في انتظار الحرب!

نشر في 07-03-2018
آخر تحديث 07-03-2018 | 00:23
 صالح القلاب هناك "إحساس"، لا بل معلومات من مصادر مطلعة وموثوقة، بأن الصراع في سورية سيزداد تعقيداً، وأنّ "ركوب" الروس والإيرانيين رؤوسهم والتمادي كثيراً في المجازر التي يرتكبونها، لا في الغوطة الشرقية وحدها ولكن في معظم المناطق السورية؛ دفع عدداً من الدول الكبرى المعنية كالولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى الاستعداد لعمل عسكري روسي وإيراني، لوضع حدٍّ لكل هذه المجازر التي ترتكبها قواتهما في هذا البلد العربي، والتي تمادت كثيراً في ارتكابها.

لقد اتضح منذ البدايات، منذ سبتمبر عام 2015 على الأقل، أنَّ الروس عازمون بالتحالف "الانتهازي" مع إيران على الاستفراد بهذه المنطقة، وفرض سيطرتهم عليها بالقوة العسكرية، وبالتالي إخراج الأميركيين منها، أو تخفيف وجودهم فيها على الأقل. وهنا، فإن ما شجعهم على كل هذا التمادي هو أنّ الإدارة الأميركية السابقة، إدارة باراك أوباما، إما أنها كانت متواطئة مع روسيا الاتحادية، وبالتالي مع طهران الخامنئية، أو أنها كانت تعاني جهلاً قاتلاً في التعاطي مع الألاعيب الدولية، فكانت النتيجة أنّ الأميركيين بقوا يراوحون مكانهم، وبقوا يتصرفون تجاه الصراع في سورية والمنطقة كلها على أنه صراع محدود، وبلا أي أبعاد دولية. وكانت النتيجة أن فلاديمير بوتين غدا صاحب القرار الأول والأخير، بالنسبة إلى هذا الصراع الذي بقي متصاعداً على مدى أكثر من سبعة أعوام ماضية.

كان باراك أوباما قد تصرف تجاه انفجار الأوضاع في سورية وفي العراق، وأيضاً في اليمن ولبنان، على أساس أن الشرق الأوسط لم يعد بأهميته السابقة في فترة صراع المعسكرات والحرب الباردة، وأن مصالح الولايات المتحدة انتقلت من هذه المنطقة إلى الصين وإلى إيران، مما يعني أن الإدارة الأميركية السابقة لم تكن تأخذ بعين الاعتبار أن البحر الأبيض المتوسط بشواطئه غدا المستودع الرئيسي لمصادر الطاقة في العالم بأسره، وأن صراعاً على هذه المصادر سيكون أقسى كثيراً من ذلك الصراع الذي احتدم على قناة السويس في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وقبل ذلك.

المهم أن تمادي الروس في تدخلهم السافر بشؤون سورية الداخلية، معتمدين على التحالف مع إيران وميليشياتها المذهبية، وعلى تحييد إسرائيل بالنسبة إلى هذا الصراع، أثار الولايات المتحدة ومعها بريطانيا وألمانيا وفرنسا، وجعل هناك تفكيراً جدياً بعمل عسكري رادع، يضع حداً لهذا التمادي الذي تجاوز الحدود كلها، مما قد يؤدي إلى مواجهة شاملة ربما تتحول إلى ما يقترب من حرب عالمية جديدة.

والواضح أن فلاديمير بوتين لم يأخذ كل هذه الاتصالات، بل كل هذه الاستعدادات، على محمل الجد، ولذلك فإن أغلب الظن أنه سيستمر بتحدي الأميركيين والبريطانيين والألمان والفرنسيين، فهو يشعر، مادام انتزع تركيا الإردوغانية من حلف شمالي الأطلسي، ومادام تمكن من تحويل الإيرانيين وحراس ثورتهم وميليشياتهم المذهبية إلى مجرد "براغٍ" صغيرة في آلته العسكرية، بأنه اليد العليا في هذه المنطقة، وأنه قادر على الانتصار في الحسم، إذا كان لابد من الحسم، والدليل هو مواصلته التغني بأسلحته الجديدة، التي لا تضاهيها أسلحة!

back to top