كيف يجب أن ينفق أغنياء العملات الرقمية أموالهم ؟

نشر في 18-04-2018
آخر تحديث 18-04-2018 | 00:11
إن أثرياء العملات الرقمية سيكونون في صحبة طيبة لو تعهدوا باستخدام جزء من ثرواتهم لتحسين حياة الناس الأقل حظاً، ومن تجاربي لا توجد طريقة لإنفاق أموالهم في أعمال الخير أفضل من إنفاقها على الرعاية الصحية في الدول النامية.
 بروجيكت سنديكيت في فبراير نشرت فوربس أول قائمة لها لأغنياء العملات الرقمية، علما أن قيمة كل واحد من العشرة الأوائل وصلت إلى نحو مليار دولار أميركي، في حين وصلت قيمة الشخص الأغنى– مبتكر أميركي لعملية تسجيل العملات الرقمية يدعى كريس لارسن- إلى 8 مليارات دولار أميركي، وطبقا لمحرر المجلة فإن أفضل طريقة لإخراج العملات الرقمية من الظل وإدخالها في فئة الأصول الشرعية هي تسليط الضوء على المستفيدين.

عندما يحصل ذلك فإن مليارديرات العملات الرقمية الذين أصبحوا مشهورين مثل الكثيرين قبلهم سيرغبون في الظهور وكأنهم يفعلون الخير لا جني الثروات فقط، وأحد أفضل القضايا الخيرية التي يمكنهم دعمها هي الرعاية الصحية في الدول النامية.

قبل بضع سنوات وعندما كنت أعمل مستشاراً لاستراتيجية الرعاية الصحية كنت أقدم النصائح لأشخاص أثرياء جدا وشركاتهم في جنوب السودان وغامبيا وتنزانيا عن أفضل الطرق لمساعدة المجتمعات التي تنشط أعمالهم التجارية فيها، فحقق جميع هؤلاء تقريبا أرباحا طيبة من صناعة النفط، وكانوا يواجهون ضغوطا اجتماعية هائلة لاستخدام ثروتهم في قضايا إنسانية.

وبعد استماعهم لنصيحتي ونصائح الآخرين بدأ هؤلاء باستثمار عشرات الملايين من الدولارات في تحسين البنية التحتية المتعلقة بالرعاية الصحية، لقد كانت المبالغ المخصصة في البداية متواضعة، ولكن مع مرور الوقت ساعدت تبرعاتهم في تمويل إصلاحات الرعاية الصحية في كل مكان في إفريقيا، وفي حين كانت تلك الاستثمارات عبارة عن جزء صغير من الحاجة الإجمالية فإن التأثير على النتائج الصحية كان كبيراً.

إن أغنى الأشخاص الذين يمتلكون العملات الرقمية يمكنهم بسهولة أن يكملوا ما بدأه أثرياء صناعة النفط، وبالنسبة إلى هؤلاء الموجودين على قائمة فوربس والذين يبحثون عن أفكار عن كيفية المشاركة في أعمال خيرية مرتبطة بالقطاع الصحي فإن لديهم أربعة خيارات:

أولا: أن يلتزموا ببساطة بالعطاء، وهذا يمكن تحقيقه عن طريق الانضمام إلى بيل غيتس ومارك زوكيربيرغ وأيلون ماسك وغيرهم الكثير من الذين تبرعوا على الأقل بنصف ثروتهم الشخصية لقضايا اجتماعية، بما في ذلك الصحة العالمية، أو يمكن أن تكون تعهداتهم أكثر توافقا مع نجوم كرة القدم العالميين الذين تعهدوا بتقديم 1% على الأقل من رواتبهم للأعمال الخيرية، وبغض النظر عن الطريقة فإن الالتزام بالكرم مهم للغاية.

ثانيا: دعم فرض ضريبة معاملات مالية على التجارة بالعملات الرقمية، ودعم استخدام إيرادات ذلك في تمويل مشاريع الرعاية الصحية في الدول النامية، فإن مثل تلك الضريبة يمكن أن تكون مشابهة لما يطلق عليه ضريبة روبن هود، وهي ضريبة لا تزال تخضع للدراسة في المملكة المتحدة، ويمكن أن تفرض تعرفة صغيرة على المعاملات المالية من أجل المساهمة في برامج تخفيف الفقر ومبادرات تغير المناخ.

ثالثا: دعم مشاريع الأمية الرقمية في الأسواق الناشئة، ففي العديد من الدول الفقيرة تعاني أنظمة الرعاية الصحية من سجلات المرضى غير الآمنة، وهي فجوة يمكن أن تساعد تقنيات العملات الرقمية على سدها، وإن الاستثمارات في الحلول الرقمية يمكن أن تساعد أيضا في تحسين النتائج الصحية وتبسيط عملية اتخاذ القرار القائمة على أساس البيانات.

رابعاً وأخيراً: تمويل المشروعات التي تحسن إدارة تمويلات الرعاية الصحية، فمليارديرات العملات الرقمية يدينون بالفضل فيما يتعلق بثرواتهم لأمن معاملاتهم المالية، علما أن الرعاية الصحية في الدول النامية تعاني مستويات عالية من الفساد المؤسسي؛ مما يعني أنها قد تستفيد من ضوابط مماثلة.

ببساطة لا يوجد هناك مكان أفضل لتوجيه الأعمال الخيرية المتعلقة بالعملات الرقمية من مشاريع الرعاية الصحية في الجنوب العالمي، حيث تتوسع التجارة في العملات الرقمية بشكل أسرع من أي مكان آخر، فإن البيتكوين في فنزويلا التي هبطت فيها قيمة العملة الوطنية بشكل كبير أصبح "العملة الموازية" لدفع قيمة البضائع والخدمات الأساسية بما في ذلك الفواتير الطبية، وفي شرق إفريقيا لجأ المستثمرون المحليون لأنظمة العملات الرقمية مثل بيتبيسا من أجل دعم المعاملات المالية عبر الحدود، حتى أن برنامج الأمم المتحدة العالمي للأغذية استخدم العملات الرقمية من أجل إرسال الأموال إلى اللاجئين في الأردن.

في واقع الأمر فإن "محدثي النعمة" بسبب العملات الرقمية غير ملزمين بتمويل القضايا الاجتماعية من جيوبهم، فتلك نقود تخصهم، ولكن عادة ما يكون حكم التاريخ قاسيا على الأشخاص الفاحشي الثراء الذين يكتنزون الثروات، وفي يناير قال لورنس فينك الرئيس التنفيذي للصندوق الاستثماري (بلاك روك) الذي تبلغ قيمته 6 تريليونات دولار أميركي لقادة قطاع الأعمال بأنهم لو أرادوا الحصول على دعمه المستمر فإن عليهم عمل ما هو أكثر من جني الأرباح، حيث يجب عليهم أن يخدموا "هدفا اجتماعيا"، وذلك من خلال "مساهمة إيجابية في المجتمع".

إن أثرياء العملات الرقمية سيكونون في صحبة طيبة لو تعهدوا باستخدام جزء من ثرواتهم لتحسين حياة الناس الأقل حظا، ومن تجاربي لا توجد طريقة لإنفاق أموالهم في أعمال الخير أفضل من إنفاقها على الرعاية الصحية في الدول النامية.

* مدير السياسات والشراكة

في "جالكسي سميث كلاين" وزميل في "أسبين نيو فويسيز 2015".

«بروجيكت سنديكيت، 2018»

بالاتفاق مع «الجريدة»

أغنى الأشخاص ممن يمتلكون العملات الرقمية يمكنهم بسهولة أن يكملوا ما بدأه أثرياء صناعة النفط

برنامج الأمم المتحدة العالمي للأغذية استخدم العملات الرقمية من أجل إرسال الأموال إلى اللاجئين في الأردن
back to top