أوروبا تبدأ حماية شركاتها وواشنطن تدشن تحالفاً ضد إيران

● ظريف يعود خالي الوفاض
● ماكرون: لن نصبح حلفاء طهران ولن نخوض حرباً تجارية مع واشنطن

نشر في 19-05-2018
آخر تحديث 19-05-2018 | 00:03
ميركل تتوسط رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف ورئيس كوسوفو هاشم ثاتشي والرئيس الصربي ألكسندر فوسيك قبيل انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان في صوفيا أمس الأول (أ ف ب)
ميركل تتوسط رئيس الوزراء البلغاري بويكو بوريسوف ورئيس كوسوفو هاشم ثاتشي والرئيس الصربي ألكسندر فوسيك قبيل انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي وغرب البلقان في صوفيا أمس الأول (أ ف ب)
أطلق الاتحاد الأوروبي أمس إجراء معقداً لتجنيب شركاته العاملة مع إيران العقوبات الأميركية، التي أعادت واشنطن فرضها أخيراً، في وقت يدشن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحالفاً دولياً، مناهضة لسياسات النظام الإيراني على غرار التحالف الذي تقوده بلاده ضد تنظيم «داعش».
في محاولة لتفادي العقوبات الأميركية، التي أعادت واشنطن فرضها بعد انسحابها من الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني، ذكرت المفوضية الأوروبية أمس، أنها بدأت عملية تجديد إجراء لحجب العقوبات من أجل حماية أنشطة الشركات الأوروبية في إيران.

وقالت المفوضية، في بيان، إنها «أطلقت العملية الرسمية لتفعيل نظام الحجب الأساسي عن طريق تحديث قائمة العقوبات الأميركية على إيران الواقعة في نطاق اختصاصه»، مشيرة إلى قواعد أصلية أصدرها الاتحاد الأوروبي في 1996. وأضافت المفوضية، أن الإجراء سيدخل حيز التنفيذ في غضون شهرين ما لم يرفضه البرلمان الأوروبي، وحكومات الاتحاد الأوروبي رسمياً، لكن يمكن تفعيله على نحو أسرع، إذا توافر دعم سياسي قوي.

خالي الوفاض

في الأثناء، أكد أحد الدبلوماسيين المرافقين لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن الأخير عاد خالي الوفاض من رحلته إلى بكين وموسكو وبروكسل مقر الاتحاد الأوروبي.

ولفت المصدر، إلى أن جميع الدول أكدت موقفها المتمثل بضرورة استمرار الاتفاق النووي، لكنها لم تعط الجانب الإيراني أي ضمانة بأنها سوف تقف في مواجهة الولايات المتحدة إذا أصرت على تنفيذ عقوباتها.

وأضاف المصدر أن الروس أبلغوا الإيرانيين أنهم يتصورون أن طهران يجب أن تقوم ببعض الإجراءات الإضافية للإبقاء على الاتفاق، مثل وقف تجاربها للصواريخ البالستية، وسحب قواتها من دول الجوار حيث يمكنها أن تبقي على نفوذها السياسي في هذه الدول.

وذكر أن بكين أبلغت ظريف أنهم ليسوا على استعداد لدخول حرب اقتصادية مع واشنطن، لكنهم سوف يستمرون بشراء البترول الإيراني والتبادل التجاري لأطول فترة ممكنة.

وكشف المصدر، أن ظريف عرض على روسيا والصين القيام بتأسيس مصرف في هونغ كونغ يقوم بالتعامل التجاري بين الدول التي تقوم الولايات المتحدة بمعاقبتها، ولا يقوم هذا المصرف بالتعامل مع أي مؤسسات تتعامل مع واشنطن وتقوم جميع الدول التي تريد التعامل مع إيران بالتعامل عبر هذا المصرف.

وأبلغ الروس والصينيون ظريف بأنهم سوف يقومون بدراسة المقترح، لكن لا يمكنهم أن يعطوا أي موافقة في الوقت الحالي.

وأكد المصدر أن الأوروبيين أطلعوا ظريف على ضرورة التزام بلاده ببنود المعاهدة التي تقلص نشاطها النووي حتى يتمكنوا من الوصول إلى حل لإنقاذ الاتفاق، لكنهم لم يعطوه أي ضمانات لتنفيذ تعهداتهم بالاتفاق النووي.

وأشار المصدر إلى أن الأوروبيين عادوا وعرضوا على ظريف أن تقبل بلاده بالجلوس على طاولة المفاوضات لمناقشة مخاوف المجتمع الدولي المتعلقة بنشاطها الباليستي ونفوذها في المنطقة.

ولفت إلى الدول الباقية في الاتفاق، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وروسيا الصين، تعهدت بالحيلولة دون استصدار واشنطن لقرار دولي بالعقوبات أحادية الجانب، التي أعادت فرضها على طهران.

وجاء ذلك في وقت يبدو أن الدول الأوروبية رفضت إعطاء طهران الضمانات، التي طلبتها، خلال مهلة 60 يوماص، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق.

تحالف مناهض

في المقابل، يدشن بعد غد الاثنين وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو تحالفاً دولياً لمناهضة سياسات إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة بعد أيام من انسحاب بلاده من الاتفاق النووي في خطوة أثارت غضب العديد من حلفائها.

وسيقوم بومبيو بتفصيل فكرة التحالف في أول خطاب له حول السياسة الخارجية منذ توليه منصبه في نهاية أبريل، وسيتحدث في شكل خاص عن إيران و»كيفية المضي قدماً».

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية هيذر ناورت في واشنطن: «ستعمل الولايات المتحدة بجد لبناء تحالف»، مضيفاً «سنجمع بلداناً

ً كثيرة حول العالم لهدف محدد هو مراقبة النظام الإيراني من خلال منظور أكثر واقعية، ليس من خلال منظور الاتفاق النووي فقط، بل من خلال كل أنشطته المزعزعة للاستقرار، التي لا تشكل تهديداً للمنطقة فحسب بل للعالم أجمع».

وتابعت: «هذا ليس ائتلافاً معادياً لطهران. نحن نميز بوضوح بين الشعب الإيراني والنظام»، موضحة أن «الأمر يتعلق بالنظام الإيراني وبأفعاله السيئة».

وأعطت ناورت مثال التحالف الدولي ضد جهاديي تنظيم «الدولة الإسلامية» المعروف بـ»داعش» في العراق وسورية، الذي أطلق عام 2014 ويضم حالياً 75 دولة أو مؤسسة. وهذا التحالف بقيادة واشنطن يتدخل عسكرياً لمحاربة التنظيم المتطرف الذي هُزم تقريباً على الأرض.

استفادة روسية

في غضون ذلك، أعرب قيادي في الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، عن اعتقاده بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو الفائز في الخلاف بين أوروبا والولايات المتحدة حول الاتفاق النووي مع إيران.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، نوربرت روتجن، قبيل زيارة ميركل لروسيا أمس: «الدمار لم يعد يحدث من طرف واحد. إنه يأتي الآن من الشرق والغرب، كما يوجد داخل الغرب».

وذكر روتجن أن انعدام الاستقرار الناجم عن ذلك يؤدي إلى جعل بوتين مستفيداً من الوضع الجديد، وقال: «أعتقد أن فلاديمير بوتين لا يملك نفسه من السعادة الآن».

ولأول مرة منذ فترة طويلة، أصبحت هناك بذلك قضية في السياسة الخارجية تجعل ألمانيا متقاربة مع روسيا أكثر من الولايات المتحدة.

ومن المرجح أن تكون قضية الاتفاق النووي ضمن القضايا المهمة التي ناقشتها ميركل مع بوتين خلال اجتماعهما أمس في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود قبل نحو أسبوع من زيارة مماثلة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أحد أهم المدافعين عن الاتفاق مع إيران.

دفاع فرنسي

وفي وقت سابق، شدد الرئيس الفرنسي في صوفيا على أن الأولوية بالنسبة لفرنسا هي إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط وليس البحث عن «مصالح تجارية»، عندما تسعى إلى الحفاظ على الاتفاق النووي المبرم بين طهران والقوى الكبرى في 2015.

وقال ماكرون في ختام قمة للاتحاد الأوروبي ودول البلقان في صوفيا: «المسألة أولاً جيوسياسية. لن نصبح حلفاء لإيران ضد الولايات المتحدة! ولن نشن حرباً تجارية مع الولايات المتحدة بشأن طهران، كما لن نفرض عقوبات مضادة على شركات أميركية». وأضاف: «العواقب غير المباشرة للقرار الأميركي ستعزز موقعي روسيا والصين في المنطقة وبالتالي شركات البلدين». وتابع: «لكن أولويتي هي القيام بكل ما يمكن لانفتاح المجتمع الإيراني».

بوتين يلتقي ميركل مع «تقارب نادر»
back to top