قانون البيئة ما له وما عليه

نشر في 20-04-2018
آخر تحديث 20-04-2018 | 00:13
قانون البيئة وجد لحماية البيئة وصحة الإنسان بالدرجة الأولى، ولذلك مراجعة اللوائح الإجرائية يجب أن تأخذ البعد الواقعي والمنطقي عند التطبيق، فبعض المخالفات فيها مبالغة، ولا يعني ذلك إلغاءها بل تخفيضها بما يتناسب وحجم الضرر.
 أ. د. فيصل الشريفي عند إنشاء الهيئة العامة للبيئة لم يكن لديها سلطة رقابية نافذة ولا عقوبات رادعة تمكنها من فرض سلطتها؛ مما أدى إلى تمادي الكثير من الجهات في التعدي على البيئة وتكرار المخالفات ذاتها؛ لمعرفتهم أن معظمها لا يتعدى غرامة مالية بسيطة، وفي كثير من الأحيان تكتفي الهيئة بتوجيه إنذار أو إغلاق المنشأة المخالفة أسبوعاً كحد أعلى.

اليوم الهيئة العامة للبيئة تتحرك ووراءها قانون 42 لسنة 2014 وما تبعه من تعديلات، كما جاء في القانون 99 لسنة 2015، وهو قانون إذا ما رجعنا إلى مواده ولوائحه التنفيذية نجده من القوانين الصارمة، وقد تكون قاسية، إذا ما تم قياس الجرم مقابل العقوبة.

القانون بصورته الحالية نافذ وباسط يديه على كل ما له علاقة بالبيئة الطبيعية وبيئات العمل، وأي تصرف له علاقة بالتلوث سواء كان فرديا أو مؤسسيا، ومع ذلك لا يعني أنه قانون كامل، ولا يمكن التعديل عليه لأن الأصل في العقوبة أن تتساوى مع الجرم المرتكب، لذلك أرجو أن يكون تقييم القانون الحالي بعيداً عن التشنج والرأي الواحد.

إشراك القطاعين العام والخاص والأفراد ضرورة تقتضيها المصلحة الوطنية، فالقانون وجد لحماية البيئة وصحة الإنسان بالدرجة الأولى، ولذلك مراجعة اللوائح الإجرائية يجب أن تأخذ البعد الواقعي والمنطقي عند التطبيق، فبعض المخالفات فيها مبالغة، ولا يعني ذلك إلغاءها بل تخفيضها بما يتناسب وحجم الضرر، وأيضاً إضافة مادة تسمح بتوجيه الإنذار قبل كتابة المخالفة، وذلك لجهل الكثيرين بمواد العقوبات التي نصت عليها اللوائح التنفيذية.

الكثير من أصحاب الأعمال الصغيرة طلب مني الكتابة حول هذا الموضوع بسبب تلقيهم مخالفات في نظرهم كبيرة وتضر بوضعهم المالي، وذلك بسبب جهلهم بالقانون، كما أنهم لم يتلقوا أي إنذار حول أهمية قيامهم بالمردود البيئي.

رد الهيئة بهذا الشأن كان أن القانون صدر في جريدة "كويت اليوم"، وأن الهيئة قامت بفترة سماح قبل تطبيق القانون وبذلك تؤول مسؤولية تطبيق القانون إليهم.

نجاح الوعي والالتزام البيئي يتطلبان الكثير من برامج التوعية، سواء بشرح أبعاد القانون ومواد العقوبات للمجتمع وأصحاب العمل في القطاعين الحكومي والأهلي، أو من خلال تعريف المجتمع بالمخاطر البيئية الناتجة عن التلوث والتصرفات المضرة بالأحياء البرية والبحرية، فالأصل في موضوع البيئة الشراكة المجتمعية والإحساس بالمسؤولية.

في الفترة الماضية كثرت التعديات على البيئة البحرية، حيث تكرر أكثر من مرة رصد بقع للزيت، وكذلك وجود مياه ملوثة على بعض مخارج مجارير المياه؛ مما يتطلب المزيد من المكاشفة لسد باب المقارنة بين مخالفات بهذا الحجم وبين مخلفات يطبق عليها القانون قد تكون أقل ضرراً مما تحدثه بقع الزيت على سبيل المثال.

قضية مخالفات التدخين، ومراقبة المختبرات، والتخلص من المواد الكيماوية، وصلاحية مياه الشرب في المدارس والمؤسسات التعليمية، وكيفية التعاطي معها، ليست الوسيلة الوحيدة لفرض إجراءات السلامة البيئية، فلماذا لا ننظر إليها من زاوية أخرى، بحيث يستبدل بمفهوم الشرطة البيئية مفهوم الصديق البيئي؟

أخيراً ماذا لو وضعت كل مدرسة وكل مؤسسة تعليمية مجموعة من منتسبيها للقيام بوظيفة الصديق البيئي، تكون مهمته متابعة تطبيق الإجراءات وشروط السلامة البيئية وتوعية المدخنين بخطورة التدخين؟

ودمتم سالمين.

back to top