إسرائيل تُغِير على «التيفور» السورية... وترقّب لضربة أميركية

● تل أبيب أبلغت واشنطن مسبقاً ولم تخطر موسكو... ومقاتلات F35 نفذت الهجوم
● مقتل 14 نصفهم إيرانيون وبينهم عقيد ورائد... وطائرات حلقت فوق لبنان للتمويه
● ماتيس لا يستبعد عملاً عسكرياً... ولافروف يذكِّر واشنطن بالتزامات روسيا في دمشق

نشر في 10-04-2018
آخر تحديث 10-04-2018 | 00:05
 قوات النظام تطوق مقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم عند حاجز الوافدين على مشارف دمشق أمس (أ ف ب)
قوات النظام تطوق مقاتلي جيش الإسلام وعائلاتهم عند حاجز الوافدين على مشارف دمشق أمس (أ ف ب)
بعد تعهد الرئيسين الأميركي والفرنسي «برد قوي ومشترك» على الهجوم الكيماوي المفترض على مدينة دوما قرب دمشق، استهدفت إسرائيل بسلسلة غارات صاروخية فجر أمس قاعدة التيفور العسكرية، وسط سورية، موقعة العديد من القتلى، بينهم إيرانيون.
وسط تصاعد نبرة التهديد من قبل الدول الغربية، للرد على الهجوم الكيماوي، الذي أسفر عن مقتل العشرات وإصابة المئات اختناقا في دوما بالغوطة الشرقية، شنت مقاتلات إسرائيلية من طراز F35 المتطورة، فجر أمس، غارة على قاعدة «التيفور» الجوية السورية في محافظة حمص.

واتهمت دمشق وموسكو إسرائيل باستهداف القاعدة التي فيها تواجد إيراني مهم، والتي أغارت عليها إسرائيل في فبراير الماضي، بعد أن أقلعت منها طائرة إيرانية مسيرة ما أدى الى سقوط مقاتلة F35 إسرائيلية للمرة الاولى منذ عقود.

فوق لبنان

وقال مصدر عسكري سوري إن «العدوان الإسرائيلي على مطار التيفور تم بطائرات من طراز إف 15 أطلقت عدة صواريخ من فوق الأراضي اللبنانية».

وأعلن الجيش اللبناني أن 4 مقاتلات إسرائيلية اخترقت أجواء لبنان لعشر دقائق.

الا أن مصادر خاصة ابلغت «الجريدة» أن إسرائيل استخدمت الـF35، وأن بعض الطائرات التي حلقت فوق أجواء منطقة كسروان شمال غرب لبنان، وصولا الى البقاع على الحدود الشرقية مع سورية، كات للتمويه والاستكشاف. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن طائرتين حربيتين إسرائيليتين قصفتا المطار، الواقع في وسط سورية، بثمانية صواريخ موجهة، موضحة أن الدفاع الجوي السوري دمر خمسة منها. ونفى مصدر مطلع هذه الأنباء، وقال لـ«الجريدة» انه لم يطلق أي صاروخ سوري أو روسي باتجاه المقاتلات الإسرائيلية أو باتجاه الصواريخ الموجهة التي أطلقت. في المقابل، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 14 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها في الضربة، «بينهم ثلاثة ضباط سوريين ومقاتلون إيرانيون».

في طهران، أكد مصدر خاص لـ "الجريدة" مقتل 7 إيرانيين في الغارة. واوضح المصدر أن القتلى جميعهم ينتمون الى "الحرس الثوري" أحدهم برتبة عقيد وآخر برتبة رائد، وضابطين في هندسة الحرب الإلكترونية و3 متطوعين.

وإضافة إلى قوات الأسد، يتواجد عسكريون روس ومقاتلون إيرانيون و«حزب الله» اللبناني في قاعدة «التيفور».

وأكد مصدر لـ«الجريدة» أن إسرائيل أعلنت الاستنفار مساء أمس الأول في عدة مواقع عسكرية في الشمال والجنوب، تحسبا لأي رد سوري أو ايراني على الضربة.

وقال المصدر إن إسرائيل أبلغت واشنطن مسبقاً بخططها للهجوم، مضيفاً أنه للمرة الاولى لم تقم إسرائيل بإخطار روسيا بشنها ضربة، وأن «الهاتف الأحمر» بين القدس وقاعدة حميميم الجوية الروسية لم يرفع خلال الهجوم أو بعده.

مخطط استفزازي

وفي موسكو، اعتبر وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الضربة الإسرائيلية «تطورا خطيرا جدا»، آملا أن يكون العسكريون الأميركيون على الأقل والدول الأخرى المشاركة في التحالف الدولي يدركون ما حصل.

ووصف لافروف اتهام دمشق بتنفيذ هجوم كيماوي على دوما بأنه «استفزاز»، مشيراً إلى أن عسكريين متخصصين من روسيا، وممثلي هيئة الهلال الأحمر السوري، زاروا موقع الحادث المزعوم، ولم يرصدوا أي أثر لاستخدام غاز الكلور.

وقال لافروف، في مؤتمر صحافي مع نظيره الطاجيكي سراج الدين أصلوف، «حذرنا مرارا وتكرارا من وجود مخطط لافتعال هجوم كيماوي في الغوطة من قبل المسلحين»، مؤكداً أن «الوضع يزداد تعقيداً ولموسكو التزامات نحو دمشق مع ظهور لاعبين جدد جاؤوا بدون أي دعوة بحجة التصدي للإرهاب لكن لديهم أغراضا مستترة أخرى».

رد أميركي

ومباشرة، توجهت الأنظار إلى واشنطن وباريس كونهما هددتا بالرد على مهاجمة النظام لمدينة دوما بالسلاح الكيماوي وقتله نحو 60 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، إضافة إلى إصابة أكثر من ألف بالاختناق، بحسب آخر حصيلة لاتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية السوري.

ولم يستبعد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس «أي شيء» بما في ذلك ضربة عسكرية لدمشق ردا على هجوم دوما، ملقيا باللوم على روسيا لأنها لم تف بالتزاماتها لضمان تخلي دمشق عن أسلحتها الكيماوية.

وقال ماتيس، قبل بدء اجتماع مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، «أول ما يجب علينا بحثه هو لماذا ما زالت الأسلحة الكيماوية تستخدم في سورية أصلا، رغم أن روسيا هي الضامن للتخلص منها بالكامل، لذا سنتعامل مع هذه القضية بالتعاون مع حلفائنا وشركائنا». واتجهت الأنظار إلى الاجتماع الذي عقد أمس في مجلس الأمن القومي في أول يوم عمل لمستشار الامن القومي الجديد جون بولتون، وناقش الاجتماع الادلة على حصول هجوم كيماوي، فضلا عن مسؤولية نظام الرئيس بشار الأسد عنه، وايضا الرد الاميركي المرتقب، بما في ذلك شن ضربة عسكرية لدمشق.

استجابة قوية

وبعد ساعات على وصفه الأسد بأنه «حيوان»، وتوعده بدفع «ثمن باهظ»، اتفق الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على «تنسيق استجابة قوية ومشتركة»، ردا على الهجوم المفترض.

وإثر الضربة الإسرائيلية، سارعت وزارة الدفاع (البنتاغون) إلى النفي بقولها إنها «في الوقت الحالي، لا تنفذ ضربات جوية في سورية، ونواصل متابعة الوضع عن كثب، ونؤيد الجهود الدبلوماسية الجارية من أجل محاسبة المسؤولين عن استخدام الكيماوي في سورية»، كما قال المتحدث باسم هيئة أركان الجيوش الفرنسية الكولونيل باتريك ستيغر: «ليس نحن».

إردوغان وبوتين

بدوره، أعرب الرئيس التركي رجب إردوغان، في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عن قلقه من هجمات دوما، لكنه أكد أهمية تعاونها المشترك لمنع قتل المدنيين في سورية.

وحذر الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف من «خطورة» إطلاق مزاعم قبل التحقيق في الهجوم الكيماوي على دوما، مشددا على أنه «لم يُجر أي تحقيق حتى الساعة. وإعلان خلاصات من دون معلومات ليس أمرا صائبا وخطيرا».

مجلس الأمن

ووسط ترقب لنتائج اجتماعين لمجلس الأمن لبحث الأزمة، الأول بدعوة من الكويت وكل من فرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد وبولندا وبيرو وهولندا وساحل العاج، والثاني بطلب روسي، أعلن مدير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية أحمد أوزومغو فتح تحقيق في هجوم مدينة دوما المقلق جدا.

وأشار أوزومغو إلى أن فريقا لتقصي الحقائق «أجرى تحليلات أولية للتقارير فور ورودها، ويقوم حاليا بجمع المزيد من المعلومات «للتثبت من استخدام أسلحة كيماوية».

وأثار استخدام النظام الغازات السامة في دوما تنديداً عالمياً، إذ أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها تناقش مع الحلفاء التحرك اللازم بعد هجوم دوما، مؤكدة أنه يجب محاسبة داعمي حكومة الأسد.

وقبل جلسة طارئة لمجلس الأمن، اتفق وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان، على طرح خيارات كثيرة على الطاولة، داعيا إلى «رد دولي قوي وشديد» على الهجوم المفترض.

ورجح المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن زايبرت تورط حكومة الأسد في الهجوم، معتبرا أن «مثل هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي لا ينبغي أن يبقى دون عقاب».

وذكر زايبرت أنه بدون دعم روسيا وإيران ما كان باستطاعة النظام مواصلة سياسته القائمة على الحل العسكري البحت للنزاع، مضيفا أن الدولتين مسؤولتان عن ردعه، وعلى موسكو التخلي عن موقفها المعرقل في مجلس الأمن.

وبعد رصده التطورات من عدة مصادر وإدانته «بأقوى العبارات»، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قناعته بمسؤولية النظام عن الهجوم الكيماوي، داعيا إلى استجابة فورية من المجتمع الدولي.

back to top