الأمير: العمل العربي يعاني وعلينا تدارس آلياته لتحديد الخلل

● «الأوضاع الكارثية في سورية تكشف عجز المجتمع الدولي وازدواجيته والكويت تعمل على تفعيل دور مجلس الأمن»
● «على إيران الالتزام بمبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول»
● «إخراج الأمة من اليأس إلى الأمل يتطلب جهوداً مضاعفة لحل الخلافات ومواجهة التحديات»

نشر في 16-04-2018
آخر تحديث 16-04-2018 | 00:07
أمير البلاد يلقي كلمته في القمة العربية بالظهران أمس (كونا)
أمير البلاد يلقي كلمته في القمة العربية بالظهران أمس (كونا)
حذر سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من أن سماء الأمة العربية مازالت ملبدة بالغيوم السوداء، ومازال طموح الوصول إلى أوضاع آمنة ومستقرة لبعض الدول العربية بعيد المنال، مشددا على أن "عملنا العربي المشترك مازال يعاني جمودا إن لم أقل تراجعاً وشللاً في بعض الأحيان".

جاء ذلك خلال كلمة سموه أمام الدورة التاسعة والعشرين للقمة العربية المنعقدة في السعودية أمس، والتي دعا فيها سموه إلى أن "نبذل جهوداً مضاعفة لحل الخلافات التي تعصف بعالمنا العربي، والتي تمثل تحديا لنا جميعا يضعف من تماسكنا وقدرتنا على مواجهة التحديات والمخاطر المتصاعدة التي نتعرض لها، وتتيح المجال واسعا لكل من يتربص بنا ويريد السوء لأمتنا"، مطالبا "بتدارس آليات عملنا العربي المشترك لتحديد الخلل والقصور".

وشدد سموه على أن الأوضاع الكارثية في سورية تثبت عجز المجتمع الدولي عن التعامل مع الصراع السياسي الدائر هناك، وتكشف تعامله بازدواجية، فبينما يندد ويستنكر وقد يتخذ إجراءات لانفجار هنا أو هناك يكون ضحيته شخصاً أو شخصين، يقف صامتا وعاجزا عن اتحاذ إجراءات أمام مئات الآلاف من القتلى والمشردين في سورية.

وبينما أعرب سموه عن تهنئته الشعب العراقي على تحرر كامل أراضيه من قبضة تنظيم داعش، أشاد بجهود دول التحالف العربي بقيادة السعودية لدعم الشرعية والدور الإنساني الرائد لدول التحالف لمعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن الشقيق.

وعن العلاقة مع إيران، جدد سموه التأكيد على ضرورة التزام طهران بمبادئ القانون الدولي المنظمة للعلاقات بين الدول من حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول، ليتحقق الأمن والاستقرار والازدهار لأبناء دول المنطقة... وفيما يلي نص كلمة سموه:

"بسم الله الرحمن الرحيم

خادم الحرمين الشريفين الأخ الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية الشقيقة، رئيس الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر القمة العربية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية، أصحاب المعالي والسعادة.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يسرني بداية أن أتقدم بخالص الشكر والامتنان لأخي العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وإلى حكومة وشعب المملكة العربية السعودية الشقيقة على ما أحاطونا به من حسن وفادة وكرم ضيافة، وما لمسناه من إعداد متميز لهذا اللقاء الذي ينعقد في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، كما أشكر أخي جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية على جهوده المقدرة خلال ترؤسه أعمال قمتنا في دورتها الماضية، والشكر موصول لمعالي الأمين العام لجامعة الدول العربية وجهاز الأمانة العامة على ما بذلوه من جهود كبيرة للإعداد لهذا اللقاء الهام، منتهزا هذه المناسبة لتهنئة أخينا فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية الشقيقة بفوزه في الانتخابات الرئاسية لفترة رئاسية جديدة، متمنين لفخامته كل التوفيق والسداد لمواصلة قيادة مسيرة الخير والنماء في البلد الشقيق.

تعزية الجزائر

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

أود أن أتقدم باسمكم جميعاً إلى الأشقاء في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية بأحر التعازي وصادق المواساة بضحايا تحطم الطائرة العسكرية الجزائرية، والذي أسفر عن سقوط المئات من الضحايا والمصابين، متضرعاً إلى الباري عز وجل أن يتغمد ضحايا هذا الحادث الأليم بواسع رحمته، ويلهم ذويهم جميل الصبر وحسن العزاء، وأن يمن على المصابين بسرعة الشفاء.

غيوم سوداء

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

لازالت سماء أمتنا العربية ملبدة بغيوم سوداء، ولازال الطموح بعيد المنال في وصولنا إلى أوضاع آمنة ومستقرة لبعض دولنا العربية، ولازال عملنا العربي المشترك يعاني جموداً إن لم أقل تراجعاً وشللاً في بعض الأحيان، فأمام هذه الحقائق المؤلمة يمثّل انعقاد قمتنا العربية المباركة اليوم بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، وفي إطار الحرص على استمرار دوريتها أملا ومبادرة انفراج تنعش آمال أبناء أمتنا العربية في الخروج من حالة اليأس إلى حالة من الأمل والتفاؤل بأن تطلعاتهم هدف يمكن أن يتحقق، وعليه فإننا مطالبون بأن نبذل جهوداً مضاعفة لحل الخلافات التي تعصف بعالمنا العربي، والتي تمثّل تحدياً لنا جميعاً يضعف من تماسكنا وقدرتنا على مواجهة التحديات والمخاطر المتصاعدة التي نتعرض لها، وتتيح المجال واسعاً لكل من يتربص بنا ويريد السوء لأمتنا.

كما أننا مطالبون بتدارس آليات عملنا العربي المشترك لتحديد الخلل والقصور الذي يعتريها وتكون معها عاجزة عن تحقيق عمل عربي مشترك قادر على الصمود في مواجهة التحديات، والارتقاء بنا إلى مرحلة من التماسك والقدرة على تجاوز أوضاعنا الصعبة.

تعزيز العمل العربي

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

نجتمع اليوم لبحث جدول أعمال حافل بموضوعات تتصل بعملنا العربي المشترك، ويحدونا الأمل في أن نتوصل إلى التوصيات والقرارات التي من شأنها تفعيل ذلك العمل المشترك وتعزيزه لتضيف هذه القمة المباركة إلى مسيرة عملنا إنجازاً يتطلع إليه أبناء أمتنا في هذه القمة التي يترأسها أخي العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بما عرف عنه من بعد نظر وإرادة صلبة وحرص على المصالح العليا لأمتنا العربية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

لقد تبوأت بلادي الكويت في مطلع هذا العام وبدعم من أشقائها وأصدقائها عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن، وسنعمل خلال هذه العضوية إلى السعي وبكل جهد بالتعاون معكم للدفاع عن القضايا العربية لتحظى بأولويتها والاهتمام بها، وسنسعى مع الأشقاء والأصدقاء إلى تفعيل دور مجلس الأمن في حل هذه القضايا، والتخفيف من آثارها التي عانينا منها لعقود طويلة، ولعلكم تابعتم جهود بلادي في الوصول إلى القرار 2401 الذي تبناه مجلس الأمن وبالإجماع لمعالجة التطورات الأخيرة في منطقة الغوطة الشرقية، والذي وللأسف حالت التطورات الأخيرة والمتصاعدة في سورية الشقيقة دون تنفيذه وتحقيق الأهداف المرجوة من إصداره.

إنكم تتابعون تطورات الأوضــاع في ســورية الشقيقــة، والتصعيـد الذي تشهـده مــنذ ثمانية أعوام، والتي أدّت إلى كارثــة إنسانيــة، فالأنبـاء التي تتـوارد من هنـاك حول المزيد من القتلى والجرحى والمشردين أصبحت تُدمي القلوب وتكشـف عن عجــز المجتمــع الدولي، الذي وبكل أسف يتعامل بمعايير مزدوجة، فهذا المجتمع يندد ويستنكر وقد يتخذ بعض الإجراءات لانفجارٍ يحدث هنا أو هناك ويكون ضحيته شخص أو شخصان، ولكنه يقف في نفس الوقت عاجزاً عن الإدانة والاستنكار واتخاذ الإجراءات أمام مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين في سورية الشقيقة، وإزاء ذلك فإن الكويت لم تتردد ولن تتردد عن الوفاء بالتزاماتها الإنسانية لمساعدة الأشقاء والتخفيف عليهم من آثار أوضاعهم الإنسانية التي يعيشونها.

سورية

وحول التطورات الأخيرة والخطيرة المتعلقة بالأوضاع في سورية، فلقد تابعنا باهتمام وقلق بالغين التصعيد المتمثل بالضربات الجوية التي جاءت نتيجة استخدام السلطات السورية للسلاح الكيماوي، مؤكدين بأن هذه التطورات أتت نتيجة عجز المجتمع الدولي ممثلاً في مجلس الأمن عن الوصول إلى حل سياسي للصراع الدائر في سورية، متطلعين إلى تجاوز المجلس خلافات أعضاءه وإظهار وحدة مواقفهم للوفاء بمسئولياتهم التاريخية في حفظ الأمن والسلم الدوليين.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

حول الوضع في العراق، نكرر التهنئة للأشقاء على تحرير كامل أراضيهم من قبضة ما يسمى بتنظيم داعش، ونسعد للعمل معهم في إعادة بناء وطنهم عبر تنظيم مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، والذي حقق نجاحاً مشهوداً وكان لمشاركتكم دور فاعل في تحقيق هذا النجاح المنشود بمشاركة دولية واسعة، متمنين كل النجاح للانتخابات النيابية التي ستجرى الشهر القادم وأن تعكس نتائجها تمثيل كافة مكونات الشعب العراقي حفاظا على وحدته وتماسكه، متمنين للبلد الشقيق الاستقرار والازدهار.

وحول الوضع في اليمن، أود أن أعرب عن إدانتنا واستنكارنا للهجمات الصاروخية المتكررة على المملكة العربية السعودية، وأن أشيد بجهود دول التحالف العربي بقيادة المملكة لدعم الشرعية والدور الإنساني الرائد لدول التحالف لمعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة في اليمن الشقيق.

وبالنسبة للوضع في ليبيا، فإننا نأمل أن تنجح الجهود والمساعي الإقليمية والدولية لإعادة الأمن والاستقرار لهذا البلد الشقيق.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو:

رغم ما حققنا جميعاً كحلفاء مع المجتمع الدولي في مواجهة ظاهرة الإرهاب فإنها تظل تحدياً نعايشه، ويتطلب مضاعفة الجهود لوأده وتخليص البشرية والعالم من شروره.

أما بالنسبة للعلاقة مع إيران فإننا نؤكد مجدداً ضرورة التزامها بمبادئ القانون الدولي المنظمة للعلاقات بين الدول من حسن جوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول ليتحقق الأمن والاستقرار والازدهار لأبناء دول المنطقة.

وفي الختام أكرر الشكر لكم جميعاً متمنياً لأعمال قمتنا كل التوفيق والسداد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".

مشاركة واسعة وتمثيل رفيع

شهدت القمة العربية الـ29، التي عقدت بالظهران شرق المملكة العربية السعودية، أمس، مشاركة واسعة وتمثيلاً رفيعاً، إذ حضر رؤساء وملوك 17 دولة عربية من أصل 22 دولة في مقدمتهم أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والرئيس السوداني عمر البشير، والرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، والرئيس اللبناني ميشل عون، ورئيس حكومته سعد الحريري، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، وملك البحرين حمد بن عيسى، ونائب رئيس دولة الإمارات محمد بن راشد، والملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس العراقي فؤاد المعصوم، والرئيس الصومالي محمد عبدالله محمد، والرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ومثّل سلطنة عمان وزير الخارجية يوسف بن علوي، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي فايز السراج.

كما شاركت ممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف بن أحمد العثيمين، ورئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد.

جدول أعمال الدورة الـ 29 والبنود الغائبة

تضمن جدول أعمال قمة العرب الـ29، التي عقدت أمس بالظهران في السعودية، 18 بنداً تتناول مختلف القضايا في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها، في مقدمتها القضية الفلسطينية، والصراع العربي- الإسرائيلي، والانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة، ومتابعة التطورات السياسية للقضية الفلسطينية، وتفعيل مبادرة السلام، ودعم موازنة دولة فلسطين وصمود شعبها، والجولان السوري المحتل، والتضامن مع لبنان ودعمه.

وغاب عن البنود الـ18 «الأزمة الخليجية»، و»الضربات الغربية» الأخيرة على مواقع للنظام السوري.

وأكد الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي مساعد، في تصريحات مساء أمس الأول، أن أياً من طرفي الأزمة الخليجية، قطر من جهة والرباعي المقاطع لها السعودية ومصر والإمارات والبحرين، لم يطلب مناقشتها خلال القمة.

وأشار إلى أن الضربات التي تعرضت لها مواقع تابعة للحكومة السورية لن تكون مطروحة على جدول أعمال القمة، لأنه وضع الخميس الماضي قبل أن تتعرض المواقع للقصف أمس الأول.

وأوضح أن قطر يمثلها في قمة الظهران مندوبها الدائم في الجامعة، في حين ظل مقعد سورية شاغراً أمس، بعد تقارير عن محاولات قامت بها دول أعضاء في الجامعة لإعادته إلى حكومة الرئيس بشار الأسد.

back to top