التجوال في الطبيعة... احصدوا المنافع

نشر في 12-03-2018
آخر تحديث 12-03-2018 | 00:00
No Image Caption
بدءاً من صوت النسيم الهامس بين الأشجار وصولاً إلى أشعة الشمس المتسللة بين الظلال، تشكّل الغابات مكاناً ممتازاً لاسترجاع الهدوء المفقود. لكن هل كنت تعلم أن الانغماس في أجواء الطبيعة تحوّل منذ فترة إلى مفهوم مثبت علمياً وأصبح شكلاً علاجياً معروفاً نظراً إلى منافعه الصحية المتعددة؟
يشكِّل الخروج للتواصل مع الطبيعة علاجاً مثالياً لأسلوب الحياة الفوضوي. إليك أفضل الطرائق للاستفادة القصوى من أجواء الغابات الهادئة:

توازن متجدّد

بالإضافة إلى تخفيف حدّة الضغط النفسي، تكشف البحوث أن %82 من الناس يشعرون بسعادة إضافية وسط الطبيعة. الإنسان مصمَّم فطرياً للانغماس في الطبيعة وتقدير قيمة البيئات الطبيعية، حيث يطغى اللون الأخضر ويحمل معنى التوازن والهدوء والتناغم. كذلك يشير بعض الأدلة إلى أن التعرض لهذا اللون يحفّز الغدة النخامية ويرخي العضلات ويزيد مستويات الهيستامين في الدم. بدوره، يسمح الخروج في الهواء الطلق بالسيطرة على مستويات السيروتونين، أي الناقل العصبي الذي ينظّم المزاج والسلوك والشهية.

يؤدي إنتاج نسبة مرتفعة من السيروتونين إلى زيادة التوتر وتعكر المزاج. لكن قد يصاب الناس بالاكتئاب إذا تراجعت تلك النسبة بدرجة فائقة. في المقابل، يسمح تنشّق الهواء المنعش بتنظيم عمل السيروتونين، ما يزيد مستوى الراحة.

لحسن الحظ، ينعكس عامل الراحة المرتبط بالتجوال في الطبيعة إيجاباً على أقرب الناس إلينا. سيحصد هؤلاء الأشخاص أكبر المنافع حين تتحسن نفسيتنا نتيجة لتمضية وقت إضافي في الطبيعة. بسبب هذه المنافع المتزايدة، بدأ المعالجون اليوم يديرون حصصهم في الخارج. تُطبَّق مبادئ العلاج بالكلام أو الركض مثلاً في الطبيعة التي تضجّ بمظاهر الحياة وتوحي بالتجدد والتغيير والفرص بدل الانغلاق داخل مكاتب الاختصاصيين. لا يزول الرابط الداخلي الذي يجمعنا بالعالم الطبيعي مهما ابتعدنا عن الطبيعة وانغمسنا في مظاهر الحياة المعاصرة. حتى أننا نحمل ميلاً وراثياً إلى التواصل مع الطبيعة.

للاستفادة من القوة الشفائية للطبيعة، تقضي أبسط طريقة بالانغماس في أجواء الغابات أو أي مساحات خضراء.

معطيات علمية

في البداية، اختر غابة أو منطقة طبيعية وتجوّل فيها مركزاً على تفاصيل المكان كي تُجدّد طاقتك وتنشّط جسمك وعقلك. سيتحول الانغماس في الطبيعة بعد فترة قصيرة إلى إحدى الممارسات المفضلة لديك، حين تدرك أنه أحد أشكال حب الذات. ستستفيد من المشي في جو صامت ومن تشغيل حواسك كي تلتقط المعلومات الموجّهة إليك. أو يمكنك أن تتمدّد تحت جذع شجرة وتمارس التأمل. تضمن هذه الطريقة استرجاع الاسترخاء وتخفيف الضغط النفسي. في نهاية هذه الفترة الهادئة، ستشعر بالسعادة والتناغم الداخلي وستراودك أفكار مبتكرة.

بحسب الدراسات، ينعكس الوجود وسط الطبيعة إيجاباً على عواطف قوية كالضغط النفسي المزمن. بالإضافة إلى تخفيف مشاعر القلق، تقلّص هذه الممارسة احتمال الإصابة بالأمراض التي يسببها الضغط النفسي. كذلك تسمح أجواء الطبيعة بتخفيض ضغط الدم ومستويات هرمونات الضغط النفسي وزيادة معدلات الأديبونكتين المصلي الذي يحمي من البدانة والنوع الثاني من السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. ذكرت البحوث أيضاً المنافع الصحية لمشاهدة مناظر طبيعية، إذ يسمح هذا النشاط بتسريع الشفاء من التعب النفسي وبعض الأمراض الجسدية وبتجديد الشعور العام بالراحة.

سواء كنت تعيش في المدينة أو تقتصر أقرب مساحة خضراء إلى مكان إقامتك على حديقة عامة، تتعدد المنتجعات والفنادق والوجهات التي باتت تجعل من الطبيعة جزءاً من خططها. تكثر الأفكار التي تقترحها هذه الأماكن، من بينها تنظيم جلسات ساونا وسط الأشجار أو تخصيص أماكن في الغابات لممارسة التأمل. يترافق معظم الجولات السياحية أيضاً مع استكشاف الأرياف والغابات والبحيرات، ويشمل بعض الأكواخ السياحية المعاصرة أحواضاً ساخنة خارجية ومسارات خشبية تقود إلى أقرب المناطق الطبيعية.

مقاربة ذاتية

لا داعي كي تذهب إلى مكان بعيد كي تستفيد من طاقة الطبيعة ومنافعها. يكفي أحياناً أن تتنزه فترات إضافية في الحدائق المحلية، مركزاً على الأصوات والأجواء المحيطة بك في تلك الأماكن. لكن من الأفضل أن تختار أقلها اكتظاظاً وتبقي هاتفك الخلوي في المنزل.

يوصي الخبراء بالتجوال من دون وضع هدف محدد وتخصيص بعض الوقت للتوقف والإصغاء إلى أصوات العصافير ومختلف عناصر الطبيعة. يمكنك أن تلمس أوراق الشجر من حولك وتمشي حافي القدمين كي تلاحظ المشاعر التي تنتابك في لحظات مماثلة. في أوقات أخرى، اجلس وطبّق تمارين تنفسية عميقة وواعية.

صحيح أن الذهاب إلى أي مساحة طبيعية يبقى أفضل من أي خيار آخر، لكن اكتشف بعض الدراسات الحديثة أن مشاهدة أفلام وثائقية عن الطبيعة تعطي آثاراً إيجابية في المزاج. على سبيل المثال، يكفي أن تشاهد أحياناً مشهداً من غابة لتحسين مسار الشفاء النفسي وتسريع التعافي من الضغط النفسي، تحديداً إذا كنت تعيش في المدينة طوال الوقت.

على صعيد آخر، يساهم ملء المنزل بالضوء الطبيعي والنباتات والأزهار في تحسين الرابط الذي يجمعنا بالطبيعة. وتذكر البحوث أن تحسين علاقتنا بالطبيعة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، يسمح بإنشاء مساحة هادئة ومريحة وبتجديد الطاقة الشخصية.

back to top