بهائم وديمقراطيات

نشر في 18-03-2018
آخر تحديث 18-03-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي "الشعوب العربية ليست مستعدة للديمقراطية ولا جاهزة للحرية"، هذه إحدى أجمل المقولات وأكثرها ترديداً، وهي اسم الدلع للمقولة الأخرى، الأكثر وضوحاً ومباشرة؛ "الشعوب العربية ليست أهلاً للديمقراطية ولا للحرية"، أو "الشعوب العربية لا تستحق الديمقراطية ولا الحرية".

المقولة الأولى، التي تتحدث عن عدم الاستعداد والجاهزية، هي المقولة "الرسمية"، التي تسعى المخابرات العربية إلى ترسيخها في أذهان الناس، وتسويقها بينهم، عبر الفضائيات والصحف، وحتى بالكتابة على بيوت الفقراء وسياراتهم، تحت جملة "هذا من فضل ربي"، بشرط أن تُقال على طريقة الحكماء، وبنبرة صوتهم وانخفاضها، مع مسحة حزن تضفي واقعية وألماً كامناً. أما في المجالس الخاصة، فلا مانع من كشف الورق: "الشعوب العربية بهائم، والبهائم لو أعطيت حريتها لأهلكت نفسها".

جميل… الشعوب العربية غير مستعدة للديمقراطية ولا للحرية… إذاً؟ لا تحتاج الإجابة إلى تفكير؛ إذاً يجب أن تبقى الشعوب تحت الحكم الفردي، والمزاجية، والعُقد النفسية، وأن تُقمع وتُحرم من الحرية، وتعيش كالقطعان في المراعي، وتردد ما تقوله حكوماتها كالببغاوات، وتُنهب أموالها وتُسخّر لتثبيت الكراسي، ومن يعترض يتم سجنه بلا أحكام قضائية، أو بأحكام قضائية تصدرها الحكومات لا المحاكم.

الشعوب ليست أهلاً للديمقراطية يا عزيزي، ولا تستحق الحرية، ولا يجب أن يُسمح لها بتأسيس جمعيات حقوق إنسان شعبية وحقيقية، وإن أرادت تأسيس مثل هذه الجمعيات فالحكومات ستتكفل بكل شيء، بدءاً من المبنى، وليس انتهاءً بتعيين رؤساء لهذه الجمعيات، وتحمّل مصاريفهم، ومراجعة تقاريرهم قبل ظهورها إلى العلن. وفوق كل ذلك، ستتكفل الحكومة بسجن أصحاب الجمعية الحقيقيين.

back to top