خاص

المفكر الإسلامي الجزائري الجيلالي بو بكر لـ الجريدة.: الخطاب الديني الوسطي لم ينل مكانته اللائقة في العالم العربي

«العلمانية والسلفية نتاج غياب المؤسسات الدينية الرسمية عن أداء دورها»

نشر في 21-05-2018
آخر تحديث 21-05-2018 | 00:02
بو بكر متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
بو بكر متحدثاً إلى محرر «الجريدة»
يطالب المفكر الإسلامي الجزائري، الجيلالي بو بكر، أستاذ الفلسفة الإسلامية في جامعة حسيبة بوعلي بولاية شلف في الجزائر، بتوحد جميع مؤسسات المجتمع، في الهدف وطرق التنفيذ، انطلاقاً من قيمنا الدينية السمحة، مثل الحوار والتسامح والتعاون والتضامن والتعايش والمحبة، للقضاء على الفكر المتطرف، والخطاب الديني المتشدد، الذي تعانيه شعوبنا العربية والإسلامية... «الجريدة» التقت بوبكر خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، وكان معه هذا الحوار:
● ما التحديات التي تواجه الفكر والثقافة الإسلامية في بلداننا العربية؟

- أبرزها انكسار الإرادة، وانهزام العزيمة، وتلك هي الأسباب الجوهرية وراء التخلف والضياع الذي تعيشه شعوبنا العربية، والخوف من المستقبل، والخوف من الآخر، وذلك لابتعادنا عن قيمنا السمحة، وتعاليمنا الدينية، فنحن لم نتمسك بقيمنا ومبادئنا، ولم نتمسك حتى بالقيم والمبادئ التي سمحت بتقدم وازدهار الشعوب الأخرى، فلا نحن فرضنا قيمنا على العالم، ولا نحن استطعنا أن نتكيف مع الآخر، ونواكب حضارته، ونسهم فعلاً في هذا الكيان الحضاري الحديث، وبالإضافة إلى عامل الذات المنهارة التي تشكلت ويصعب علينا تجاوزها، يوجد تحدٍّ آخر، يتمثل في منظومة من القيم والمعطيات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المفروضة علينا، من الخارج، وتمثلها في نهاية المطاف العولمة، وتحتها ما يسمى بالأمركة المتصهينة.

● ما رأيك في الخطاب الديني السائد راهناً؟

- الخطاب الديني في الوقت الراهن يتعدد، بتنوع وتعدد مصادره والقائمين عليه، لكن يمكن تصنيف هذا الخطاب إلى ثلاثة أصناف: خطاب ديني سلفي متطرف متعصب ومتزمت، هو الذي أنجب حركات جهادية، تؤثر بشكل سلبي وخطير جداً على جميع المستويات في حياة الأمة العربية راهناً، فهو سبب أزمتنا ومحنتنا اليوم، وهناك خطاب ديني سلفي مسالم متواضع، لا يخلق مشاكل على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الفكري، وهناك خطاب ديني وسطي، وهو الخطاب الذي مازال يحافظ على الإسلام بتعاليمه السمحة، ومبادئه الفاضلة، التي توحد ولا تفرق وتجمع ولا تشتت.

● لماذا الخطاب المتشدد أكثر تأثيراً؟

- هذا الخطاب، يعود إلى أزمة فكر، وأزمة واقع، نظراً لأن الخطاب الوسطي لم يأخذ مكانته اللائقة به في البلاد العربية، ولم يأخذ وضعه ليؤثر بالشكل الكبير، ولا يمتلك بعد الآليات والمناهج والمعرفة التي بها يستطيع أن يسيطر، ويحقق ويضمن التوازن داخل العالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى أن المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، التي يعيشها العالم العربي، جعلت الخطاب الديني المتشدد يطفو على السطح ويؤثر بشكل أوضح، مقارنة ببقية الخطابات، بالإضافة إلى ظاهرة الفساد والاستبداد السياسي المنتشرة في المجتمع، وهذه الظواهر، لها وزنها وأثرها في التمكين للخطاب الديني السلفي المتشدد المتطرف، والذي تعاني من فكره ومن آثاره على مستوى الواقع، شعوبنا العربية والإسلامية.

● أين دور المؤسسات الدينية الرسمية؟

- هذه المؤسسات، المسؤولة عن نشر الفكر الديني الوسطي وتصديره للناس، لا تقوم بدورها بعد، مما أدى إلى تطرف البعض في الجانب العلماني، وتطرف البعض في الجانب الديني السلفي المتشدد، وفي كلتا الحالتين لم نخرج من المحنة، ومن الأزمة، ومازالت الشعوب العربية تعاني هذه المشاكل.

● برأيك كيف يكون الحل؟

- أعتقد أن الحل في منهج التفكير والبحث، في المناهج التربوية والتعليمية في كل مراحل التعليم، أيضا دور السلطة، والمؤسسات الدينية التابعة للدولة، فكل هذه الأطراف، ينبغي أن تخلق بيئة جديدة، على المستوى السياسي والفكري والاجتماعي، بحيث نعالج القضية من جذورها دينيا وفكرياً.

● رغم تعدد المشاريع الإصلاحية التي ظهرت في الوطن العربي تفشل دائماً... ما السبب؟

- لأنها لم تفقه بالقدر الصحيح، ولم تمتلك الرؤية الصحيحة للواقع، فافتقدت ما يسميه المفكر المصري حسن حنفي، نظرية التفسير، فلم تستطع أن تفسر الواقع، ولم تستطع أن تتخلص من ربقة وقيود التراث، وهناك من لم يستطع التخلص من ربقة وقيود الوافد الغربي، فاجتمعت هذه الأسباب على الحركات، فبعضها يئن تحت وطأة التراث، والآخر يئن تحت وطأة الوافد الغربي.

● ما أهمية الدين في حياتنا؟

- أهمية الدين في المجتمع، أنه يُوحِّد الناس، ويمنع الإنسان عن الإضرار بنفسه أو بالآخرين... للأسف الدين الآن فُهِم بفهوم متعددة، فتعصب أصحاب كل فهم لرأيهم، فكانت النتيجة المؤكدة هي الصدام، فصارت- بسبب التعصب- فهوم الدين، معول هدم، وليس أداة بناء.

● ما المطلوب للقضاء على الأفكار المتطرفة؟

- على المؤسسات الفاعلة في المجتمع مثل وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية المعتمدة العودة إلى فهم الدين القائم على الاحترام المتبادل بين جميع الأطراف والآراء الدينية وإعداد مشاريع ثقافية وفكرية تجمع بين الجميل والرائع في موروثنا الإسلامي والثقافي ومعالجة المشكلات بالعقل وقيم الدين الذي بنى حضارة وثقافة راقية يشهد لها التاريخ، وعدم إقحام الدين في السياسة وتحويله إلى عمل حزبي كما نشاهد في جميع البلدان العربية والإسلامية، فالدين صار مطية لتحقيق مآرب خاصة أو لضمان أهداف ربما خارجية لا صلة لها بواقعنا المعاصر.

back to top