Journey’s End... موت الجنود في خنادق الحرب العالمية الأولى

نشر في 04-04-2018
آخر تحديث 04-04-2018 | 00:00
توم ستوريدج في مشهد من الفيلم
توم ستوريدج في مشهد من الفيلم
قبل سنوات، في غابة ألمانية هادئة، أوقف حفار قبور الجنود القتلى رفشه وقال: «في هذه العظام، ترى ماهية الحرب. صرت أعرف الحرب اليوم. سأخبركم عنها. الحرب شبان يقتلون شباناً آخرين لا يعرفونهم بأوامر من رجال أكبر سناً يعرف بعضهم بعضاً جيداً».
Journey’s End فيلم بريطاني عنيف غني بالمعاني، تدور أحداثه على الخطوط الأمامية في الحرب العالمية الأولى التي أودت بحياة 17 مليون نسمة، كثيرون منهم كانوا جنوداً مشوا في معارك ميؤوس منها بقيادة جنرالات مضللين. تشكّل هذه القصة المستوحاة من مسرحية روبرت سيدريك شريف لعام 1928 تأملاً في الواجب والجنون ولمحة عن زمن ما قبل السترات الواقية من الرصاص، والصواريخ الموجّهة بالليزر، والقلق العام حيال حصيلة الضحايا العالية.

يقبع الجنود البريطانيون في الخنادق على الجبهة الغربية (تخيّم القوات الألمانية على بعد 55 متراً)، مصغين إلى القذائف المتساقطة في البعيد المظلم. تنتقل السجائر من يد إلى أخرى، تركض الجرذان مسرعة، وتصرّ الأحذية في الوحول، وتتدلى أقنعة الغاز، وتظهر الشعلات المضيئة فوق الرؤوس كما لو أنها أطياف.

دراما

تتمحور هذه الدراما، التي تولّد في الصدور شعوراً بالضيق، حول الملازم الثاني راليه (أسا باترفيلد) القليل الخبرة والمليء بالحماسة والرجل الذي يكن له كل احترام الكابتن ستانهوب (سام كلافلين)، الذي رأى الكثير من الجثث وبدأ يفقد رباطة جأشه.

يذكر مخرج الفيلم سول ديب: « يقفون هناك للدفاع عن جبهة لا يمكن الدفاع عنها. مهمتك التضحية بنفسك. تدور هذه القصة حول الوجه النفسي لانتظار موتك الوشيك. شكّل هذا الفيلم فرصة للتعمّق في الشخصيات والعلاقات اللصيقة بين الرجال، وكيفية تعاطيهم مع الخوف. هؤلاء يخوضون حرباً مع أنفسهم».

شكّلت الحرب العالمية الأولى تصادماً بشعاً بين أوروبا القديمة والعصرية وصراعاً رخيصاً بأسلحة متقدمة (قذائف الهاون، وقاذفات اللهب اليدوية، والبنادق الرشاشة) هزت القارة، مخلّفة أعداداً كبيرة من القتلى. جرى أكبر جزء من القتال في الخنادق، ضاغطاً ساحة القتال حيث وقف الجنود وأطلقوا النار عبر الضباب والأسلاك الشائكة، كما لو أنهم فئران في متاهة تنتظر الهجمات. قضت الحرب على جيل كامل تقريباً من رجال الطبقة العاملة والطبقة العليا.

كتب ملازم كان مدير مدرسة قبل الحرب إلى زوجته عشية التعرض لهجوم: « عشت حياة مديدة. إلا أن هؤلاء الشبان لا يعرفون كم حظهم عاثر. لا يعلمون أن وجودهم ما زال حديث العهد».

موسيقى

على غرار Dunkirk الذي رُشّح لجائز أوسكار وروى قصة جنود بريطانيين احتجزتهم القوات الألمانية على الساحل الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية، يولّد Journey’s End، الذي كتبه سايمون ريد، طبقات من التوتر عبر موسيقاه، التي ألفتها عازفة التشيلو هيلدور غودنادوتير والمؤلفة الموسيقية البريطانية ناتالي هولت. تحمل هذه الموسيقى فيضاً من الأسى والخوف كما لو أنها طيف يحوم في غسق الشتاء. فتمنح زخماً لفيلم لا يعتمد في حركته على مشاهد الحرب العنيفة بل على قلق انتظار هجوم.

يضيف ديب، الذي أخرج أيضاً Duchess من بطولة كيرا نايتلي وSuite Française، قصة جنود ألمان احتلوا قرية فرنسية من تمثيل ميشال وليامز وكريستن سكوت: « أردنا أن نحمّل الفيلم الإحساس المريع بالتوجس بغية التأكيد منذ البداية أن هؤلاء رجل محكوم عليهم بالموت». ويتابع موضحاً أن أكثر من 700 ألف جندي ماتوا في هجوم الربيع الذي دام ثلاثة أشهر عام 1918.

يذكر ديب أيضاً: « لم نشأ أن يبدو الضباط منفّرين للمشاهد كطبقة، علماً بأن هذا قد يحدث مع الطبقة المتوسطة الميسورة البريطانية. ارتاد معظم الممثلين الذين يؤدون أدوار الضباط مدارس حكومية. لذلك يجسدون أدوار ضباط، إلا أنهم لا ينتمون إلى تلك الطبقة أنفسهم. وأعتقد أن هذا يسهم في سد الفجوة قليلاً».

أصداء الخسائر

تتردّد أصداء الخسائر البشرية والحسابات الوطنية في مختلف أجزاء Journey’s End. وتشكّل هذه المحاور العالمية ذاتها التي تجسّدها أيضاً قصائد أوين عن الحرب العالمية الأولى التي ما زالت تُدرّس حتى اليوم في المدارس في مختلف أرجاء إنكلترا. يقول ديب إن أوين، جندي قُتل قبل أسبوع من إعلان الهدنة التي أنهت الحرب عام 1918، لا يُذكر في الفيلم. لكن هذا العمل يسعى إلى تجسيد جو الرعب والخسارة الذي تعكسه قصائده.

يختم هذا المخرج: « هذه قصائد معبّرة تحمل في أبياتها غضباً محقاً. تشعر بنبرة مرة-حلوة عندما ترى هذا المقدار من الإنسانية والجمال في أمر هدام مماثل».

back to top