صواريخ روسيا الجديدة قد تكون موجهة شرقاً

نشر في 23-04-2018
آخر تحديث 23-04-2018 | 00:05
 معهد الولايات المتحدة البحري خصص بوتين خطابه عن حالة روسيا في شهر مارس عام 2018 لسلسلة من خمسة أسلحة استراتيجية "جديدة" مذهلة، مع أن الغرب يعرفها كلها منذ سنوات: صواريخ سارمات البالستية، ومركبة مناوِرة خارقة للصوت رائدة، وصاروخ كينجال الجوال الخارق للصوت الذي يُطلق جواً، ومركبة ستاتوس-6 الغواصة غير المأهولة التي تُشغَّل نووياً، وصاروخ جوال يشغّل نووياً. كان لهذه الأسلحة الخمسة كلها أسلاف خلال الحرب الباردة، ولكن وحده الصاروخ الجوال استقطب اهتمام وسائل الإعلام، مع أن المحللين كانوا على علم بوجود خلاف هذه الوسائل، ورغم إعلان بوتين أن بعض هذه الأسلحة جاهز للعمل و"لا يُقهر"، فإنه شرح ملاحظاته مستعيناً برسومات على شرائح لا صور فعلية لهذه الأسلحة.

من الواضح أن بوتين ما زال يؤمن عموماً بما تعلمه عندما كان عميلاً شاباً في جهاز الاستخبارات السوفياتي KGB عن أن الغرب ومجتمعاته المنفتحة تشكّل خطراً مميتاً يهدد روسيا.

يعود هذا الخليط من الافتتان بالغرب والكره لانفتاحه إلى مئات السنوات الماضية، فلطالما تساءل مَن أرادوا مقاومة التحرر الغربي: هل من الممكن تحصين روسيا ضد هذه العدوى أم أن من الضروري أن تأخذ المبادرة؟ لكن هذا الخوف لا يفسّر بالكامل تشديد بوتين على الأسلحة النووية في خطابه.

ربما يقع مَن كان يتوجه إليهم شرقاً في الصين، فطوال سنوات عزز الحزب الشيوعي الصيني حساً قومياً قوياً يقوم على فكرة أن الصين مُزّقت مراراً على أيدي قوى أجنبية، وتُعتبر عداوة هذا البلد مع اليابان واستعادتها بنجاح هونغ كونغ وماكاو من الأمثلة الأبرز على ذلك، ولا تزال الخرائط الصينية تُظهر إحدى نتائج "المعاهدات المجحفة" بين سلالة كينغ والقوى الأجنبية: امتلاك روسيا مساحات شاسعة من سيبيريا الصينية، حيث يعيش اليوم كثيرون ممن ينتمون إلى الاثنية الصينية.

صحيح أن روسيا والصين تعلنان اليوم صداقتهما، لكن السؤال الذي ينشأ للغرب وروسيا على حد سواء: ما مدى عمق هذه الصداقة؟ عندما بدأت الحكومة الروسية ببيع أسلحة عصرية إلى الصين في تسعينيات القرن الماضي، أعرب روس كثر عن قلقهم. أما اليوم فما عادت هذه التجارة بالأهمية ذاتها بالنسبة إلى الصناعة العسكرية الصينية المتطورة. ويدرك روس كثيرون الواقع الخطير عن أن الجيش الروسي يفتقر إلى العديد، في حين تملك الصين فيضاً لامتناهياً من العديد يُضاف إليه عتاد يزداد تطوراً.

يختبر الصينيون أنظمة لاعتراض الصواريخ البالستية منذ عام 2010 على أقل تقدير، علماً أنهم أجروا آخر هذه الاختبارات في شهر فبراير عام 2018، وربما اعتبرت روسيا اختبار فبراير تهديداً لأصولها العسكرية الأكثر أهمية: أسلحتها النووية.

في هذا الإطار قد تكون رسالة بوتين، إذاً، موجهة إلى بكين أكثر منه إلى واشنطن، فربما يعتبر الصواريخ الجوالة النووية وسيلة لزيادة قدرة روسيا على مهاجمة الصين، منتقلةً فوق منطقة واسعة وناشرة الفضلات المشعة وهي في طريقها للانفجار، من دون انتهاك المعاهدات التي تحد من حجم ترسانة روسيا الاستراتيجية.

يفضّل بوتين على الأرجح ردع الصين عن مهاجمتها، لكن أهدافه تتخطى على الأرجح التدمير المتبادل الأكيد الذي حال دون نشوب حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا. يحتاج بوتين إلى منع الصين من محاولة تقويض سيطرة روسيا في سيبيريا، ولا شك أن جيشه المتقلص لن يعود عليه بالفائدة في هذا المجال، قد لا يكون نظام الدفاع الاستراتيجي الروسي حول موسكو كافياً للدفاع ضد هجوم شامل تشنه الولايات المتحدة، ولكن يظن بوتين على الأرجح أنه كافٍ لصد اعتداء صغير تنفذه الأسلحة الاستراتيجية الصينية المحدودة العدد، وقد يعتقد في الغالب أن تفوق روسيا الكبير في الرؤوس الحربية قد يقود إلى حرب نووية يمكن خوضها والفوز فيها.

* نورمان فريدمان

*«معهد الولايات المتحدة البحري»

back to top