على ترامب في سورية التنبه لأخطاء أوباما في العراق عام 2011

نشر في 04-04-2018
آخر تحديث 04-04-2018 | 00:05
 واشنطن إكزامينر يجب أن يتنبه ترامب، الذي يستعد لسحب القوات الأميركية عن الأرض في سورية، لما حدث عقب انسحاب الرئيس السابق باراك أوباما المتسرع من العراق، فقد أدى انسحاب أوباما إلى تزايد التأثير الإيراني في السياسات العراقية، مما أجج بالتالي السياسات الطائفية الشيعية ضد السنة، وفي المقابل ساهمت هذه السياسات في تعزيز بروز "داعش" وأرغمت أوباما على العودة إلى العراق.

يمثّل قرار أوباما عام 2011 ما فضلته الحسابات السياسية المحلية على الأمد القصير (تمكن أوباما من الترشح، مستنداً إلى برنامج بعنوان "أخرجتنا من حرب بوش") لا متطلبات الأمن القومي (دعم حكومة عراقية متعددة الطوائف تحرم المجموعات الإرهابية من استخدام أراضيها كملجأ).

من المؤسف أن ترامب قد يكرر، على ما يبدو، الأخطاء عينها، ولكن ثمة خمسة أسباب منطقية ملزمة تؤيد إبقاء القوات الأميركية في سورية في الوقت الراهن وقد حددتها إدارة ترامب بحد ذاتها:

الأول الحد من تأثير إيران المخرّب في سورية، والثاني الإطاحة بالأسد من السلطة، والثالث نزع سلاح برنامج سورية الكيماوي، والرابع إعادة المهجرين والنازحين إلى منازلهم، والخامس إنزال هزيمة دائمة بـ"داعش"، و"القاعدة"، وغيرهما من المجموعات الإرهابية العابرة للحدود.

تُعتبر كل هذه الأولويات مهمة لمصالح الولايات المتحدة القومية.

في مسألتَي المهجرين والنازحين والأسلحة الكيماوية، أعربت إدارة ترامب عن قيادة أخلاقية بمواجهتها عملية تسميم الأمة التي يقودها الأسد، لكن سحب القوات الأميركية من سورية سيبعث إلى الأسد برسالة مفادها أن الولايات المتحدة موافقة الآن على قتله شعبه، ولا شك أن آلافاً آخرين سيموتون.

على نحو مماثل، إن كنا نهتم بإلحاق هزيمة دائمة بـ"داعش" و"القاعدة"، فلا نستطيع بكل بساطة حزم حقائبنا والمغادرة. يعمل تنظيم "داعش" اليوم على إعادة تشكيل صفوفه، وقد أعرب عن قدرة مذهلة على إعادة بناء كوادره في ظل غياب الضغط الخارجي.

هل يود ترامب أن يكون الرئيس الذي أنزل الهزيمة بـ"داعش" وسمح له بالنهوض مجدداً من تحت الرماد؟ لا شك أن موقف الأسد الطائفي في البنى السياسية السورية سيظل عقبة كبيرة أمام أي ترتيب سياسي في المستقبل يعزل النفوذ الإرهابي. وتؤدي القوات الأميركية هنا دوراً كبيراً لأنها تساهم في التأثير في الحكومة الروسية ودفعها إلى الاستنتاج أن من الضروري استبدال دميتها، الأسد، في دمشق.

علاوة على ذلك ستحاول حكومة أردوغان أيضاً استغلال أي انسحاب أميركي بغية سحق الأكراد في شمال سورية، وفي الوقت الراهن، يشكّل الجيش الأميركي القوة المعرقلة التي تردعه.

أخيراً، نصل إلى تأثير الوجود الأميركي على الأرض الذي يعوق الجهود الإيرانية الرامية إلى إنشاء خط إمداد رئيس مجاور بين طهران وجنوب لبنان، إذا رحلت الولايات المتحدة يطلق غيابنا يد أتباع آية الله ويسمح لهم بمواصلة زعزعة السياسات الإقليمية.

من الضروري أن يسأل ترامب نفسه عما إذا كان خطاب حملته أكثر أهمية من الحرص على حماية الأولويات الأميركية، وعند تأمله هذه المسألة، عليه أن يتذكّر أيضاً أن خسائر القوات الأميركية اليوم قليلة ومتباعدة، تماماً على غرار ما واجهته هذه القوات في العراق عام 2011.

صحيح أننا خسرنا يوم الجمعة أميركياً قرب منبج، لكن تضحية ذلك الجندي تشدد على جوهر هذا المقال: لا تقتصر أهمية وجودنا على العمليات العسكرية بل تشمل أيضاً ما لهذا الوجود من قوة محتملة وتأثير سياسي، فتشكّل منبج في النهاية مفترق طرق للقضايا المهمة التي تخاطر الولايات المتحدة بخسارتها في سورية.

* توم روغان

*«إكزامينر»

back to top