كلمة السر (2)

نشر في 12-04-2018
آخر تحديث 12-04-2018 | 00:00
 مسفر الدوسري للحب صيفه وربيعه وخريفه وشتاؤه، هذا هو مفتاح وعينا بالحب، ومعرفة هذه الفصول والظواهر الطبيعية المصاحبة لكل فصل والتكيف معها وابتكار الوسائل لاتقاء شر تقلبات الطقس فيها هو الشيفرة السرية لإطالة عمر الحب.

الحب دورة مناخية كاملة لا تختصر في ومضة برق أو ثورة ريح، الحب أكبر من أن يكون وردة ترتل العطر في كل صباح في ربيعه، أو احتراق غابة في صيفه، تتغير أحوال الطقس فيه، لكنه لا يموت، إنما تموت كثير من القصص المرتبطة به غالبا، لعدم إدراك أبطالها هذه الحقيقة.

تبدأ كل قصة صيفها بعواطف ملتهبة، وتيارات المشاعر الساخنة، والأجواء العاصفة، والأمواج المتلاطمة بفعل الرياح، فصل من الحب يصعب فيه التنبؤ بحالة الطقس غداً: الشجارات بين المحبين على أشيائهم الصغرى، الشرارة التي تشعل الحرائق الكبرى، العطش الذي لا يكاد ينطفئ من الحبيب، سراب الكلمات الذي يتراءى لحمائم القلب مخيم غدران، تلك الأمور العادية والأوقات الهامشية التي يطليها الحب بماء الذهب، ونتخذ منها القلائد والحلي نكمل بها زينة أعمارنا، فصل صيفي يلهب الأحاسيس التي توقد بين أضلعنا الشغف، شغف مركب؛ شغف للحب وشغف بالحبيب، يكون الشغف في هذا الفصل مندفعا ونشطا، وفي أوج عافيته، لحاجتنا الماسة لاكتشاف الطرف الآخر، في الوقت الذي نكتشف مشاعرنا للتيقن من أننا لا نسير نحو حتفنا، أي فقد صغير لنا في هذا الفصل خسارة، وأي فوز صغير ربح. في صيف الحب تتضخم الهزائم والانتصارات، وتنهار كثير من قصص الحب أحياناً، لأسباب صغيرة قد يكون أحدها "الشغف" ليس إلا ظاهرة مناخية في هذا الفصل من الحب، اختفاؤه أحياناً لا يلغي هذا الفصل، كما لا يمكننا إلغاء فصل الشتاء لعدم برودة الطقس في أجزاء منه، أو الربيع لعدم ظهور الفراش! لذا فإن قصص الحب التي انتهت لافتقاد الشغف - باعتقادي – إما أن أبطالها قليلو وعي بالحب، أو أن أحد أطراف قصة الحب – أو كلاهما- اتخذ من افتقاد الشغف ذريعة لإنهاء علاقة أيقن أن الطرف الآخر ليس الشريك المناسب لها. وبغض النظر عن الحكم على ذلك، إلا أن انتهاء قصص الحب في صيف الحب الذي يمثل بداية دورته الطبيعية بمثابة جرائم ارتكبها عشاقها بحق قلوبهم، وغير بريئين من تهمة القتل الخطأ، قاموا بإخراس حكايتهم قبل أن تروى، وقرروا إطلاق رصاصة الرحمة على جنين لم يقطع حبله السري. الذين يظنون أن الحب هو الشغف يسخرون من الحب، ويقللون من شأنه، فالشغف ظاهرة مناخية في أحد فصوله المحمَّلة بالمشاعر المضطربة والمتضادة أحياناً، بسبب الخوف والحذر المصاحبين لمشاعرنا من توريط قلوبنا بفخ لا فكاك منه مع آخر لا نعرفه حق المعرفة، إلا أن بعض الظواهر المناخية لهذا الفصل تختفي إلى الأبد، بعد أن يتجاوز الحبيبان اكتشاف كل منهما الآخر، وبعضها يختفي في موسم ويظهر بموسم آخر. لن نعرف كيف نطيل آجال حبنا ما لم نعرف جيدا كل الظواهر المناخية لفصوله، وليس ظاهرة الشغف فقط.

back to top