مواقع التواصل الاجتماعي... هل تصيبنا بالاكتئاب؟

نشر في 09-03-2018
آخر تحديث 09-03-2018 | 00:00
No Image Caption
تذكر استطلاعات الرأي أن 50% من أصحاب الهواتف الذكية يستعملون أجهزتهم فور استيقاظهم صباحاً ويستخدمها 53% منهم للدخول إلى أحد مواقع التواصل الاجتماعي. هل من طريقة أسوأ لبدء النهار؟ تكثر الدراسات التي تثبت قدرة تلك المواقع على التسبب بالاكتئاب، ويزيد هذا الاحتمال السلبي كلما طالت مدة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي. لا تتعلق المشكلة الحقيقية بميل تلك المواقع إلى عزلنا عن العالم الحقيقي أو منعنا من مقابلة أصدقائنا، بل إنها تدفعنا إلى المشاركة في منافسة خاسرة عندما تجعلنا نشاهد أصحاب الحياة المثالية.
لا مفر من أن تنشأ مقارنة مسيئة بين الناس عند مشاهدة صور منتقاة بعناية، ما يعكس حياة مثالية يفتقر إليها معظم الناس على أرض الواقع. تعزّز مواقع التواصل الاجتماعي مشاعر الغيرة بين الناس حين يشاهد هؤلاء صور العطلة ومختلف مظاهر السعادة في حياة الآخرين. نتيجةً لذلك، يسهل أن يضعف تقدير الذات. ذكر الباحثون أيضاً أن معظم مستخدمي «فيسبوك» يلاحظون تراجع صحتهم العقلية بعد مرور سنة على استعماله.

تؤدي مواقع التواصل الاجتماعي إلى مضاعفة مواقف الرفض. من خلال الاتصال بشبكة الإنترنت، يمكن أن يعرف المستخدمون الأصدقاء الذين يتجاهلون منشوراتهم ولا يبدون إعجابهم بها أو لا يجيبون عن رسائلهم. سرعان ما تتراكم هذه الحوادث وتجعلنا أكثر حساسية تجاه الرفض. لكن يتعلم معظم الناس لحسن الحظ أن يتكيفوا مع هذه الضغوط الاجتماعية الجديدة طبيعياً.

يستطيع كل فرد أن يحوّل الحدث الافتراضي إلى حقيقة، وأن يبعد نفسه عن شبكة الإنترنت حين يشاء. لن يكون «فيسبوك» مسؤولاً عن نشوء مشاكل الاكتئاب مباشرةً لكن ربما يزيد وضع الناس سوءاً إذا كانوا مصابين أصلاً بالاكتئاب.

روابط افتراضية

لا تقتصر مواقع التواصل الاجتماعي على السلبيات، إذ يمكن اعتبارها أيضاً علاجاً للشعور بالتجدد ووسيلة لمواكبة العصر. اليوم تُنظَّم حصص خاصة بالمسنين كي يتعلموا طريقة استخدام تلك المواقع. من المدهش أن نراهم يتواصلون مع أحفادهم. سيشعرون أيضاً بأنهم ينتمون إلى العالم المعاصر وسيستمتعون بوقتهم ويندهشون من قدرات وسائل التكنولوجيا الجديدة وسيتراجع ميلهم إلى التفكير بمشاكلهم الصغيرة.

على صعيد آخر، يمكن أن تشكّل مواقع التواصل الاجتماعي فسحة للتعبير عن الشخصية ولتطوير حس الإبداع وإعادة النظر في المعايير السائدة. وسط مصاعب الحياة المتزايدة في هذا العصر، يمكن أن يقدم «فيسبوك» أو مختلف المنتديات المتخصصة مساعدة قيّمة جداً. كذلك، يمكن أن يحتشد بعض المرضى ضمن مجموعات خاصة بحالتهم المشتركة (اضطراب ثنائي القطب، أو اكتئاب...) فيتبادلون المعلومات حول مرضهم ويتلقون الدعم الذي يحتاجون إليه.

مساحة لكسر العزلة

أجرى فريق من علماء النفس والأطباء المتخصصين بالعالم الرقمي دراسة حول مواقع التواصل الاجتماعي فتبيّن أن أثرها هائل في المستوى الصحي كونها تسمح بالوصول سريعاً إلى مصدر ضخم للمعلومات وتقدم دعماً اجتماعياً للمرضى، وتسمح لمختلف الأشخاص باتخاذ قرارات واضحة ومدروسة.

حللت دراسات أخرى دور مواقع التواصل الاجتماعي في نشوء الأمراض. بعد دراسة 3 آلاف رسالة متبادلة عبر المنتديات المتخصصة بالأمراض النادرة، لوحظ أن تلك الشبكات تشكّل مساحة مدهشة لكسر العزلة، كذلك تعطي المعالجين مصدراً قيّماً للمعلومات. وبفضل هذه المواقع، يمكن أن يتواصل المرضى مع معالجيهم في أي مكان وزمان. حتى لو كان بعض الصفحات يسوّق لفقدان الشهية، سيستفيد المريض في المقابل من الروابط الاجتماعية المثمرة ومن مظاهر الدعم التي يحصل عليها، لا سيما في المناطق النائية التي يصعب أن تصل الرعاية الطبية إليها.

3 نصائح لاستعمالها بطريقة إيجابية

• اقتنع منذ البداية بأن العالم الافتراضي يبقى شبيهاً بالمسرح: إذا شعرت بالإحباط أو الغيرة حين تتأمل الصور التي ينشرها الآخرون، لا تنس أن هؤلاء الأشخاص يكشفون أفضل جانب من حياتهم ويخفون الجوانب السلبية الأخرى. نشأت مواقع التواصل الاجتماعي في الأصل من شركات أميركية ومن المعروف أن الثقافة في ذلك البلد تقدّر قيمة النجاح دون سواه. لكن تذكّر أن لحظات الفشل والخيبة طبيعية في بعض مراحل الحياة!

• ضع المنشورات والإعجابات والتعليقات: كن نشيطاً على مواقع التواصل الاجتماعي بدل أن تمضي وقتك كله وأنت تتأمل صور الآخرين. تفاعل مع أصدقائك واستمتع بوقتك بالطريقة التي تفضّلها. يمكنك أن تستعمل هذه المواقع لتطوير حس الإبداع أيضاً.

• تجاهل الشخصيات السلبية: تذكر المراجع أن قراءة محتويات سلبية يزيد احتمال تعكر المزاج. لا داعي كي تحذف بعض الأشخاص من لائحة أصدقائك لكن تجنب قراءة منشوراتهم على الأقل

مواقع التواصل تشكّل فسحة للتعبير عن الشخصية
back to top