حاصدو الأخطاء!

نشر في 29-03-2018
آخر تحديث 29-03-2018 | 00:00
 مسفر الدوسري "كل ابن آدم خطّاء"، ذلك ليس فتحاً معرفيا لم تدركه البشرية من قبل، لكنه يقين أدركته البشرية منذ وجدت على الأرض. نكتمل ما استطعنا، لكننا لن نفلت من فخ الخطأ، ولن نجد وسيلة لتجاوزه إلا عن طريق الوقوع فيه!

لا يقف الحد عند عدم طهارة أيدينا من رجس الخطأ، بل يتجاوزه إلى عدم طهارة ابن آدم من الخطيئة "من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر".

خلقنا للتعامل مع نقصنا، لا لنمارس كمالنا، الصواب مكافأة الحياة قد تهبه لمن تشاء مجاناً، أو تخضعنا لاختبار ارتكاب الخطأ قبل أن تمنحنا إياه، قدر كل امرئ منا منذ اللحظة الأولى لولادته أن يمشط جدائل أخطائه إلى أن تشيب جديلة الصواب، وتتضح لنا من خلال بياض لونها. تلك حيلتنا الإنسانية في الحياة لاستدراج الصواب، إنها: اقتراف الأخطاء. من هذه الحيلة امتلأت خزائن الحكمة والأمثال على مدار الأرض، وعلى مرِّ الزمن بنفائس العِبر والعبارات المُرشدة. الخطأ سيد نبوءاتنا بالصواب، نزرع الأخطاء في ثرى العمر، فتتضح لنا ملامح الطريق، لنكمل المشوار من غيرها، تاركين أمر رعايتها لغبار الأيام، مستفيدين مما كنزناه من ثمارها بما يسد رمق خبرتنا في الأيام المقبلة، وكثير منا لا يلقي بالاً لبذور ثمرة الأخطاء عندما نلقيها خلف ظهورنا بعد أن نأكل ثمرتها، هناك من يلتقطها، أو يبحث عن أخرى أقام عليها غبار السنين جبلاً من حجر النسيان، وهناك من يلتقط إخفاقاتنا حلوى عيد وخيباتنا في الفشل لباب الصواب عكازة لعجزه. لست أعني من يعلنون كراهيتهم لنا، فهذا أقل ما يتوجب عليهم فعله، لكن أعني من نظنهم في محيط البصيرة أو البصر، المقربون حد الأمان إلى قلوبنا، الذين يخبئون بذرة أخطائنا في خزنة سرية في داخلهم، ليشهروها في وجوهنا بالمستقبل، إنهم "حاصدو الأخطاء" كما أسماهم خبراء في الاجتماع حذروا من التعامل مع ثماني شخصيات، إحداها "حاصد الأخطاء".

تقول المعالجة النفسية "شيري مايرز: "هناك أشخاص ماهرون في حصد أخطائك، من أجل استغلالها ضدك في المستقبل، ويتضح ذلك عندما يستحضرون دائما لك أخطاء من الماضي، أثناء دفاعك عن نفسك في أحد المواقف من أجل إحباطك".

هناك من يجمع ما تبقى من رماد أخطائنا، بعد أن اختلط بخطوات العابرين، لصنع سلاح منه ضدنا في المستقبل. هناك من يقتنص سقطاتنا، ليس كدليل لارتكابنا خطأ ربما لن ننكره أصلاً، إنما كورقة أخيرة للهروب كلما حاصره ذنب اقترفه بحقنا.

حاصدو الأخطاء لا يمكن ائتمانهم على سر، فكل سر لديهم قابل للمساومة، كوسيلة للضغط حين الحاجة، ولا يتوقع منهم غفران الأخطاء، لأنها بضاعتهم التي تقتات عليها علاقاتهم الإنسانية، لذلك نصح خبراء الاجتماع بقطع العلاقة معهم على الفور، كأحد أخطر ثماني شخصيات قد تدمر من يتعامل معها نفسيا!

back to top