زمن عبدالله السالم : لماذا وكيف تأسس مكتب الاستثمار بلندن؟

نشر في 23-05-2018
آخر تحديث 23-05-2018 | 00:25
 أ.د. غانم النجار علاقة الكويت بالاستثمار الخارجي هي علاقة قديمة، ولكنه كان في مجمله استثماراً خاصاً، تركز أغلبه في بساتين النخيل في جنوب العراق، بما في ذلك مقاطعة الفرحانية للأسرة الحاكمة، إلا أن ما سنتحدث عنه في هذه السلسلة الرمضانية- لاستكمال مبحث قديم لدي حول تطور الاقتصاد السياسي الكويتي- مختلف، فحديثنا هو عن الاستثمار الخارجي الرأسمالي المؤسسي، الذي بدأ مبكراً، وبالتحديد في فبراير 1953 ، أي قبل الاستقلال بثماني سنوات.

منذ أن تولى الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، الحكم في أوائل 1950 ، بعد وفاة سلفه الشيخ أحمد الجابر، رحمه الله، في 29 يناير 1950 ، وهو في حالة قلق على المستويين الداخلي والخارجي؛ فعبدالله السالم، الذي كان مرشحاً للحكم سنة 1921 وخسر الرهان، ظل بعيداً نسبياً عن شؤون الحكم الفعلية قرابة الـ29 عاماً. وقد ترتب على ذلك أن يصطدم بواقع لم يكن يجيد التعامل معه، فأعلن أكثر من مرة رغبته في الاستقالة والتنازل عن الحكم.

إلا أنه مع مرور الوقت، بدأ في التعامل مع التحديات بشكل أفضل. كانت عوائد النفط المجحفة هي أحد أهم تلك التحديات، فما إن تولى الحكم رسمياً في 25 فبراير1950، الذي تم اعتماده عيداً وطنياً للكويت سنة 1964 ، حتى بدأ التفاوض مع شركة نفط الكويت للحصول على عوائد أكبر. كانت الظروف الإقليمية مواتية، فتمكن بجهود مضنية من تحقيق معادلة كبيرة، فارتفع دخل النفط من 4 ملايين جنيه إسترليني فقط إلى 60 مليون جنيه دفعة واحدة.

ولم يتأخر، فتم مباشرة وضع خطة للتنمية، وربما هي الخطة التنموية الوحيدة التي تم تنفيذها، أما ما بعدها، فمجرد أوراق وتصريحات لا أثر يذكر لها على أرض الواقع. خطة التنمية تلك هي التي حددت شكل الكويت الحالي، المحاط بسلسلة من الشوارع الدائرية. وقد كانت كلفة تنفيذ تلك الخطة كاملة، بما فيها الطرق والبنية التحتية والمدارس والجامعة بالشويخ والمستشفيات والمناطق الجديدة، 18 مليون جنيه إسترليني. وبحسبة بسيطة تبقى من دخل النفط لتلك السنة 42 مليون جنيه إسترليني. كان ذلك المبلغ الضخم بمعايير ذلك الزمان جالساً كودائع في البنك المركزي البريطاني، مقابل فائدة بسيطة تبلغ 2٪.

وجود ذلك المبلغ بالنسبة للإنكليز كان مهماً، حماية لمنطقة الإسترليني وتحريكاً للاقتصاد، ولذلك وُضعت المسألة على أعلى درجات الاهتمام السياسي، فأرسلوا الوفود تلو الوفود لإقناع الشيخ باستثمار تلك الفوائض في بورصة لندن، بدلاً من إبقائها في حساب توفير... فماذا كان رد عبدالله السالم؟ تلك المفاوضات كانت مؤشراً لما هو قادم، كما سنرى.

back to top