المثالب الدستورية في «تعارض المصالح» (3)

• القوانين الجزائية لا تسري بأثر رجعي على الماضي ولو بإجماع آراء الأعضاء
• القانون وقع في مأزق دستوري بعدم سريانه على الإيداعات المليونية التي كانت هدفاً له

نشر في 22-04-2018
آخر تحديث 22-04-2018 | 00:00
تناول المستشار والخبير الدستوري شفيق إمام مثالب قانون تعارض المصالح في مقال له نشر على صفحات «الجريدة» في 25 مارس الماضي تحت عنوان «جعلونى مجرماً في قانون حظر تعارض المصالح»، تلته دراسة نشرت الحلقتان الأولى والثانية منها على صفحات الجريدة يومي 1 و2 ابريل الجاري، وجاء في الحلقة الأولي المبحث الأول تحت عنوان «قانون حظر تعارض المصالح تنقيح للدستور»، الذي أبان أن القانون قد خالف احكام المواد 121، 131 من الدستور، الأمر الذي يعتبر تنقيحا للدستور بغير الإجراءات والقواعد التي نصت عليها المادة (174) منه، بما ينطوي على مخالفة لأحكامها.

ثم تناول المبحث الثاني في الحلقة الثانية من هذه الدراسة مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والنصوص الدستورية ذات العلاقة، حيث استعرض مبادئ الشريعة الإسلامية التي تقضى بأن الإنسان لا يسأل الا عن فعله ولا يؤخذ امرؤ بجريرة غيره، والمبادئ الدستورية التي تقضى بأن العقوبة شخصية، الامر الذي يستتبع ان تكون المسؤولية الجزائية شخصية، وان القوانين الجزائية يجب ضبطها بقواعد صارمة، بحسبان ما تفرضه من قيود على حق الملكية ورأس المال اللذين جعلهما الدستور من المقومات الاساسية لكيان الدولة الاجتماعي، وما يتمخض عنه تطبيق المواد 3 و4 و5 و11 من قانون حظر التعارض من عدوان على حق الملكية الذي صانه الدستور.

وفي هذه الحلقة، يواصل المستشار إمام دراسته ليتناول في المبحث الثالث من هذه الدراسة، مخالفة احكام المادة 32 من الدستور، فضلا عن المبادئ الدستورية والشرعية والقانونية في شرعية التجريم والعقاب، وكان قد ارجأ استكمال نشر هذه الدراسة، حتى يتم نشر القانون في الجريدة الرسمية، بعد ان فشلت بعض الجهود في تقديم طلب من المجلس الى رئيس الدولة، لرد القانون إلى المجلس لإعادة النظر فيه، وقد حال دون نجاح هذه الجهود إصرار عدد كبير من الأعضاء على صدور القانون وتفعيله، وأن يأتي تعديل القصور التشريعي فيه بعد ذلك ليسرى بأثر رجعى على قضية الايداعات المليونية، التي حفظت النيابة العامة التحقيق فيها منذ سنوات، لذلك حرص على تناول هذا الأثر الرجعي لإنارة الطريق أمام أى تعديل تشريعي للقانون لمخالفة هذا الأثر لأحكام المادة (32) من الدستور.

المبحث الثالث مخالفة قانون الحظر لأحكام المادة 32 من الدستور

فيما تنص عليه هذه المادة من أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب الا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها".

وهو نص يرسي الركيزة الأساسية والأولى في شرعية التجريم والعقاب، وهي ان المصدر الرئيسي والوحيد للجريمة او العقوبة كأصل عام هو القانون، مع جواز صدور لوائح – بناء على تفويض القانون- في إيقاع بعض العقوبات البسيطة في جرائم محدودة الأهمية والخطورة، وهذه هي الدلالة الأولى للنص.

إلا ان للنص دلالتين أخريين هما:

الدلالة الثانية: عدم رجعية القوانين الجزائية، وهى دلالة ترتبط بالمبدأ السابق، وهو شرعية التجريم والعقاب.

الدلالة الثالثة: لا عقاب الا على الأفعال، وهو الركن المادي للجريمة.

وسوف نقتصر في هذه الحلقة على الدلالتين الأولى والثانية، في سياق تناول القانون رقم 13 لسنة 2018 بشأن حظر تعارض المصالح، مع ترك الركن المادي للحلقة التالية:

الدلالة الأولى: لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون

ودلالة هذه العبارة – كما وردت في المادة (32) - أن القانون هو المصدر الرئيسي والوحيد لكل من الجريمة والعقوبة، فالقانون هو وحده الذي يملك أن يحول قاعدة من قواعد الاخلاق التي تسود في علاقات الناس بعضهم ببعض، والتي يثاب عليها من التزم بها، وينال جزاءه في الآخرة من أخل بها او خالفها، من قاعدة أخلاقية الى قاعدة قانونية، يترتب على مخالفتها جزاءٌ دنيوي هو العقوبة، التي يجب أن يكون مصدرها القانون.

ويمثل النص العقابي الذي يشتمل على الجريمة وعقوبتها الركن الشرعي في الجريمة، وبدون النص على الجريمة او على عقوبتها ينهار الركن الشرعي في الجريمة.

وفى هذا السياق يقرر القضاء الدستوري:

1 - وجوب تحديد المشرع للجرائم المعاقب عليها تحديدا قاطعا (المحكمة الدستورية في مصر جلسة 6/3/1976-ق رقم 8 لسنة 8 دستورية).

2 - وجوب ان يحدد المشرع لكل جريمة عقوبتها، بما يتناسب مع الأفعال التي أثّمها، لأن القانون الجنائي في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم العلائق التي يرتبط بها الأفراد فيما بين بعضهم البعض أو من خلال مجتمعهم، إنما يتغيا القانون في تقدير العقوبة معقوليتها من منظور اجتماعي.

(المحكمة الدستورية- في مصر جلسة 4/1/1997- القضية رقم 21 لسنة 17ق دستورية)

القضاة يوقعون العقوبة ولا يشرعونها

وقد بلغ حرص الدستور على الالتزام بالركن الشرعي في العقوبة، والذي يتمثل في وجوب تحديد القانون لها، ان التزم الدستور ذاته بذلك في المادة (19) فيما تنص عليه من انه "... لا تكون عقوبة المصادرة الخاصة (للاموال) إلا بحكم قضائي، في الأحوال المبينة بالقانون"، رغم ان الدستور هو الذي نهى عن المصادرة الخاصة للأموال إلا بضمانات ثلاث حددها في هذه المادة، هي:

(الأولى): ان يكون تقرير المصادرة الخاصة للأموال بحكم قضائي، وهي الضمانة التي اكتفى بها دستور مصر فيما نصت عليه المادة (40) منه انه "لا تجوز المصادرة الخاصة، الا بحكم قضائي".

وغابت عن الدستور المصري الضمانتان الآخريان اللتان وردتا في المادة (18) من دستور الكويت، وهما:

- الوصف الذي خلعته المادة (18) على المصادرة بأنها عقوبة ليخلع على الأموال التي تجوز مصادرتها الحصانة التي قررتها المادة (32) من الدستور بعدم توقيع عقوبة المصادرة الا عن الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها.

- عدم توقيع هذه العقوبة إلا في الأحوال المبينة في القانون، بالرغم من أن الدستور أبو القوانين واسماها مرتبة هو الذي أجاز توقيع هذه العقوبة.

مأزق قانون التعارضفي مواجهة القاعدة

وقع قانون حظر تعارض المصالح في تناقض شديد من حيث الأهداف التي توخاها، ذلك ان المادة (11) تقرر عقوبة اخف هي الحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات في جرائم يعاقب عليها القانون رقم 1 لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة بعقوبة تصل الى الحبس المؤبد، فالمحكمة ستجد نفسها أمام قانون أصلح للمتهم، خاصة مع ما تنص عليه المادة (18) من قانون الحظر من أنه «يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون».

فالعقوبة الأشد الواردة في قانون حماية الأموال للجريمة المشتركة مع قانون حظر التعارض، ستصبح أمام القاضي حكما يتعارض وأحكام القانون الجديد، ملغاة في التطبيق على هذه الجريمة بنص صريح، فضلا عن نص قانون الجزاء الذي يقرر تطبيق القانون الأصلح للمتهم على الأفعال التي اكتمل تكوينها الإجرامي في ظل قانون سابق. (المادة 15 من قانون الجزاء).

لذلك أستميح لنفسي أن أذكر ما سبق أن قلته مرارا وتكرارا بأن دستور الكويت يبهرني بالضمانات التي قررها للحقوق الدستورية التي كفلها، وبالمهنية الفائقة الجودة، وبحبكة الصياغة البالغة الروعة، اللتين لا يضارعه فيهما أي دستور من الدساتير المعاصرة، والتي تلته بأكثر من نصف قرن.

واعتقد أن الضمانة الأخيرة أهم الضمانات، لأنها تكفل حماية حقوق الملكية من ان تتهددها المصادرة بأحكام قضائية على وقائع وافعال، لم يتصل علم الناس بأنها مؤثمة جزائيا، لأنه لم يصدر قانون بتجريمها، أو صدر بذلك ولكنه لم يقرر عقوبة المصادرة من بين العقوبات التي قررها للفعل المرتكب.

وأعاد غياب هذه الضمانة إلى ذهني القرار الذي أصدره أحد وكلاء النيابة في مصر بتاريخ 15/5/2013 قراراً بجلد أحد الموطنين ثمانين جلدة لضبطه سكيراً، وأمر مأمور القسم بتنفيذ عقوبة الجلد علناً، ولجأ المأمور إلى رئاسته، وانتهى الموضوع بنقل وكيل النيابة إلى مكان آمن له، وللناس من الغلو والشطط في أداء رسالته، لأن القضاة يطبقون القانون ولا يصنعونه.

تفويض على بياض للقاضي في توقيع أي عقوبة أشد

ولعل أخطر ما في قانون حظر تعارض المصالح رقم 13 لسنة 2018، التفويض الذي منحه القانون للقاضي في توقيع أي عقوبة أشد يراها في إحدى جرائمه، فيما تنص عليه المادة (11) من قانون حظر التعارض في استهلال حكمها بأنه "مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد، يعاقب الشخص الخاضع الذي يخالف أحكام المواد... من هذا القانون بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن....".

فهو بمنزلة تفويض للمحكمة على بياض في توقيع أي عقوبة أشد تراها، دون أي نص تشريعي يحدد ماهية العقوبة ومقدارها وحدها الأدنى وحدها الأقصى، فلم تعد المحكمة بهذا التفويض تطبق القانون فحسب بل تضعه وتشرعه.

ولم تخالف المادة (11) بهذا الاستهلال احكام المادة (32) من الدستور وحدها فيما تنص عليه من انه "لا جريمة ولا عقوبة الا بناء على قانون"، بل خالفت كذلك ما نصت عليه المادة (50) من الدستور من قيام نظام الحكم على أساس الفصل بين السلطات وعدم جواز نزول أي سلطة عن اختصاصها المنصوص عليه في الدستور، إذ إن إطلاق السلطة للقاضي في توقيع اي عقوبة أشد، ولو لم ينص عليها أي قانون لهذه الجريمة، هو نزول من السلطة التشريعية عن اختصاصها، ليقرر القاضي العقوبة الأشد التي يراها.

فقد خان المادة (11) من الدستور التوفيق عندما لم تقرن عبارة عدم الإخلال بأي عقوبة أشد، بما تجري به التشريعات في هذه الحالة بتقييد سلطة القاضي بأن تكون العقوبة الأشد مقررة للفعل المرتكب في اي قانون آخر على غرار ما فعله القانون رقم 2 لسنة 2016 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد في المادة (56)، التي نصت على انه "لا تمنع العقوبات الواردة في هذا القانون من توقيع أي عقوبة اشد تكون مقررة في قانون آخر للفعل المرتكب"، والرجوع عن هذه الخطيئة هو بتعديل تشريعي للقانون، وليس باستدراك ينشر في الجريدة الرسمية، لأن الأمر ليس خطأ ماديا بل مخالفة دستورية وقانونية.

الدلالة الثانية: عدم رجعية القوانين الجزائية

وهو المبدأ الذي يظل كل القوانين الجزائية في العالم كله، وقد قننته الشرائع السماوية، يقول المولى عز وجل في آياته البينات التي نزل بها القرآن الكريم: "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"،

وقد اكدته المواثيق الدولية ومن بينها الفقرة الأخيرة من المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، والفقرة الأولى من المادة (15) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والمادة (7) من الاتفاقية الأوروبية لحماية الإنسان.

وقد عزز دستور الكويت هذا المبدأ بما تنص عليه المادة 179 من الدستور من انه "لا تسري أحكام القوانين الا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يترتب عليها اثر فيما وقع قبل هذا التاريخ، ويجوز في غير المواد الجزائية، النص في القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة".

ومؤدى هذا النص أن الأصل العام في القوانين ان تسري احكامها بعد العمل بها، والذي لا يبدأ الا بعد نشرها في الجريدة الرسمية طبقا للمادة السابقة عليها، وهي المادة 178، ليعلم الناس بأحكامه فيمتثلوا لها ويقيموا علاقاتهم فيما بينهم او فيما بينهم وبين السلطات العامة، على أساسها، حيث لا عذر للجهل بالقانون بعد نشره، إلا أن الدستور أجاز استثناء للسلطة التشريعية تضمين القوانين اثرا رجعيا بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الأمة، وهي اغلبية خاصة غير الأغلبية العادية للحاضرين التي يتم بها إقرار القوانين التي تسري بعد نشرها في الجريدة الرسمية في التاريخ المحدد للعمل بها.

ويرجع حرص الدستور على استثناء القوانين الجزائية من الأثر الرجعي الذي أجازته المادة 179 للسلطة التشريعية عند إقرار كل القوانين، بالأغلبية الخاصة التي حددتها هذه المادة لإقرار الأثر الرجعي في القوانين بوجه عام، ان هذه المادة استثنت القوانين الجزائية، لأن هذه القوانين وإن اتفقت مع غيرها من القوانين في سعيها لتنظيم علاقات الأفراد فيما بينهم، وكذلك على صعيد علاقاتهم بمجتمعاتهم، إلا أن القانون الجزائي يفارقها في اتخاذه العقوبة أداة لتقويم ما لا يجوز التسامح فيه اجتماعيا، والعقوبة قيد على الحرية الشخصية التي صانها الدستور. (جلسة 5/7/77ق 24 لسنة 18 ق- المحكمة الدستورية العليا في مصر).

ثانياً: عدم رجعية قانون الحظر

وقد أصاب من اعد القانون رقم 13 لسنة 2018 بشأن حظر تعارض المصالح، وصاغه بعدم النص في القانون على الأثر الرجعي له، رغم الأغلبية الساحقة التي كان متوقعا أن يفوز بها هذا القانون عند التصويت عليه، رغم ان رجعية قانون الحظر كانت احد مقاصد القانون، كما يبين من مطالبة بعض النواب الحكومة بتقديم تعديل تشريعي للقانون لسريانه على قضية الايداعات المليونية، التي قامت النيابة العامة بحفظها منذ سنوات في ظل القانون السابق.

لذلك فقد الزمتنا هذه المطالبة بتناول عدم رجعية قانون حظر التعارض، باعتباره التطبيق السليم للمادة (32) من الدستور، لإنارة الطريق امام من يطالبون بتعديل تشريعي لسريان القانون على الماضي.

رجعية القانون الأصلح للمتهم

ترتد القوانين الجنائية إلى الماضي إذا كانت أصلح للمتهم، وقاعدة تطبيق القانون الأصلح للمتهم، أو رجعية هذا القانون لا تحتاج إلى نص يقررها أو أغلبية خاصة تقررها، استثناء من قاعدة الأثر المباشر للقانون.

ومع ذلك فقد نص قانون الجزاء على هذه القاعدة في المادة (15) بالنص على أنه إذا صدر، بعد ارتكاب الفعل وقبل أن يحكم فيه نهائيا، قانون أصلح للمتهم، وجب تطبيقه دون غيره.

ويصل قانون الجزاء بهذه القاعدة إلى مداها في الفقرة الثانية من هذه المادة حين يزعزع الأحكام القضائية النهائية فيوقف تنفيذها وينهي آثارها الجنائية، إذا صدر بعد الحكم النهائي قانون يجعل الفعل الذي عوقب المتهم من أجله، غير مؤثم جزائياً، أي غير معاقب عليه.

ويقول القضاء الدستوري في هذا السياق إن النطاق الحقيقي لمبدأ شرعية التجريم والعقاب انما يتحدد في ضوء الأغراض التي يتوخاها المشرع منهما، وإذا كانت القوانين الجنائية لا تسري على وقائع اكتمل تكوينها قبل العمل بالقانون، إلا ان إطلاق هذه القاعدة على القوانين الجزائية الأصلح للمتهم يفقدها معناها، لأن الحرية الشخصية وإن كان يهددها قانون الجزاء الأشد، فإن القانون يرعاها ويحميها إذا كان اكثر رفقا بالمتهم، سواء من خلال إنهاء تجريم أفعال أثمها قانون جنائي سابق، أو عن طريق تعديل تكييفها أو بنيان بعض العناصر التي تقوم عليها، بما يمحو عقوباتها كلية أو يجعلها أقل بأسا.

(حكم المحكمة الدستورية العليا بمصر بجلسة 22 فبراير 1997 في القضية رقم 48 لسنة 17 قضائية دستورية).

والواقع أن قاعدة رجعية القانون الأصلح للمتهم تسمو حتى على مبادئ الدستور ذاتها، لأنها تجد أساسا لها في قول المولى عز وجل في كتابه الكريم "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً"، وفي قوله سبحانه "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بمعروف وأداء إليه بإحسان، ذلك تخفيف من ربكم ورحمة".

وبنزول هذا الحكم طبق على ما سبقه من دماء وجراح لم يحكم فيها بعد، فكان للنص أثر رجعي انتهى به التفاضل في الدماء والجراح والديات، حيث كانت دية الشريف أضعاف دية غيره، وكانت دية النضيري ضعف دية القريظي وهكذا.

وهي تستمد أساسها من مبدأ شرعية التجريم المنصوص عليه في المادة 32 من الدستور التي تنص على أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستوري أو قانوني، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون"، ومن النص الدستوري الذي يقرر افتراض البراءة في الإنسان في المادة 34، ولا يتمخض أصل البراءة عن قرينة دستورية، بل يؤسس على الفطرة التي جبل الإنسان عليها، ويؤسس عليه مفهوم المحاكمة المنصفة التي كفلها الدستور، ويعتبر مفترضاً أولياً لإدارة العدالة الجنائية وعاصماً للحرية الشخصية.

المحاكم ستمتنع عن توقيع العقوبات الأشد بقانون حماية الأموال العامة وتطبق العقوبة الأخف في «حظر التعارض»

تفويض توقيع أي عقوبة أشد إلى المحكمة نزول من السلطة التشريعية عن اختصاصها المنصوص عليه في الدستور ومخالف له

الرجوع عن خطيئة القانون يكون بتعديل تشريعي لا باستدراك ينشر في الجريدة الرسمية

عدم رجعية «حظر التعارض» يقطع الطريق على مطالبات البعض بتعديله لسريانه على الماضي
back to top