المال السياسي... حلقة مفرغة!

نشر في 24-05-2018
آخر تحديث 24-05-2018 | 00:20
 عبدالمحسن جمعة لا تكاد تمر عدة شهور في الكويت دون أن تتفجر قضية تتعلق بالمال السياسي أو الفساد المرتبط بإدارة شؤون الدولة، وكان آخرها التسجيل الصوتي لأحد النواب، تحت عنوان "بيعطونا"، والذي تبعه عدة تصريحات للنائب نفسه تنفي علاقة ما قاله بأي "رشوة سياسية" لا سمح الله، أو شراء ذمم لاتخاذ قرار يتعلق بالعمل البرلماني والسياسي، وأن الأمر لا يعدو كونه مساعدات اجتماعية لجمهور الناخبين الذين يمثلهم النائب!

قضية المال السياسي في الكويت أصبحت حلقة مفرغة، يدور فيها الجميع ممن هم منخرطون فيها، أو ممن يكافحونها دون طائل أو نتيجة على مدى سنوات طويلة، وهو ما يجعل الأغلبية يطرحون السؤال الذهبي: ماذا نفعل لمواجهة هذه الظاهرة؟... ومن يستطيع مواجهتها؟... لاسيما بعد صدور منظومة قوانين أقرت لمكافحة الفساد وكشف الذمة المالية، ولكن دائماً ما تجد ظاهرة المال السياسي والفساد في الكويت صيغاً مبتكرة وأوجهاً جديدة لتطل علينا، والخطير أن ظاهرة المال السياسي كانت ترتبط بأشخاص من السياسيين المنتخبين أو أفراد من السلطة، ولكن هذه المرة تسجيل النائب يقول إن "الحكومة" من ستعطي، وبذلك فهو يعني السلطة التنفيذية الممثلة في دستور الدولة!

حقيقة إن الوضع أصبح خارجاً عن السيطرة، والمال السياسي ينخر في أساسات الدولة، ويغذي بيئة الفساد في البلد الذي تشير إليه مدركات الفساد وعدة مؤشرات عالمية أخرى متعلقة بها، ولا يبدو أن هناك حلاً قريباً أو مواجهة جديدة جدية وناجعة في الكويت لذلك الداء.

وربما يكون النائب صادقاً بأنه يتلقى أموالاً لتوصيلها للمحتاجين من ناخبيه، رغم الشبهات التي يجب أن يدركها النواب حول مثل هذا الفعل، ولكن الخطر هو أن الحكومة التي تشرف على هيئات مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والنزاهة في الدولة تشارك في هذه الممارسة المشبوهة والمدمرة.

لم تعد المساءلة السياسية أو الاستنكار والتصريحات الشاجبة لمثل هذه الأفعال كافية، فتوغل المال السياسي في مفاصل الدولة دمر أموراً كثيرة، وبلا أدنى شك سيستمر في تدمير مؤسساتنا ومستقبلنا، وأصبح الأمر قضية مجتمع بكل شرائحه وفئاته، ومطلوب أن تبادر عاجلاً جهات مختلفة لمواجهته، من أبناء الأسرة الحاكمة المتطلعين إلى "كويت جديدة"، والسلطة القضائية بما تراه من إجراءات تمكنها من مكافحة هذه الظاهرة وملاحقتها ومحاسبة المسؤولين عنها، وكذلك جهد ونضال طلائع المجتمع من أكاديميين ونشطاء ومصلحين، وإلا فنحن مقبلون في الكويت على حقبة شديدة الخطورة.

back to top