لمَ يُعتبر الجفاف أمناً قومياً في إيران؟

نشر في 26-03-2018
آخر تحديث 26-03-2018 | 00:04
 المونيتور إيران بلد جاف مع مستويات متدنية من الهطولات المائية السنوية ومصادر مياه محدودة تزداد تقلصاً، إذ يسيطر الجفاف على الجزء الأكبر من البلد منذ ما لا يقل عن عقد، كذلك انخفض الهطول المائي كثيراً ليبلغ أدنى مستوياته المسجلة خلال خمسين سنة، ومن المتوقع أن يزداد هذا الوضع سوءاً.

لكن هذا الوضع الناجم عن النمو السكاني، وقطاع زراعة غير فاعل، وتطوير صناعات تستهلك الماء في مناطق هذا البلد الجافة ازداد سوءاً نتيجة عامل يُعتبر السبب الرئيس وراء ندرة المياه الراهنة: سوء الإدارة خلال فترات طويلة من الزمن. يشير الخبراء إلى أن أزمة الماء بدأت قبل أكثر من 50 سنة، وأن سوء الإدارة أدى إلى تفاقمها خلال العقود القليلة الماضية، ويضيفون أن السلطات تجاهلت في البداية واقع أن الموارد المائية محدودة في إيران وتبنت سياسات بدا جلياً أنها لم تأخذ في الاعتبار تداعياتها المستقبلية، وضمن إطار هذه السياسات بنت عدداً كبيراً من السدود في البلد، مما بدّل جغرافية موارد المياه وأدى إلى تقلّص الأراضي الرطبة والبحيرات المالحة مثل أرومية.

لذلك يعتقد الخبراء في مجال الماء، مثل كلوديا سادوف، أن على إيران تعديل طريقة إدارتها الموارد المائية كي تجعلها تدوم فترة أطول.

تذكر سادوف: "كي تضبط إيران مخاطرها المائية، تستطيع أن ترتكز على تاريخها الطويل في إدارة الموارد المائية وتستعين بتقنيات معلومات وأدوات جديدة كي تحسّن فهمها لتوافر الماء وقدرتها على توقعه"، وتتابع موضحة أن على هذا البلد أن يحدّث أنظمته للري ويصلح التسربات في الأنابيب كي يقلل الهدر.

تشير سادوف أيضاً إلى أن إيران "تستطيع تعزيز الحوافز كي تزيد الفاعلية وتحد من الهدر، كذلك يمكنها أن تستغل الفرص لتلتقط مياه العواصف، وتعالج مياه الصرف وتعيد استعمالها، وتبني قدرتها على تحلية الماء".

اعتمدت حكومة روحاني بعض هذه الإجراءات كجزء من برامجها لمعالجة المشاكل البيئية منذ توليه منصبه في شهر أغسطس عام 2013.

علّقت حكومة روحاني بناء 14 سداً في محافظات مختلفة وركّزت بدلاً من ذلك على إقامة شبكات لتوزيع الماء عبر أقنية تحت الأرض كي تحدّ من التبخر، وكجزء من إجراءات أخرى استوردت الحكومة معدات ري حديثة، فرضت على المزارعين تركيب عدادات ماء، وأوقفت إصدار رخص جديدة للنقل المائي، كذلك أغلقت مئات الآبار غير الشرعية وزادت عدد محطات المعالجة الريفية والصناعية على حد سواء، مشجّعةً في الوقت عينه المزارعين على زراعة محاصيل مثل الفستق الحلبي والزعفران لأنها لا تحتاج إلى كمية كبيرة من الماء.

علاوة على ذلك، شُكّل فريق عمل خاص في قسم الشؤون العلمية والتقنية في المكتب الرئاسي هدفه المساعدة في تسريع الخطط التقنية للحد من استهلاك الماء.

تحدث الرئيس الإيراني أيضاً عن مشروع يخطط له القطاع الخاص بغية تحلية المياه الجنوبية ونقلها إلى المحافظات في وسط البلد.

أخبر محمد حسين كريمي بور الحضور في مؤتمر عُقد بمناسبة اليوم الوطني للمياه في الثاني من مارس: "إذا أخفقنا في الحد من استهلاك الماء بنسبة 20% في غضون السنوات الخمس المقبلة وبنحو 40% خلال السنوات الخمس عشرة التالية، فسيصبح استقرار إيران معرضاً للخطر، ولا شك أن هذه مهمة بالغة الصعوبة".

ومع الصدامات الأخيرة في محافظة أصفهان في الوسط بسبب النقص في الماء، يحذّر الخبراء من أن هذه المسألة تحولت إلى مسألة أمنية، كذلك يحذرون من عمليات هجرة جماعية، فضلاً عن تداعيات اجتماعية-اقتصادية وسياسية، إذا لم تُحل هذه المشكلة.

* ميسم بيزار

* «المونيتور»

back to top