بيان ريحانوفا تسلِّط الضوء على الثقافة في الكويت

«ظواهر الثقافة العربية الإسلامية... قراءات تطبيقية» للكاتبة البلغارية بالعربية

نشر في 19-03-2018
آخر تحديث 19-03-2018 | 00:02
No Image Caption
يرى الكاتب والباحث حمد الحمد أن كتابات بيان ريحانوفا تتسم بمستوى أكاديمي رفيع ومهني، وتكتب الكاتبة البلغارية بلغات عدة إلى جانب لغتها الأم، من بينها الفرنسية والإنكليزية والعربية، وتنشر مقالاتها في منشورات مُحكمة وصحف، وتحظى أعمالها باهتمام واسع.
وعن آخر إصداراتها يقول الحمد إنه كتاب نقدي لافت بعنوان «ظواهر الثقافة العربية الإسلامية... قراءات تطبيقية»، ويتميّز بأن الباحثة كتبته باللغة العربية، أي أنه لم يُترجم. صدر عن دار «عالم الكتب الحديث» بالأردن، ويتكون من 180 صفحة، تتوزّع فيها خمسة أجزاء مُهمة هي على التوالي: «قراءات في الأدب العربي المعاصر، وقراءات في النقد الأدبي، وقراءات في تدريس اللغة العربية للناطقين بغيرها، وقراءات في الفنون الجميلة، وقراءات في الروحانيات الإسلامية»، وكل جزء من مادة الكتاب يتفرع إلى فصول عدة. هنا مقال للباحث والكاتب حمد الحمد وفيما يلي التفاصيل:
في مقدمة «ظواهر الثقافة العربية الإسلامية... قراءات تطبيقية» لبيان ريحانوفا، أكّد الناشر أن تعدّد مواضيع الكتاب يعكس اتساع اهتمامات الباحثة العلمية بالثقافة العربية والإسلامية، إذ تملك الأخيرة السطوة والجاذبية تجاهها من مختلف الشرائح والأجيال من مواطنين وأجانب على حد سواء، ويكتشف القارئ عند الانتهاء من مادة الكتاب مدى إعجاب الباحثة بالثقافة العربية والإسلامية واحترامها الشديد لها.

ضوء على الكويت

لا يتسع المجال في هذا المقال لعرض مُجمل مادة الكتاب بفصوله الكثيرة، لذا سنلقي الضوء على اهتمام الباحثة بالأدب في الكويت واطلاعها عليه، شاكرين لها جهودها في هذا المجال.

في الجزء الأول «قراءة في الأدب العربي المُعاصر»، تبيِّن الكاتبة للمتلقي أنها تهدف إلى دراسة النماذج الأدبية المكتوبة بأقلام كتّاب الرواية والقصة. ويمثِّل هؤلاء المدارس والأجيال الإبداعية المختلفة، كما تقول مشيدةً بتطوّر الأدب العربي في النصف الأول من القرن العشرين حينما بدأت سيطرة مواضيع الوطنية والقومية والحركات التحررية، وبالحياة القروية والمدنية بعدما تغير النهج في العقود الأخيرة واتجه نحو الواقعية والحداثة وما بعد الحداثة، كما تشير.

وتعرض الباحثة في هذا الجزء لنماذج أدباء وكتّاب عرب، من ضمنهم كويتيون، فتذكر أعمال د. سليمان الشطي، والكاتب حمد الحمد، مشيرةً إلى روايته «اختطاف».

وتتصدى الباحثة للأدب النسائي العربي مخصصةً الفصل الثاني من الجزء الأول لأدب د. نجمة إدريس، الأستاذة في جامعة الكويت، فتفرد لأعمالها خمس صفحات بعدما وضعتها في فئة النساء اللواتي استخدمن النصوص الشعرية المكتوبة، وهو تمثيل للمستوى الجديد للوعي الاجتماعي. كذلك تعدّد دواوينها الشعرية وكتبها البحثية، مشيرة إلى أنها بكتابتها تنتمي إلى المذهب الواقعي، وتعتمد على التجربة الشخصية لا الأيديولوجيات، وكتاباتها تحتوي على المضامين الأساسية للشعر المؤمن بالإنسان وإنسانيته. وتكشف اهتمامها الرئيس بتصوير الظواهر الواقعية والتعبير عن دواخل بطلاتها على حد سواء.

كذلك توضح الباحثة أن دواوين إدريس تنتمي إلى المذهب الواقعي، مؤكدةً أنها نجحت في المزج بين الواقع والرمز، والهم الذاتي والهم القومي الذي يتغلغل في اليوميات العادية، وتذكر أبياتاً من إحدى قصائدها من ديوان «مجرة الماء».

سامي محمد

لفت انتباه د. بيان ريحانوفا إبداع الفنان الكويتي سامي محمد، فخصصت له نحو ثماني صفحات في كتابها القيم. جاء في الجزء الرابع «قراءات في الفنون الجميلة» الفصل الأول «الحرية والحب والسلام- الأعمال التشكيلية لسامي محمد».

تشيد الباحثة بتجربة التشكيلي الذائعة الصيت، ذاكرةً أن ثقافة الكويت المُعاصرة تتميز بالتداخل العجيب في الاتجاهات والتيارات والتقاليد الحديثة والقديمة والأساليب الفردية المتنوعة في مجالاتها كافة، ذلك بفضل نشاطات كثير من الفنانين والأدباء الكويتيين، ومن بينهم النحات والرسام والفنان التشكيلي سامي محمد، الذي استحق التقدير ليس في الوطن العربي فحسب بل وفي البلدان الأوروبية حيث أقام أول معرض له في بلغاريا بصوفيا عام 1989.

وذكرت الباحثة أن الفنان يستوحي أعماله من التراث العربي والإسلامي، ومن التجربة الفنية العالمية المُعاصرة ليؤسس منهجه الأصيل، ومن بين نماذجه التشكيلية المُبكرة عدد من التماثيل مصنوعة من البرونز. وعندما يرسم تراه ينظر بعمق إلى الأشخاص، مظهراً حساً عالياً في التعبير والاستشفاف، فيصل إلى أعماق النفس البشرية عبر المظهر الخارجي، لذا هو ماهر في التصوير النفسي في المراحل الأولى من إبداعه.

اهتمام وإشادة

بالعودة إلى مراجع مادة الكتاب، يبدو واضحاً اطلاع الدكتورة ريحانوفا الواسع على الأدب الكويتي، إذ تذكر أسماء كثير من أدبائنا، ومن بينهم سليمان الشطي، ونجمة إدريس، وإسماعيل فهد إسماعيل، وثريا البقصمي، وحمد الحمد، وطالب الرفاعي، وليلى محمد صالح، وليلى العثمان، وفاطمة العلي، وسامي محمد.

وأشادت بالباحثة الأكاديمية نادية هناوي بمقال لها في الكتاب، حيث ذكرت أن د. ريحانوفا قدّمت للقارئ العربي العام والمتخصص رؤية بانورامية للأدب العربي، ما يعكس مستوى الاهتمام الغربي بأدبنا العربي المُعاصر من جهة، ويبين من جهة أخرى ما ينبغي أن يكون عليه نقدنا العربي كي يلفت انتباه المستشرقين مثلما لفت أدبنا العربي عنايتهم واهتمامهم.

ختاماً، نأمل من المؤسسات الثقافية في الكويت، ومن بينها المجلس الوطني للثقافة والآداب والفنون وغيره من مؤسسات، دعوة الباحثة الدكتورة بيان ريحانوفا لزيارة الكويت من أجل المشاركة في الفعاليات الثقافية، كالقرين وأية فعاليات أخرى، تقديراً لها لجهودها ولاهتمامها الواسع بالأدب الكويتي وتسليط الضوء عليه أوروبياً وعربياً.

إنتاج غزير

بيان ريحانوفا مُستشرقة من بلغاريا، وهي دكتورة في جامعة صوفيا، تهتمّ بالأدب العربي والتراث الأدبي الإسلامي، ولها اطلاع واسع على الأدب في منطقة الخليج، تحديداً الكويت.

من مواليد كازاخستان عام 1958، لديها إنتاج غزير تعرض من خلاله للأدب العربي المُعاصر وبحوث اللغة العربية وملامح الثقافة الإسلامية، كذلك لها ترجمات لأعمال أدبية معاصرة، من بينها كتابات الروائية الكويتية ليلى العثمان.

back to top