بولتون كبير «صقور» المحافظين مستشاراً للأمن الأميركي

• يدعم الانسحاب من «الاتفاق النووي» وتغيير النظام الإيراني
• دعا إلى ضربة استباقية ضد كوريا الشمالية
• متشدد ضد موسكو و«صديق كبير» لإسرائيل والأكراد ومعادٍ للأمم المتحدة وله خبرة واسعة في سورية ولبنان

نشر في 24-03-2018
آخر تحديث 24-03-2018 | 00:05
بولتون في صورة تعود للعام 2016 في «ترامب تاور» (رويترز)
بولتون في صورة تعود للعام 2016 في «ترامب تاور» (رويترز)
في خطوة أثارت مخاوف، لأنها تأتي في توقيت حساس، عين الرئيس الأميركي دونالد ترامب المحافظ جون بولتون المؤيد للتدخل العسكري في العالم، مع اقتراب انتهاء مهلة واشنطن لتعديل الاتفاق النووي الإيراني، وتقدم يحرزه الرئيس السوري بشار الأسد في سورية، ووسط توتر أوروبي ـ روسي مستجد ومحاولة أميركية جادة لتسوية مسألة كوريا الشمالية.
عين الرئيس الاميركي دونالد ترامب، أمس الأول، جون بولتون أحد المحافظين الجدد المتشددين الذي يعمل محللاً لدى قناة "فوكس نيوز" المحافظة، في منصب مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض الذي يتمتع بتأثير كبير.

وجاء تعيين بولتون بينما يفترض ان تبدأ مفاوضات تاريخية مع كوريا الشمالية، ومع اقتراب موعد حاسم لمستقبل الاتفاق النووي الإيراني الذي كان هذا السفير السابق للولايات المتحدة في الامم المتحدة من اشد منتقديه.

وكتب ترامب في تغريدة "يسعدني أن أعلن أن جون بولتون سيكون مستشاري الجديد للأمن القومي اعتباراً من التاسع من أبريل 2018"، في تغيير جديد في فريقه مع رحيل الجنرال هربرت ريموند ماكماستر، بعد سلسلة من الإقالات والاستقالات في الأشهر الأخيرة.

«أبو شوارب»

وبولتون (69 عاماً) الشهير بشاربيه وميله الى الاستفزاز كان أحد القادة "الصقور" في إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، وسفيراً لبلاده في الأمم المتحدة في عهده.

وبولتون، الذي يؤيد بشدة استخدام القوة على الساحة الدولية، لا يتفق مع ترامب في كل الملفات. فهو من المدافعين بشراسة عن الحرب في العراق التي انتقدها ترامب مراراً.

وقال بولتون الذي انتُقد في الأمم المتحدة في بعض الاحيان بسبب افتقاره إلى السلوك الدبلوماسي، لـ"فوكس نيوز" بعد الاعلان عن تعيينه "لم أكن أتوقع هذا الإعلان بعد ظهر اليوم لكنه شرف كبير لي بالتأكيد". وأضاف: "لدي آرائي وسأعرضها على الرئيس"، مدافعاً عن ضرورة أن يتمكن الرئيس من "تبادل الأفكار بحرية" مع مختلف مستشاريه.

وخلافاً لوزيري الدفاع والخارجية، لا يحتاج مستشار الأمن القومي لتصويت في مجلس الشيوخ قبل أن يتولى مهامه.

ويأتي هذا الإعلان بعد الإقالة المفاجئة لوزير الخارجية ريكس تيلرسون الذي سيحل محله المدير الحالي لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) مايك بومبيو وهو جمهوري أيضاً من أنصار اتخاذ موقف متشدد حيال كوريا الشمالية وإيران.

ردود فعل متضاربة

وأثار تعيين بولتون، ثالث شخصية تشغل هذا المنصب في عهد ترامب، ردود فعل متضاربة. فقد قال الجمهوري لي زيلدين العضو في الكونغرس والوفي لترامب، إن بولتون "رجل يتمتع بمؤهلات استثنائية" لشغل هذا المنصب. وعبر عن ارتياحه لأنه "لن تحدث تسريبات بعد اليوم من مجلس الأمن القومي"، موضحاً أن "الذين بقوا من عهد (الرئيس السابق باراك) أوباما سيرحلون والفريق سيضاعف جهوده".

وأشاد السناتور الجمهوري ليندساي غراهام بخيار الرئيس الذي وصفه بانه "نبأ سار لحلفاء أميركا، ونذير شؤم لأعدائها".

أما ارون ديفيد ميلر الدبلوماسي المحنك، الذي عمل في إدارات جمهورية وديمقراطية، فقد رأى أنه "مع تعيين بولتون، سيكون فريق ترامب للسياسة الخارجية الأكثر تشدداً وآيديولوجية والأقل براغماتية في الذاكرة الحديثة، في وقت تتطلب فيه التحديات على الساحة الدولية الحزم ولكن أيضاص مرونة وبراغماتية".

وتوجه بعبارات تشجيع إلى جيم ماتيس وزير الدفاع، الذي يعتبره عدد كبير من المحللين آخر صوت معتدل في فريق ترامب وخصوصاً بشأن كوريا الشمالية وإيران.

من جهته، شكك ريتشارد هاس رئيس مركز مجلس الأبحاث للعلاقات الخارجية في قدرة السفير السابق على أن يكون مستشاراً نافذاً لترامب.

إيران

وبولتون معروف بمواقفه المتشدة من ايران اعتبر في احد تعليقاته على "فوكس نيوز" أن البديل عن الاتفاق النووي هو تغيير النظام في طهران. ويعتقد أن أوروبا سقطت في فخ إيران عبر إعادة الروابط الاقتصادية معها والحل الوحيد برأيه لجعل الدول الأوروبية تفهم خطورة طهران هو الانسحاب من الاتفاق.

الحروب الاستباقية وكوريا

ويؤيد بولتون كذلك الحروب الاستباقية إذ كان أحد مهندسي غزو العراق في 2003.

وهو موقف يتخذ أبعاداً مدوية مع اقتراب القمة التاريخية المرتقبة بين دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

لم يخف بولتون شكوكه حول النتائج التي يمكن تحقيقها من خلال استخدام الردع النووي الكلاسيكي ضد بيونغ يانغ.

وفي مقال نشر في نهاية فبراير في صحيفة "وول ستريت جورنال"، عبر عن موقفه بوضوح بقوله: "إنه لمن المشروع تماماً أن ترد الولايات المتحدة على التهديد" الذي تمثله كوريا الشمالية التي تمتلك القوة النووية، "من خلال أن تكون البادئة بتوجيه ضربة". وتساءل "كم من الوقت على أميركا أن تنتظر قبل أن تتحرك لإزالة هذا التهديد؟"

روسيا

بولتون معروف بتشدده ضد روسيا وطالب قبل أيام بموقف قوي من حلف شمال الأطلسي (ناتو) تجاه موسكو بعد تسميم العميل المزدوج سيرغي سكريبال في مدينة سالزبري البريطانية، ورأى مراقبون محليون أن تعيينه قد يشكل أحد أوراق ترامب لمواجهة ما قد يحصل في ملف التدخل الروسي.

وأعلن الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف بعد تعيين بولتون، أن "روسيا تأمل بزيادة عدد المسؤولين في البيت الأبيض الذين يستطيعون تجنب موجة كراهية روسيا التي اجتاحت دولاً كثيرة، منها الولايات المتحدة".

الأكراد

وبولتون معروف بتأييده للأكراد وكان عبر عن دعمه لاستفتاء 25 سبتمبر في إقليم كردستان العراق وهو يؤيد توسيع التحالف مع أكراد سورية وكان دعا الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة إلى الدفاع عن حلفائها في "قوات سورية الديمقراطية" (قسد).

الأمم المتحدة

والمستشار الجديد للأمن القومي معاد جداً للأمم المتحدة وله عبارات شهيرة منها: "لا يوجد شيء اسمه الأمم المتحدة" و"إذا تدمرت الطوابق الـ ١٠ العليا للأمم المتحدة في نيويورك، فلن يكون لذلك أي تأثير يذكر". وربما يؤدي تعيينه إلى تشديد نهج الرئيس ترامب الساعي إلى تقليص حجم ونفوذ وتمويل المنظمة الدولية.

لبنان وسورية

وكان لبولتون دور في الأحداث التي شهدها لبنان بعد اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في 2005 وما تبعها من إخراج الجيش السوري من لبنان وتشكيل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وبعد ذلك في تأمين غطاء دولي لإسرائيل في حرب 2006 .

إسرائيل

ورأى مراقبون أن تعيين بولتون المؤيد الكبير لإسرائيل في منصب مستشار الأمن القومي، يعني أن واشنطن ستمضي في الضغط على الفلسطينيين للقبول بالتصور الذي وضعه كبير مستشاري الرئيس وصهره جاريد كوشنير.

قالت وزيرة العدل الإسرائيلية، ايليت شاكيد، في تصريح لراديو "صوت إسرائيل" إن بولتون صديق حقيقي لدولة إسرائيل ولديه خبرة واسعة وتفكير إبداعي، مضيفة أن "إدارة ترامب هي من أكبر الإدارات الأميركية تعاطفاً مع إسرائيل على مر التاريخ".

ماكماستر يعتزل

أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ"العمل الاستثنائي"، الذي قام به الجنرال اتش. ار ماكماستر في منصب مستشار الأمن القومي، وأكد أنه سيبقى صديقه دائماً. وكان ماكماستر انتقل من وزارة الدفاع في فبراير 2017 الى البيت الأبيض، ليحل محل مايكل فلين الذي أجبر على الاستقالة بسبب اتصالاته مع مسؤولين روس خلال الحملة الانتخابية. وسينسحب ماكماستر من الحياة العامة، وقال في بيان مقتضب "بعد 34 عاما في خدمة بلدنا سأتقاعد من الجيش اعتباراً من هذا الصيف".

تعيين بولتون يثير ردود فعل متضاربة بين ترحيب جمهوري ورفض ديمقراطي
back to top