أعلام في تاريخ الإسلام : البخاري... إمام المحدثين

نشر في 27-05-2018
آخر تحديث 27-05-2018 | 00:00
No Image Caption
اسمه: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه، وكنيته أبو عبدالله، ولد سنة 194هـ ببلدة بخارى، وما كاد البخاري يُتم حفظ القرآن حتى بدأ يتردد على حلقات المحدثين، وأظهر نبوغاً في صغره، وامتاز بذاكرة قوية، وحفظ الكثير من الحديث، وما ان بلغ السادسة عشرة حتى بدأت رحلته الطويلة في طلب العلم.

رحل الإمام البخاري إلى مراكز العلم المهمة في عصره، خصوصا تلك التي حوت كبار المحدثين في بلاد المسلمين، واستفاد من الشيوخ الموثوق بهم وبأمانتهم، يقول: "كتبت عن ألف وثمانين نفسا، ليس فيهم إلا صاحب حديث"، وسمع من شيوخ لا يحصى عددهم.

"الجامع الصحيح" هو أشهر كتب البخاري، بل هو أشهر كتب الحديث النبوي قاطبة، ويذكر البخاري السبب الذي جعله ينهض إلى هذا العمل، فيقول: كنت عند إسحاق ابن راهويه، فقال: لو جمعتم كتابًا مختصراً لصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع "الجامع الصحيح".

اتفق أهل عصره فيما يشبه الإجماع على تقدمه وإمامته في الحديث، وجرى على ذلك كل الأئمة الذين جاءوا بعده في كل العصور الإسلامية من غير خلاف، بحيث صار من المسلمات عند علماء الأمة عبر القرون، ويضيق المقام هنا عن ذكر ما قالوه فيه، ونكتفي فقط بقول الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تقريب التهذيب": "جبل الحفظ وإمام الدنيا في فقه الحديث"، وقد امتازت هذه الشهادة بالتنوع الشديد الذي يستحيل معه التواطؤ على الخطأ أو الكذب عادة؛ فقد أثنى عليه شيوخُه وأقرانُه ومعاصروه وتلامذتُه، ثم من جاء بعده، واجتماع كل هذه الطبقات على الشهادة له بالإمامة يجعل ذلك أمراً قطعيًّا لا مرية فيه.

في آخر حياته رجع البخاري من نيسابور إلى مدينته بخارى، واستقبله عامة أهلها، ونثروا عليه الدراهم والدنانير، ولم يكد يستقر ببخارى حتى طلب منه أميرها أن يأتي إليه ليُسمعه الحديث؛ رفض البخاري وقال: "لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين"، ولم يعجب الأمير المتعالي رد البخاري، فحرض عليه بعض السفهاء ليتكلموا في حقه، ويثيروا عليه الناس، ثم أمر بنفيه من المدينة؛ فخرج من بخارى وكتب إليه أهل سمرقند، فسار إليهم، فلما كان بقرية خرتنك –وهي على بعد فرسخين من سمرقند- بلغه وقوع فتنة بينهم بسببه، وكان له أقرباء بها، فنزل عندهم حتى ينجلي الأمر، فأقام أياماً فمرض حتى أرسلوا إليه رسولا يلتمسون خروجه إليهم، فأجاب وتهيأ للركوب ولبس خفيه وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها إلى الدابة ليركبها، قال: أرسلوني فقد ضعفت، فأرسلوه، فدعا بدعوات ثم اضطجع فقضى.

وكانت وفاته رحمه الله وجزاه عن رسوله خير الجزاء وعمره 62 سنة.

back to top