الأديب السوداني المقيم في أميركا فيصل مصطفى:

كاليفورنيا جنحت بتجربتي الإبداعية صوب الحداثة

نشر في 24-05-2018
آخر تحديث 24-05-2018 | 00:00
قبل سنوات هاجر الأديب السوداني المعروف فيصل مصطفى (72 عاماً) إلى الولايات المتحدة الأميركية، ليقيم في ولاية كاليفورنيا التي تحظى بوجود عدد كبير من أبناء الجالية السودانية. وفي مقابلة أجرتها معه «الجريدة» عبر الإنترنت، كشف عن روايته «إزاحة الظل» التي يستعد لنشرها في القاهرة قريباً، لافتاً إلى تأثير إقامته بأميركا في تجربته الإبداعية التي جنحت إلى الحداثة... تفاصيل المقابلة في السطور التالية.
ما هي المؤثرات المكانية في مسيرتك الأدبية وأنت تعيش مهاجراً في بلاد العم سام؟

للأمكنة الجديدة سحرها الطاغي وتأثيراتها الفاعلة، لا سيما إذا كان هذا المكان ولاية كاليفورنيا التي تقع في أقصى الغرب الأميركي، والتي كانت قمينة برفد تجاربي كمبدع وتشكيلها بالمغايرة والاختلاف. ومنذ أن وطأت قدماي أرضها ظللتُ أنهل من ينابيع التنوع والتمايز الثقافي والعرقي واللساني الذي يصدر لغات متعددة ورطانات شتى.

ثمة مزيج متجانس يسود مناحي الولايات الشاسعة بغطائها النباتي الكثيف وتضاريسها المتنوعة ودياناً وهضاباً وبحيرات وجبالاً وغابات، كذلك مناخاتها المتباينة بين سيادة الثلج في فصل الشتاء وصيفها البالغ الحرارة. ولكل ولاية مناخها الخاص، وكاليفورنيا تزخر معالمها الساحرة بكل ما هو مثير للدهشة التي تملك مجامع القلوب وتجتذب الانتباه. وعبر أرجاء هذه المعالم دوماً تتنازعك مفاتن الأمكنة بسحرها الباذخ، فتنتقل مبهوراً بين أرجائها تمضي يوماً كاملاً بين رحاب «ديزني لاند»، وآخر في هوليوود في مدينة لوس أنجيلوس، وثالثاً في مدينة سان فرانسيسكو، حيث تمتد أعمدة جسر غولدن غيت Golden Gate عبر خليج المحيط البسفيكي، متوهجة مع انعكاسات أشعة الشمس فتلمع كالحجارة الكريمة، وغيرها من مناحي الولاية والولايات الأخرى... كل هذا الثراء الطبيعي تسلل إلى متن روايتي الجديدة التي أكملت فصولها وشرعت في إعدادها للنشر.

بما وسمت هذه الرواية الجديدة؟

اخترت لها «إزاحة الظل»، وفي ذهني فصل الجنوب وأنا أعيش في بلد يسعى حثيثاً إلى التنوع والتمايز والاختلاف، بينما نحن نزيحه ونبدده!

عن أي دار نشر ستصدر؟

إن سارت الأمور كما ينبغي، تصدر عن دار «سندباد للنشر والتوزيع» في القاهرة، لصاحبها الصديق والروائي خليل الجيزاوي.

هل ثمة اختلافات في ما يتعلق بإبداع الأديب إذا كان في وطنه أو في المهجر؟

أمضيت معظم حياتي بين مواطن الاغتراب والمَهاجر، إلا أنني دوماً كنت احتقب الوطن في حلي وترحالي. ولكن أصدقك القول إن لمعالم ولاية كاليفورنيا القدح المعلى بالإسهام في إثراء تجربتي الإبداعية وجعلها تجنح صوب الحداثة على ضوء المناهج النقدية المتجددة وخلق الأجواء الملائمة للكتابة.

رواية ومقالات

هل ثمة رواية أخرى؟

أنجزت رواية ثانية بعنوان «انفجار أزاهير الربيع وذبولها»، تتحدث عن ثورات الربيع العربي والمؤثرات الداخلية والخارجية التي أدت إلى فشلها وتحويلها إلى فوضى!

ماذا عن كتاباتك الأخرى؟

أكتب في صحيفة «الراكوبة» الإلكترونية السودانية أسبوعياً، ونشرت في صحيفة «الرأي العام» السودانية سلسلة مقالات عن أدب الرحلات بعنوان «سحر الأمكنة».

قصص وترجمة

أعلم أنك تكتب قصصاً قصيرة، تسميها نصوصاً سردية، بصورة مغايرة لما هو مألوف، حدثنا عنها.

بدأت هذه التجربة منذ عقدين. كانت ضربة الفرشاة الأولى في فضاء لوحتها، تهشيم السطر الأفقي في النثر الفني وإحالته الى سطر رأسي، ثم تداخلت الأنواع الأدبية وتمازجت وصارت بوتقة من نسيج طويل التيلة، ينسدل في نعومة على وعي المتلقي وأخيراً هذا الضرب من الكتابة البصرية، كذلك الكتابة عبر النوعية وتداخل الضمائر وتبادل مواقعها غادر الرسم بالكلمات إلى موسقة العبارات! أنظر إلى هذه الجملة ذات الموسيقى التصورية الصاخبة «تسارعت خطاه كاشتعال الهشيم»، وقد استوقف هذا العزف المنفرد أحد النقاد السودانيين وأعتبره جديداً.

ألم تُتَرجم بعد أحد أعمالك السردية إلى اللغة الإنكليزية؟

هذا ما أسعى إليه راهناً. ثمة محاولة لترجمة روايتي الأولى «الخفاء ورائعة النهار» إلى الإنكليزية، لاعتقادي الجازم في أنها ستجد قبولاً من قراء غير العربية، نظراً إلى تصويرها الفترة الأخيرة لجلاء المستعمر البريطاني عن السودان وتداخل الأعراق الأخرى غير العربية مع المجتمع السوداني مثل اليونانيين، كذلك الهنود وغيرهما.

فعاليات الجالية السودانيةفي كاليفورنيا

حول نشاط الجالية السودانية في ولاية كاليفورنيا، يقول فيصل مصطفى: «في الولاية وجود كثيف للسودانيين لاعتدال مناخها، ولجاليتهم دار عامرة يقيمون فيها مناسباتهم الاجتماعية، فضلاً عن صالونها الثقافي الذي يضم خليطاً من الأجيال للتواصل بينها، منعاً للقطيعة، ويتم ذلك عبر الندوات السياسية والثقافية واكتشاف المواهب الأدبية بين الأجيال الجديدة».

يتابع: «ثمة فعاليات ونشاطات ثقافية تنتظم منتدياتها. على سبيل المثال، قبل أشهر أقام المنتدى الثقافي في مدن

الـ Bay Area شمال كاليفورنيا، ندوة أدبية، وقدّم الشاعر هاشم محمد صالح المشاركين من خلال نبذ قصيرة عنهم، وقدّمت أنا قراءات قصصية (الخياران، وأوان الدعاش، ومحرقة)، وعقب عليها الناقد عبد اللطيف علي الفكي، إلى جانب حديثه عن أثر السياسة في الثقافة. كذلك قبل أسابيع، قدمت الجمعية السودانية الأميركية القاص والشاعر بشرى الفاضل في حلقة نقاش حول قصته «البنت التي طارت عصافيرها» وهي القصة الحاصلة على جائزة «كاين» للكتابة الأفريقية، وغيرها من ندوات سياسية تناقش الشأن الخاص بالسودان، مثل ذكرى الاستقلال وثورتي أُكتوبر وأبريل.

back to top