في شكل المدينة من ناحية المناظر والمنشآت ليس إلا، ولماذا هذا الهوس والمراقبة الدقيقة لكل ما يعرض للقول إنه لا يمثلنا، واتخاذ موقف دفاعي لا نحتاجه أصلا؟

كل ما في الأمر إن لم يعجبكم أي عرض على الشاشة هو أن تغيروا المحطة التلفزيونية. انتهى.

ضمن نطاق التغطية:

أقترح على المنتجين مستقبلا أن ينشروا عبارة "هذا المسلسل لا يعبر عن المجتمع الكويتي وهي قصة خيالية لا تمت إلى الواقع بصلة، وإن تضمنت بعض المشاهد المشابهة للواقع، كل ما في الأمر أن بعض نجوم هذا العمل الخيالي يحملون الجنسية الكويتية".

back to top