شوشرة: يا فاسد!

نشر في 12-05-2018
آخر تحديث 12-05-2018 | 00:08
 د. مبارك العبدالهادي الفساد وما أدراك ما الفساد، ملف أصيب بالتخمة، بل أرهقته السمنة المفرطة التي حملت ملفات يشيب لها الرأس، لتقرع عندها طبول الحرب وأجراس الإنذار، والسبب شلة فاسدة أو فاسد متنفذ أو مفسد مساعد أو مرتش لا يهمهم مصلحة الوطن مقابل الملايين التي انتفخت بها كروشهم، وذابت لها جوارحهم، وانكشفت لها مجارير الصرف الصحي بعد أن فاحت رائحتهم النتنة في مختلف المجالات والميادين.

"فاسد" كلمة واسعة المعاني، ولكل معنى إسقاط حسب أخلاقيات المفسد أو صاحب الكرش المنتفخ من أموال الحرام الذي يبحث عن متعته ضمن هذا الملف الكبير، وعندما تذكر كلمة "فاسد" ترى من يبتسم بل يتفاخر لأنها تلامس أخلاقياته فيخرج على الشاشات مدافعا عن سرقاته، وهناك من يغضب لأنه فاسد في جمعية تعاونية أو جمعية نفع عام أو ناد أو جهة حكومية وقطاع خاص وغيره.

كما أن مؤشرات الفساد التي تصدر عادة عن الجهات الأممية المختصة تكشف عن معدلات الفساد في الدول المتقدمة ودول العالم الثالث، فيبدو المؤشر لدينا طبعاً كحال مؤشرات خطر الكهرباء في كل صيف والتي تحذر من الانقطاعات بسبب المؤشرات العالية لاستخدامها، خصوصا في شهر رمضان مع درجة حرارة قريبة من الشواء.

والدول المتقدمة تحارب الفساد والمفسدين فتجعل حاويات القمامة مسكنا لهم، ولكن الفساد في دول العالم الثالث يصل إلى الحاويات بطريقة أخرى، وهي حصول الفاسدين على مناقصات هذه الحاويات ودفع الرشا من أجل الحصول عليها.

الدول تتقدم في مكافحة الفساد وترتقي في خدماتها وإنجازاتها، في حين دول العالم الثالث لا تزال مكانك راوح، بل تكافئ الفاسدين رغم انكشاف حقيقتهم أمام الجميع، ولكن بكل فخر واعتزاز فإن قضاءنا ينتصر كعادته لمحاسبة هؤلاء.

أما الفاسد وشلة الأنس الذين تحدثنا عنهم في وقت سابق، والذين حولوا الجمعية إلى مرتع لهم فأصبحت رائحتهم كالمجرور المحمل بالغازات السامة، لأنهم يتأثرون بما تعانيه منطقتهم من رائحة المجاري وقت الرطوبة، حتى أن أنوفهم اعتادت عليها، فإنه وشركاءه يتبادلون تنفيس الغازات في دواوين المؤمرات دون حياء، لذلك علينا أن نتعلم بجدية من الدول التي تصدت للفساد واحتلت المراتب الأولى في مكافحته بعد أن كانت تعانيه أعواما، وليس من أجل تجميل الصورة أمام الدول الأخرى.

وصور الفساد لدينا كثيرة ومتنوعة، طالت العديد من المرافق، وخضع لها بعض أصحاب النفوس الرديئة الذين لا يهمهم بناء وطن بقدر تضخم حساباتهم، فحوّلوا بعض المنافع إلى منافذ لهم لجمع الأموال مقابل تجميد مصالح الآخرين وفتح باب الرشوة للحصول على الحقوق غير المشروعة، وهناك من وضع أموال المساهمين في بعض التعاونيات في حساباتهم الشخصية دون حياء، حاملين شعار "من أمن العقوبة أساء الأدب".

والسؤال هنا: من سترسو عليه مناقصة حاويات الفساد لعلها تكون الملاذ الأخير لجمع كل الفاسدين في مكان واحد أمام مرأى الجميع حتى ينتهي هذا المسلسل الطويل، وترتفع المؤشرات لنواكب الدول المتطورة، ونصبح في مصافها لتحقيق خطوات إصلاح جادة في المستقبل، وبناء وطن بلا فساد بعيداً عن المتنفعين المفسدين الذين حولوه إلى عزبة خاصة لملذاتهم ودمروا طموحات أبنائه الذين يحلمون بالمشاركة في مرحلة البناء والتطور؟

آخر الكلام:

"الثائر الحق هو من يثور لهدم الفساد، ثم يهدأ لبناء الأمجاد". محمد متولي الشعراوي.

back to top