فاتن حمامة... الزهور الفاتنة (7- 31)

نشر في 23-05-2018
آخر تحديث 23-05-2018 | 00:04
فاتن حمامة
فاتن حمامة
كان من المفترض أن تجسد المطربة اللبنانية «مرتا أجبع» دور ابنة يوسف وهبي وراقية إبراهيم، ضمن أحداث فيلم «ملاك الرحمة». عندما قرر يوسف وهبي اكتشافها وتقديمها باسم «كهرمان» وافقت راقية إبراهيم على مضض، إذ لم تكن تجرؤ أن ترفض. ولكن «مرتا» كانت جميلة إلى حد أنها يمكن أن تسرق من البطلة الأضواء، فضلاً عن أنها تبدو أكبر من أن تؤدي دور الابنة، خصوصاً أن راقية كانت تحرص على أن تبدو أصغر سناً، كباقي نجمات السينما. ولحسن حظها استغنى وهبي عن اللبنانية الحسناء.
كانت راقية إبراهيم أسعد الناس، بسحب يوسف وهبي الدور من «مرتا أجبع»، وفوراً فكرت في ممثلة لها مواصفات خاصة جداً، أن تكون موهوبة وصغيرة في السن، لا هي طفلة ولا هي شابة. ولم تكن هذه المواصفات تتوافر الا في فاتن حمامة، التي جسدت دور شقيقتها قبل نحو عامين في فيلم «رصاصة في القلب»، فسيكون تقديمها في الفيلم بمنزلة إعادة اكتشاف لها، وهو ما سيحقق ما يسعى إليه يوسف وهبي، باعتبارها اكتشافاً قديماً جديداً:

= مش فاهم تقصدي إيه بكلمة قديم جديد دي.

- قصدي أنها مثلت قبل كده. لكن ماعملتش الدور اللي ممكن يقدمها للجمهور بجد... خصوصاً أنها موهوبة جداً وتقديمك لها هايعيد اكتشافها.

اقرأ أيضا

= تقصدي مين؟

- الطفلة اللي قدمها عبد الوهاب في «يوم سعيد» و«رصاصة في القلب».

= طفلة!! يظهر عليك ماقرتيش الرواية كويس... الدور لآنسة شابة.

- ماهي الطفلة مش لسه طفلة. فاتن بقت آنسة ومناسبة جداً للدور.. وشوية ماكياج هاتقدر توصل للي انت عايزو.

= فكرك كده.

- شوفها وأحكم... ولك الرأي الأول والأخير.

ما إن وقعت عينا يوسف وهبي على فاتن حمامة في مكتبه، حتى طلب من والدها أن تحضر في اليوم التالي إلى الأستوديو لتبدأ تصوير الدور، على أن يتم التعاقد لاحقاً حين تجهيز العقد.

بدأ وهبي تصوير الفيلم فوراً، وجسدت فاتن دور ابنته هو وراقية إبراهيم، واستغل فيه أغنية «العب يا سمك» التي كانت سجلتها المطربة اللبنانية «مرتا أجبع» بصوتها، بعدما ركّبها على أداء فاتن حمامة لتبدو أنها هي تغنيها، وهي بدورها كانت وافقت على ذلك رغم عدم رضاها. وشارك في بطولة الفيلم كل من سراج منير، ونجمة إبراهيم، وبشارة واكيم، وزوزو شكيب، وعفاف شاكر، وفاخر فاخر، وأمينة شريف.

طفلة الأمس نجمة اليوم

انتهى تصوير الفيلم وعُرض، ليحقق كعادة أفلام يوسف وهبي نجاحاً كبيراً، غير أن له هذه المرة طعماً مختلفاً بإعادة اكتشاف فاتن في دور جديد مختلف، أتاح لها مساحة كبيرة من التمثيل أثبتت من خلالها قدراتها كممثلة محترفة على قدر كبير من الموهبة. حتى أنها شكّلت مفاجأة كبيرة لوهبي نفسه، قبل الجمهور، وردود الفعل التي لمسها من المشاهدين، جعلته يتخذ قراراً بعد الأسبوع الأول من طرح الفيلم، بإعادة ترتيب اسم فاتن حمامة على إعلانات الشوارع وفوق اللوحات في دور العرض، ووضعه بعد اسمه وراقية إبراهيم مباشرة ومنفرداً، بعدما كان بين فناني الصف الثالث.

احتفت الصحافة الفنية بالفيلم عموماً وبمولد النجمة الجديدة خصوصاً، طفلة الأمس وبموهبتها الواضحة، لتؤكد أن نجاحها في «يوم سعيد» لم يكن مصادفة. وأراد الفنان والمخرج والمنتج أحمد سالم أن يقيم «حفل شاي» باسم مجلته «دنيا الفن» تكريماً لأبطال الفيلم، واحتفالاً بنجاحه، ودعا عدداً كبيراً من الفنانين والصحافيين المصريين واللبنانيين، في مقدمهم زوجته الفنانة مديحة يسري، والموسيقار محمد حسن الشجاعي، والمخرج الفنان زكي طليمات، إضافة إلى أبطال الفيلم، وحضر منهم سراج منير، وزوزو شكيب، وعفاف شاكر، وفاخر فاخر، وأمينة شريف، فيما غابت راقية إبراهيم. من ثم، حرص يوسف وهبي على أن يدخل إلى القاعة بصحبة نجمته الجديدة فاتن حمامة، إزاء الصحافيين والضيوف من الفنانين والنجوم.

في بداية الحفلة، تحدث أحمد سالم، صاحب الدعوة، مرحباً بالأبطال، والضيوف، ومشيداً بالنجاح الكبير الذي حققه الفيلم، وأداء أبطاله، وعلى رأسهم الفنان الكبير يوسف بك وهبي، وعندما جاء الدور ليتحدث عن فاتن حمامة، نظر إليها مشيراً بإصبعه قائلا: «دعوني أحيي معكم النجمة الشابة فاتن حمامة... وأن أؤكد لكم أنها أول ممثلة عربية يمكن لي مقارنتها بممثلات أوروبا».

ما إن انتهى أحمد سالم من كلمته، حتى ضجت القاعة بالتصفيق لهذا الرأي الذي يأتي من النجم الأرستقراطي، الذي اشتهر عنه أنه قَلَّ أن يمتدح أحداً، بل كان كما يقال «لا يعجبه العجب» في السينما المصرية، وكثيراً ما أدلى بتصريحات تؤكد أن السينما لدينا لن تصبح سينما إلا إذا وصلت الأفلام المصرية الى المستوى الذي يؤهلها لأن تُعرض في الخارج.

بعده تقدّم مخرج ومؤلف الفيلم يوسف وهبي وبطله ليتحدث، إذ أراد أن يوضح أولاً موقفه من الاستغناء عن الفنانة اللبنانية «مرتا أجبع»، خصوصاً في ظل وجود عدد من الصحافيين اللبنانيين، فأكد احترامه لها وأنها ربما ستجد لاحقاً الفرصة التي ترضي طموحها كفنانة، ثم قال: «إن الذين يتهمون الفنانين المصريين بمحاربة أخوانهم الفنانين اللبنانيين هم أشبه بالذي يحاول الإيقاع بين أفراد الأسرة الواحدة. عروبة الفن المصري لا جدال فيها ولا شك، وأن أحداً لا يمكن أن يجرد أي عربي من عروبته، والله لو جئت ببذور أوروبية، زرعتها في صحراء العرب القاحلة لأنبتت أعراباً».

ضجت القاعة بالتصفيق، وأثنى عليه الصحافيون اللبنانيون، وراحوا يؤكدون له أن استغناءه عن «مرتا أجبع» في «ملاك الرحمة» كان فرصة عظيمة ليكتشف نجمة جديدة أثبتت جدارتها واستحقاقها للدور، فأوقفهم يوسف وهبي ليصحح معلوماتهم:

= إنني في الواقع قدّمت فاتن حمامة في فيلمي ولم «أكتشفها»... وأظن أن ما تتمتّع به من المواهب الفنية العالية يجعلها لا تحتاج إلى من يكتشفها، وهي لو لم تظهر في فيلمي لكان النجاح حتماً بانتظارها في أفلام عدة مقبلة.

انتهت الكلمات، وراح الحاضرون يتناولون الشاي والحلويات، وتدور بين كل مجموعة حوارات جانبية. اقترب أحمد سالم إلى فاتن، التي كان لا يفارقها والدها لحظة، فأرادت أن تشكره على رأيه فيها، لكنه واصل كلمات المديح التي تؤكد موهبتها، وحرص على أن يمنحها عدداً من النصائح التي تحصنها خلال رحلتها المقبلة، ثم تذكر فجأة وقال لها:

= مهم جداً تختاري أدوارك من دلوقتي. ونصيحة احفظيها كويس... بلاش تمثلي أفلام من إخراج أنور وجدي.

* غريبة. اشمعنى أنور وجدي تحديداً.

= لأنك ممثلة راقية وهو مهرج وأفلامه كلها تهريج في تهريج.

* ربما أخالفك في الرأي بالنسبة للأستاذ أنور وجدي، لكني على كل حال بشكرك على النصيحة.

= انت يا فاتن بتمثّلي بالنسبة لنا الأمل في أننا نتخلص من التصنّع والإثارة والافتعال في التمثيل، علشان كده عايزك تكوني في دنيا تختلف عن الدنيا اللي بتعيش فيها الممثلات الآن.

* أنا أشكرك جداً على كلامك الرائع.

كان ما قيل خلال الحفلة في حق فاتن حمامة كافياً ليعيدها إلى أجواء الغرور التي أصابتها عقب نجاح «يوم سعيد» وربما أكثر، لأن الكلمات وجهت هذه المرة إلى شابة تدرك معنى كل كلمة، غير أنها كانت استوعبت الدرس الذي لقنه إياها والدها. ما إن غادرت قاعة الاحتفال، حتى نسيت تماماً ما قيل فيها، وعلى رأسها الكلمات التي وجهها إليها المخرج الفنان أحمد سالم، وسرعان ما عادت إلى حياتها ودراستها، في مدرستها الثانوية، وفي معهد التمثيل. راحت تولي اهتمامها لمستقبلها، موزعةً وقتها بين الدراسة، وبين فنها والأفلام التي تعرض عليها. من ثم، لم يكن لديها الوقت لتفكر بالأمور نفسها التي تشغل صديقاتها.

كانت تمضي «فسحة» اليوم الدراسي في سماع الكثير من قصص حب زميلاتها، والنصائح لهذه الفتاة أو تلك، وماذا تفعل كل منهن في حكاية حبها. لاحظت أنها لا تملك ما تحكيه بهذا الشأن، أو حتى تخفيه. هي تعرف الحب ومعناه اللفظي غير أنها لم تشعر به، تتحدث عنه وعن معاناته لكنها لم تعشه، تتمنى أن يصادفها ولكن تخاف منه، ليس من لوعته ومعاناته، بل أيضاً تخشى أن يؤثر في طموحاتها وأحلامها كممثلة، وربما ذلك ما جعلها تبتعد عن التفكير فيه، حتى اقتحمها فجأة ومن دون مقدمات.

أوّل حبّ

اعتادت فاتن أن تخرج من مدرسة «الأميرة فوقية» بالجيزة عصر كل يوم، تسير بصحبة زميلاتها حتى المحطة حيث يتركنها بمفردها تستقل الحافلة عائدة إلى منزلها في حي «المنيرة». لاحظت ذات يوم ضابط شرطة شاباً يتعقبها.

أدركت فاتن أنها لم تكن المرة الأولى التي ترى فيها هذا الضابط يتعقبها، منذ أن تغادر المدرسة، حتى تستقل الحافلة. لفت نظرها في البداية بسبب زيه العسكري، لكنها لاحظت أنه يبدي اهتماماً زائداً بها. شعرت بأنه ربما يكون مرتبطاً بإحدى صديقاتها، لكنها وجدت أن حركاته وسكناته تؤكد أنه يقصدها هي دون غيرها. يريد أن ينتهز أية فرصة ليتحدث إليها. فظنت أنه ربما يكون أحد هواة «معاكسة» الفتيات، لكن مظهره وجديته لا يقولان ذلك.

لم يخطر ببالها أنه يتابعها، لكنه سار خلفها خطوة بخطوة حتى بلغت المحطة... ولما وصلت إلى الحافلة صعدت إليها، فصعد في إثرها. ليس هذا فحسب، بل جلس إلى جوارها، لكنه لا يزال على صمته، إذا كان يقصدها لماذا لم يتكلم؟ ثم ماذا يريد منها؟

بدأت فاتن تشعر باضطراب وقلق لم تظهرهما، لكنه لم يستطع أن يخفي هو اضطرابه وقلقه، وظل على حالته هذه حتى جاءت محطتها ونزلت، فنزل خلفها من دون أن يتكلم، حتى غابت عن ناظريه في طريقها إلى البيت. تكرر الأمر نفسه في اليوم الثاني، إذ وجدته إزاء باب المدرسة يقف في هدوء، لكنه ينظر يميناً ويساراً، كأنه في انتظار شخص ما، وما إن شاهدها تغادر المدرسة في اتجاه المحطة حتى سار وراءها، وقبل أن تصل إلى وجهتها، وقف متردداً ثم تغلب على صمته وتقدم إليها بصوت منخفض يخنقه الخجل:

= مساء الخير.

* مساء النور... أي خدمة؟

= مش برضه حضرتك الآنسة فاتن؟

* أيوا.

= أنا اسمي كمال... ضابط بوليس.

* أيوا... أي خدمة؟ في حاجة أقدر أقدمها لحضرتك؟

= في الحقيقة... في الحقيقة كنت عايز أسالك عن أخبار الأستاذ منير والأستاذ مظهر... عاملين إيه؟ على فكرة أنا أعرفهما كويس... وهما يعرفاني.

* طب حضرتك ممكن تقابلهما شخصياً وتعرف أخبارهما.

= عندك حق طبعاً... بس أنا ظروف شغلي مش سامحة. علشان كده بارجوكي أنك توصلي الجواب ده لأخوكي.

قال الضابط جملته الأخيرة، وسلمها الورقة المطوية في يدها، ولم ينتظر إجابة أو رد فعل منها. انصرف مسرعاً، ربما خشية رد فعلها، غير أنه ما إن ابتعد عنها بمسافة، حتى استدار بوجهه ليلقى عليها نظرة أخيرة قبل أن يغيب عن ناظريها.

أمسكت الرسالة بيد مرتجفة وهي تسأل نفسها: ترى لأي واحد من شقيقيها ستعطي الرسالة؟ فقد كانت الرسالة تحمل اسمها وليس اسم أي منهما، وقد سبقته كلمات ثلاث فقط هي: إلى معبودة قلبي.

بأنامل ترتجف، وفضول غريب فضت الرسالة، وما إن قرأت الكلمات الأولى منها حتى وجدت نفسها إزاء رسالة غرام تكاد تلتهب من حرارة كلماتها. كانت عباراتها رغم الهيام الذي تنطق به منتقاة مهذبة، قرأتها مرة واثنتين وثلاثًا، فقد أرضت غرورها كأنثى، شعرت بأنها فتاة مرغوبة من الآخرين، وأن لديها الآن «قصة حب» حقيقية يمكن أن تحكيها لزميلاتها. لكن القصة لم تبدأ بعد، بل يمكن أن تنتهي قبل أن تبدأ.

لم تعتد فاتن أن تخفي أي أمر عن والديها، لكن كيف ستواجههما بهذه القصة؟ ورغم المخاطر، فإنها اتخذت قراراً بأن تطلعهما على الرسالة.

ما إن دخلت البيت، حتى توجهت إلى حجرة والدتها، ووضعت الرسالة بين يديها، وأوجزت لها ما حدث. قرأتها الوالدة، وعندما انتهت منها مزقتها، ثم جلست على حافة السرير، تلقن ابنتها درساً في كيف ينصب الشباب «الشراك» لسرقة قلوب الفتيات في مثل عمرها وعقولهن.

في اليوم التالي، كان كاتب الرسالة يقف على محطة الحافلة، في انتظار أن يعرف الرد. اقتربت فاتن ووقفت صامتة لم تلتفت إليه، بوجه متجهم صارم، فلم يجرؤ على محادثتها، ليتكرر الأمر أياماً عدة بعدها، وبالسيناريو نفسه، من دون كلمة منها أو منه، وبالوجه الصارم المتجهم نفسه، حتى أيقن أن ذلك هو الرد على رسالته، فاستولى عليه اليأس وغادر المحطة إلى غير رجعة.

رضا المعجبين

اعتادت الصحف والمجلات، المتخصصة في نشر أخبار الفنانين، أن تنشر عناوينهم أسفل الحوارات الفنية معهم، أو المقالات النقدية لأي من أفلامهم، لا لشيء سوى أن تسهل على المعجبين من القراء، التواصل مع نجومهم عبر الخطابات. وقبل أن تختفي واقعة «خطاب الضابط» من ذاكرة فاتن، فوجئت بخطاب يصل إلى البيت، موجهاً إليها ويحمل اسمها. أزالت المظروف الخارجي فوراً، وهي تتوقع أن تكون محاولة جديدة من ذلك الضابط، لكن ما إن وقعت عيناها على التوقيع حتى وجدته أحد المعجبين من القطر السوري الشقيق، شاهدها في فيلم «ملاك الرحمة» ولم تعد تفارق خياله لحظة، كما قال. ثم راح يسهب في وصف نفسه، والتحدث عن ثروته الضخمة، والتي لن يمانع أن يضعها تحت قدميها، لو أنها وافقت على الزواج منه.

ارتسمت علامات الغضب على وجه فاتن، وتوجهت بسرعة هذه المرة إلى والدها، ثم وضعت الخطاب بين يديه. ما إن قرأه حتى ابتسم وراح يضحك، فيما هي تنظر إليه في دهشة، بدلاً من أن يثور ويغضب، يضحك، فبادرته:

* حضرتك بتضحك بدل ما تقطع الجواب وتغضب؟

= واغضب ليه واقطع الجواب ليه؟ ده جواب من معجب.

* بس تجاوز حدوده وطالب...

= أيوا فاهم. وانت كمان لازم تفهمي أنك بقيتي ممثلة مشهورة... وتتوقعي أنك كل ما شهرتك تزيد هاتزيد الجوابات اللي من النوع ده. وهايجيلك كل يوم بدل الجواب عشرات الجوابات.

* بالشكل ده؟

= وأكتر... والأهم أنك لازم تردي عليهم كلهم.

* أرد عليهم؟

= أيوا لأنهم معجبينك. هم دول اللي هايصنعوا مجدك ويعملوا منك نجمة، فلازم تقدريهم زي ما هم بيقدروك.

في مساء ذلك اليوم صحبها والدها إلى مصور مشهور في منطقة غاردن سيتي، وطلب إليه التقاط خمس صور لها، في أوضاع مختلفة، وأن يطبع من كل صورة مئة نسخة. وقبل أن يثير ذلك فضول فاتن، أكّد لها أنها لا بد من أن يكون لديها صور خاصة، توزّعها على المعجبين والمعجبات، سواء بشكل شخصي، أو عبر الخطابات التي تطلب إليها ذلك.

عاد المخرجون يطلبون فاتن في أفلامهم، غير أنها كانت تترك مهمة قراءة السيناريوهات وإبداء الرأي الأخير والتعاقد لوالدها. عرض على الأخير المخرج الشاب حسن الإمام مشاركتها في فيلم بعنوان «ملائكة في جهنم» كتبه السيد بدير، وتولى بطولته كل من سراج منير، وأمينة رزق، وزوزو حمدي الحكيم، وزوز شكيب، وزميلها في معهد التمثيل فريد شوقي.

بدأت فاتن تصوير “ملائكة في جهنم” وكانت تتعامل مع أحد المصورين بود وعطف كبيرين، من منطلق إعجابها بموهبته، ولكنه فسّر ذلك على أنه إعجاب وحب متبادلين. ولم تمض سوى أيام، إلا وفوجئت به يتقدّم إلى والدها يطلب يدها للزواج. عندئذ، ثارت ثورة عارمة، وطلبت إلى والدها الاعتذار عن عدم استكمال التصوير، غير أنه أقنعها بأن ثمة طريقة «مهذبة» يمكنها بها رفض طلبه من دون جرح مشاعره، أو تعطيل العمل، وهو ما فعلته.

وقبل أن ينتهي تصوير الفيلم، فوجئ والدها بمكتشفها الأول المخرج محمد كريم يطلبها للمشاركة في بطولة «دنيا» إلى جانب النجم المتحمس جداً لموهبتها أحمد سالم، والفنانة راقية إبراهيم، ومعهما سليمان نجيب، ودولت أبيض، وجلال حرب، وشافية أحمد، والموسيقار محمود الشريف. بعده تعاقد والدها على فيلم «الملاك الأبيض» من تأليف إبراهيم عمارة وإخراجه، وإلى جانب سراج منير وزوجته ميمي شكيب، ومحمود المليجي، وزوجته علوية جميل، ومعهم حسين رياض، لتقدم فيه فاتن دور الابنة البائسة التي يطلق والدها والدتها من أجل عشيقته، ويكتشف خيانة الأخيرة فيقتلها، لتكون الفتاة ضحية مثل والدتها.

أجادت فاتن تجسيد الدور إلى حد أبهر المخرج وزملاءها في الفيلم، قبل أن يحتفي بها الجمهور ليلة العرض الأول للفيلم، لتجد نفسها لأول مرة، تقف مثل «نجمات السينما الكبيرات» وتلقى على جمهورها مجموعة صور لها تحمل توقيعها. ولم تمر أيام، حتى فوجئت بما لم تتوقعه من الصحافة الفنية في مصر.

البقية في الحلقة المقبلة

راقية إبراهيم ترشح فاتن لفيلم «ملاك الرحمة» بدلاً من اللبنانية «مرتا أجبع»

ضابط شرطة يستوقف فاتن في الطريق ليناولها أول خطاب غرامي في حياتها

أحمد سالم يحتفي بفيلم «ملاك الرحمة» ويحذر فاتن من العمل مع أنور وجدي

فاتن تغضب من خطابات المعجبين فيقرر والدها طبع «خمسمئة» صورة لها

قبل انتهاء تصوير «ملائكة في جهنم» فوجئ والدها بالمخرج محمد كريم يعرض عليها بطولة «دنيا»
back to top