حشوات الأسنان الفضية... معلومات خفيّة

نشر في 01-05-2018
آخر تحديث 01-05-2018 | 00:00
No Image Caption
كانت حشوات الأسنان «الفضية» التي تحتوي على الزئبق تُعتبَر آمنة على اعتبار أن الأخير يبقى محصوراً داخل المادة المستعملة.
لكن يشير بحث جديد إلى أن الزئبق ينعكس سلباً على الدماغ والقلب والكلى والرئتين وجهاز المناعة. ربما يتعلق أخطر جزء من الاكتشافات الجديدة باحتمال وصول الزئبق إلى مجرى الدم وتحوّله في الأمعاء إلى ميثيل الزئبق السام.
لم يكن يُسمَح لأطباء الأسنان بالكشف عن احتواء الحشوات الملغمية على 05% من الزئبق، لكنهم بدأوا يتجهون تدريجاً إلى استعمال مواد أكثر أماناً. رغم التعتيم على هذه المعلومات سابقاً، بدأت المخاوف من مخاطر الحشوات الملغمية تزداد خلال الثمانينيات، حين تبيّن أنها تبثّ بخار الزئبق الذي يتجمّع في الكلى.

تأتي الدراسة الجديدة التي أجراها باحثون في جامعة جورجيا لتبرير تلك المخاوف. حلّل العلماء بيانات مأخوذة من دراستين شارك فيهما 14703 أشخاص وقارنوا بين كمية الزئبق في دمهم وبين عدد الحشوات التي يضعها كل مشارك.

قيّم الباحثون أيضاً عوامل أخرى تزيد مستويات الزئبق داخل الجسم، بما في ذلك البيئة المحيطة وكمية السمك في الحمية الغذائية. بناء على ذلك، رصدوا رابطاً مباشراً بين الحشوات الملغمية وبين كمية ميثيل الزئبق في الدم.

لكن رغم زيادة مستويات ميثيل الزئبق خلال الفترة الفاصلة بين الدراستين لم يرتفع عدد الحشوات المستعملة، ما يشير إلى أن الأمعاء ربما تُحوّل الزئبق الأصلي إلى ميثيل.

من المعروف أن الزئبق عنصر سام، لكن يتوقّف الوضع العام على الجرعة المـأخوذة. لا بـأس مثلاً بوضع حشوة أسنان واحدة. لكن إذا تجاوز عددها الثماني حشوات، سيرتفع خطر التعرّض لآثار معاكسة، تحديداً إذا كانت الحمية الغذائية تشمل أكل السمك بشكل متكرر على مرّ الأسبوع، أو إذا تعرّض الناس للزئبق في بيئتهم المهنية.

كميات الزئبق تتراكم

ربما تكون الحشوات الملغمية وحدها كافية لترفع مستويات ميثيل الزئبق بدرجة استثنائية في الدم. تعتبر منظمة الصحة العالمية أن الحشوات الملغمية أهم مصدر للزئبق في أجسامنا لأنها تنتج أربعة أضعاف الكمية التي قد تعطيها الأسماك. كذلك اكتشفت دراسة جديدة أن عملية إطلاق الزئبق تبدأ بعد يوم على وضع الحشوة، ما يعارض الفكرة القائلة إن هذه العملية ترتبط بالحشوات القديمة والمهترئة.

استنتاج بديهي

ما هي الأضرار الصحية التي يسببها الزئبق إذاً؟ تتعدّد المتغيرات التي ترتبط بأسلوب الحياة وتسمح بإقامة رابط سببي مباشر بين مستويات الزئبق وبين مختلف الأمراض. لكن من المنطقي أن نصدّق أنّ وجود واحد من أبرز العناصر السامة داخل جسمنا يسبّب الأضرار. إنه استنتاج بديهي وتصبّ الأدلة المتاحة كافة في الاتجاه نفسه.

من المعروف أن التسمم بالزئبق قد يضرّ الدماغ والكلى والرئتين، وتشمل الأعراض المحتملة اختلال النظر والسمع والنطق والتنسيق بين العضلات. يقال أيضاً إن الزئبق يؤثر في أمراض المناعة الذاتية والاضطرابات العصبية مثل الألزهايمر والتصلب المتعدد.

وفق تجربة مخبرية أجرتها جامعة «كالغاري» الكندية، حين تتعرض الخلايا العصبية لأيونات الزئبق، يعوق المعدن عمل غشائها ومعدلات نموها ويفكك البروتينات الخلوية. كذلك تشكّل الخلايا العصبية المتضررة أنماطاً غير طبيعية كتلك التي يسجّلها مرضى الألزهايمر.

على صعيد آخر، يعترف بعض الأشخاص الذين نزعوا الحشوات الملغمية من أسنانهم بأنهم لاحظوا تحسناً مفاجئاً في مشاكلهم الصحية المزمنة مثل ألم الصدر، والاكتئاب، والتعب، واضطرابات الجهاز الهضمي، والصداع النصفي، والتصلب المتعدد، وضعف الذاكرة، واختلال ضربات القلب.

تبرز أدلة أخرى من عيادات الأسنان. قال بعض العاملين في هذه الأماكن إنهم يتعبون ويواجهون اضطرابات عصبية ونفسية ومشاكل في النوم أكثر من العاملين الذين لا يتعرضون للزئبق دوماً في قطاع الرعاية الصحية.

ربما لا تظهر أي أدلة قاطعة حول مسؤولية الزئبق الموجود في حشوات الأسنان عن المشاكل الصحية الحادة، لكن ثمة أدلة كافية كي نتساءل: ما الذي يدفعنا إلى أخذ هذه المجازفة ما دامت الخيارات الآمنة متاحة؟

back to top