«إنجي أفلاطون» يحصد جائزة المجلس الدولي للمتاحف

• نجح في التواصل المجتمعي مع أبناء حي «السيدة زينب الشعبي

نشر في 21-05-2018
آخر تحديث 21-05-2018 | 00:03
«هكذا الإنسان.. يستطيع أن يتأقلمَ ويتكيف مع أي ظروف صعبة تحيط به، ما دام قوياً وإنساناً. إننا هنا وفي السجن عالم القيود والسدود، في عالم لا قيمة فيه للحقوق ولا قيمة فيه لحياة الإنسان... ما زالت كلمات الفنانة التشكيلية الراحلة إنجي أفلاطون تعكس وتلخص فلسفتها الفنية، وها هو متحفها يحصد اليوم جائزة كبرى بعد مرور 29 عاماً على رحيلها.
منح مجلس إدارة اللجنة الوطنية المصرية للمجلس الدولي للمتاحف، متحف «إنجي أفلاطون المقام في حي «السيدة زينب الشعبي (وسط القاهرة)، جائزة متحف العام في فئة «التواصل المجتمعي.

وقالت مديرة المتحف، الفنانة مي عصام إن متحف إنجي أفلاطون يعتبر رائداً في تجربة التفاعل الإيجابي بين الجهات الحكومية، وتديره وتشرف عليه وزارة الثقافة متمثلة في قطاع الفنون التشكيلية وصندوق التنمية الثقافية، ويخضع المبنى لإشراف وزارة الآثار من جهة أخرى، ليمثل المتحف صورة متميزة للتناغم والتعاون من أجل الخروج بتجربة متحفية ناجحة ومؤثرة في محيطها الاجتماعي.

وتابعت: «هو أول متحف فني على مستوى الشرق الأوسط يُخصص بكامله لفنانة تعزيزاً وتقديراً لدور المرأة الفاعل من خلال الفن لغرس مفاهيم ورسالة تدعم الجانب الفني والثقافي في منطقة السيدة زينب. وهذه الرسالة يمكن الوقوف على نجاحها من خلال تزايد أعداد المتطوعين من أبناء المنطقة، وهم جنود وشركاء في هذا الإنجاز.

يُشار إلى أن المتحف افتتحه لأول مرة في قصر الأمير طاز عام 2011، وزير الثقافة المصري آنذاك الدكتور عماد أبو غازي، وتُعد الفنانة إنجي أفلاطون (1924 - 1989) واحدة من رائدات الإبداع في مصر، وهي سيدة أرستقراطية اهتمت بالفقراء والبسطاء، خصوصاً في الريف، واعتقلت بسبب أعمالها الفنية التي حملت نقداً لاذعاً ومناصرةً لطبقة الفقراء، وأنتجت خلال فترة الاعتقال أعمالاً رائعة تصوِّر مأساة هذه الطبقة، وكانت هذه اللوحات السبب في شهرتها، ما أسهم في تعريف المتخصصين وعامة الناس بها.

ويضم سيناريو العرض المتحفي 60 لوحة من أعمالها، يتم تغييرها كل فترة، بالإضافة إلى مجموعة من المقتنيات الشخصية القيمة، كحامل الرسم الخاص بها، وأدوات الرسم وبعض الأكسسوارات، ويعرض المتحف لزواره فيلماً وثائقياً عن حياتها.

الواقع المرير

استلهمت إنجي أفلاطون لوحاتها من واقع الطبقة الكادحة المصرية مثل الفلاحين والحرفيين والعمَّال، وركزت على النساء في كفاحهن اليومي. وفي عام 1956، التقت الفنان المكسيكي، رسام الجداريات، دافيد ألفارو سيكيروس، خلال زيارته مصر، الذي تميزت لوحاته بأسلوب واقعي اجتماعي، صادف هوىً كبيراً لدى إنجي المناضلة، وترك وقعاً عميقاً في روحها، حتى صوّرت خلال فترة الاعتقال الواقع المرير في السجن، مثل النساء في المهاجع أو خلف القضبان.

وفي أواخر فترة سجنها تخلت أفلاطون عن الأسلوب الواقعي الاجتماعي وبدأت تنفذ أعمالاً تشير إلى الحرية غير المحدودة، كالأشجار والمراكب الشراعية، وبعد الإفراج عنها أصبح أسلوبها أكثر خفة، مستخدمة الألوان الحية في تصوير الريف والكادحين المصريين العاملين بـ«اليومية.

ابنة العائلة الارستقراطية

وُلدت إنجي أفلاطون عام 1924 لعائلة ارستقراطية ناطقة بالفرنسية. كان والدها حسن أفلاطون عميد كلية العلوم في جامعة القاهرة، ومؤسس قسم «علم الحشرات» فيها، وهي شاركت والدتها صالحة أفلاطون أنشطة وفعاليات اللجنة النسائية بمنظمة الهلال الأحمر المصري، كذلك افتتحت والدتها داراً للأزياء في القاهرة، فتأثرت بها وبعزمها في العمل كامرأة مطلقة، وشكّل هذا الأمر مصدر إلهام لها.

افترق والداها حين كانت وشقيقتها الأكبر غولبري في سن مبكرة. التحقت إنجي بمدرسة «القلب المقدس» في القاهرة ثم بالثانوية الفرنسية، حيث اهتمت بشدة بالأدب والتاريخ السياسي، وتعرفت إلى النظرية الماركسية، حتى صارت في بداية الأربعينيات من أولى النساء اللواتي التحقن بكلية الفنون في جامعة القاهرة، وأظهرت خلال فترة تعليمها اهتماماً كبيراً في الفن، ومنذ عام 1940 تدرّبت إنجي أفلاطون على يد الرسام والمخرج السينمائي كامل التلمساني، الذي تميز بأعماله الفنية الاحتجاجية والساخرة من الأعراف الاجتماعية.

إنجي أفلاطون اعتقلت بسبب أعمالها الفنية التي حملت نقداً لاذعاً ومناصرةً لطبقة الفقراء
back to top