ذروة

نشر في 20-04-2018
آخر تحديث 20-04-2018 | 00:12
 دانة الراشد وقت الذروة مرحلةٌ طبيعيةٌ في دورة حياة أي مشروع أو علاقة إنسانية، وهي الفيصل في تحديد استمراريتها أو انتهائها، هكذا يمضي الوقت بعجلة دائرية أكثر مما هي خطّية، وهذا ما تعلمنا إياه الطبيعة في دورات اكتمال القمر واحتجابه، وتحول الفصول وتقلب أحوالها من شتاء إلى ربيع ومن صيف إلى خريف، ذلك نبض الحياة وإيقاع الطبيعة الذي يرفضه الإنسان ويقاومه بشدة كي يرضي غروره ويثبت سيادته على هذه الأرض، فما أنتم فاعلون عندما يحين موعد المخاض المصحوب بآلامه المحتومة؟

هل ستنهار تحت وابل الضغط، أم هل ستنسحب هارباً دون مواجهة مخاوفك؟ ربما ستقضي وقتك في اللوم والـ"الحسافة" متمنياً لو لم تخض يوماً في ذاك المشروع أو تلك الصداقة. ينكشف المعدن الحقيقي للبشر تحت الضغوط والاحتكاك، فالضغط الشديد هو ما يجعل الفحم ألماساً، والاحتكاك هو ما يصقل أوجهه نحو الكمال، ولم تكن الدانة سوى حبة من الرمل يوماً، وما هي إلا نِتاج ألم مخلوق المحار. لذا، استقبل الصعوبات والعقبات التي قد تنهال عليك بصدرٍ رحب، ويمكنك بالطبع التنفيس عن غضبك والتعبير عن استيائك بطرق صحية، سامح نفسك على ذلك، فأنت كائن بشري. لا تبعثر وقتك هنا وهناك، اعمل بصمت في الرخاء– متماشياً مع ناقوس الزمن- كي ترى النتائج المُرضية في وقت الحصاد، وبذلك سيكون وقت الذروة أقل وطأة عليك. أحياناً قد ينبئ وقت الذروة بانتهاء مدة صلاحية الأمر الذي تخوض فيه، هنا يكمن الحل مجدداً في القبول والتسليم، فالرغبة العارمة في التحكم في نتائج الأمور لن تفيدك بشيء، بل ستؤخر نموك وسيرك في عجلة الحياة المستمرة. الحكمة هي في التمييز بين وقت التسليم والتخلي ووقت الصبر والتحمل.

ميقات الحياة وناقوسها الدقيق لا يخطئان أبداً، وإن العلامات والبشائر موجودة حولنا لمن يدركها من ذوي البصائر.

* "للأحداث القادمة ظل تلقي به على الطريق أمامها".

(حكمة صينية)

back to top