التشكيلي اللبناني وجيه نحلة رائد الحروفية في ذكرى غيابه الأولى

أمسك الفن بتفاصيل أيامه والتصقت الريشة بأنامله

نشر في 09-03-2018
آخر تحديث 09-03-2018 | 00:00
الكاتب سيزار نمور ود. إلهام كلاب ود. نجاة الصليبي ونقيب الفنانين التشكيليين د.  نزار ضاهر
الكاتب سيزار نمور ود. إلهام كلاب ود. نجاة الصليبي ونقيب الفنانين التشكيليين د. نزار ضاهر
في الذكرى السنوية الأولى لغياب الرسام التشكيلي اللبناني وجيه نحلة، أحد أبرز الرواد الذين طوعوا الحرف العربي وحولوه إلى مادة تشكيلية أبرزت غناه في الشكل والمضمون، نظّم «المهرجان اللبناني للكتاب» في دورته السابعة والثلاثين (3-18 مارس)، ندوة تكريمية له شارك فيها كل من نقيب الفنانين التشكيليين في لبنان الدكتور نزار ضاهر، والدكتورة إلهام كلاب، والكاتب سيزار نمور، وأدارتها الدكتورة نجاة الصليبي الطويل، في حضور فنانين تشكيليين وفعاليات ثقافية وفنية.
«تفيض ذكرى الفنان وجيه نحلة بالألوان والمشاعر والأحاسيس»، هكذا استهلت د. نجاة الصليبي طويل كلمتها التي تطرّقت فيها إلى إنجازاته في الرسم والنحت والجدرانيات والحروفيات والسيراميك والفسيفساء والسجاد والتراثيات.

وبعد تنويهها بعدم تنكره «لمن اعتبرهم أساساً لبلورة موهبته وتطوّرها»، عدّدت إبداعاته وقالت: «نفذ الفنان وجيه نحلة سنة 2015 آخر لوحة كبيرة للسيد المسيح بطول ثلاثة أمتار، موجودة في كنيسة لوس أنجليس في الولايات المتحدة الأميركية، مع العلم أن له لوحة للسيد المسيح في الفاتيكان»، وذكّرت بأن الحركة الثقافية- أنطلياس سبق أن كرّمته عام 1995.

أضافت: «تخطى وجيه نحلة حدوداً كثيرة ودفع بآفاق مفاصل حياته بعيداً، فلا أحد يهتمّ لأية ضيعة أو طائفة أو مدرسة فنية ينتمي، هو وجيه نحلة الألوان والحركة، الطرافة والتحدي، الخطوط والخيول، الوجوه والنساء، الضيعة والمدينة، الظلال والأنوار، التصوير والتجريد. انطلق من الأصول إلى العالمية وعاد من بقاع الأرض إلى الجذور، إلى القلوب المحبة، إلى تراب بلاده، ليكون هو التراث ويبقى توهجاً ومثالاً يُقتدى به للأجيال المقبلة».

غابة من لوحات

بدورها، حيت الدكتورة إلهام كلاب «الحركة وروح الفنان نحلة، الذي عاش حياته ملء جوانحه، غريداً حراً، أمسك الفن بتفاصيل أيامه وحياته والتصقت الريشة بأنامله». ولفتت إلى أنه كان يدعو دائماً إلى زيارة محترفه كدعوة مؤمن لزيارة معبد، ومن زار هذا المحترف الوسيع، دخل غابة من لوحات تنبض بحياة ألوانها ولدعة نورها وجنون حركتها، لوحات تُتالى، تشدك كل منها إلى اللوحة التالية، أمام لوحات وجيه نحلة تعرف، ربما، أين يبتدئ اللون، ومع ذلك عندما يتلاشى، أو يخادع العين بانتقاله الرشيق المفاجئ، كعصفور الجنة يبعثر ألوانه محولاً السماء إلى فضاء آخر.

«خاصرة الموجة»، هو العنوان الذي يصلح للوحات وجيه نحلة، برأيها، ذلك أنه حوّل الخط إلى حركة تتموج وتتطاول وتنحني وتختفي وتتجمع وتنفجر من دون أن تهيم عن أصولها. أما اللون فكان عنده قوياً وفرحاً ومتحركاً وينضح بالإغواء. وتوقفت عند توالد اللون الواحد ومراقصة الألوان وهيبة اللون الأسود. وقالت: «من أول لوحة رسمها وجيه نحلة الشاب حتى آخر لوحة، لم يتوقّف عن ملاحقة أسرار اللون والحركة وحساسية الضوء وشغف التحوّل بفرح وحرية وإبداع».

رسام وشاعر

لقب النقيب نزار ضاهر الراحل وجيه نحلة بـ«الرسام الشاعر»، وقال: «وقفت أمام حرم لوحاتك أتأمل تفاصيل الخطوط وإشعاعات الألوان، فوجدتك رساماً فناناً فريداً في تشكيل الفكرة وفي تكوين الرؤية، وحق فيك لقب الرسام الشاعر. لقد رسمت بشاعريتك محلقاً في عالم لا حدود فيه، متجرداً من الأمكنة والأزمنة، فلا فضاءات تحد رؤياك ولا زمن يقف بوجه ريشتك، وسخرت لذلك كل ما أبدع خيالك، فأخذت الخط العربي محور انطلاق إلى فانتازيا الأحلام، محدِّثاً في الفن التشكيلي، واضعاً عليه بصمتك الخلاقة».

أضاف: «وجيه نحلة إنسان ملتزم قضايا بيئته الشرقية، لكنه غير متقوقع فيها، فأعطاها ألوان الحياة وبعد الإنسان».

وتطرق ضاهر إلى فن نحلة وشخصه المحب الغني بثقافته والجديد بإنتاجه والمتكامل مع الألوان، فعبر الوطن لبنان إلى بلاد العالم، وكان لونه الخاص جواز سفر إلى العالمية.

وتوجه إلى نحلة قائلاً: «جردت اللون من كل هوياته وأكسبته هوية خاصة ومعنى خاصاً بك، فالنور وانطلاق لون المدى المفتوح وتجليات الرؤى عنوان دائم في لوحاتك. نستذكرك دائماً كمبدع كريم طيب دافئ اللسان». ودعا العائلة إلى الحفاظ على إرث وجيه نحلة ومحترفه ليبقى مزاراً لأصدقائه وطلابه ومحبيه.

موسوعة غينيس

لا يعرف سيزار نمور فناناً أكثر عطاء من وجيه نحلة، «كان كريماً معطاءً مع عائلته وأصدقائه ومحيطه، كما كان معطاءً في إبداعه الذي أهّله لإدراج اسمه في موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية مع 10 آلاف عمل».

أضاف نمور في كلمته: «تحوّلت أعماله من الرسم التقليدي إلى الزخرفة العربية الجصية النافرة والملونة، ومن المنحى التزييني بجانب الخط الكوفي التقليدي المغلق إلى الحروفية المتحركة، حيث ينساب كل حرف منفرداً في فضاء لا نهاية له، ومن رسم الشكل الجامد إلى ضربات ريشته العريضة السريعة المشبعة باللون التي تشع ضوءاً».

بعد ذلك تحدث عن إنجازات وجيه نحلة من خلال 60 معرضاً و20 جائزة توجت بشهادة دكتوراه فخرية من الجامعة اللبنانية –الأميركية، وعن فنه موجزاً أعماله في 15 باباً، تبدأ بتصوير الطبيعة، والطبيعة الصامتة، والرسم البارز، والحروفيات، والحبريات، والأكرليك، والمائيات، والمقرصنات، والمنحوتات، والأنصبة، واللون الواحد Camaieu، والمرأة، والراقصة، والفرس، والحروفيات المتطورة، لتنتهي بأبعاد وضياء.

حوّل وجيه نحلة الخط إلى حركة تنحني وتختفي من دون أن تهيم عن أصولها د. إلهام كلاب
back to top