هل يتحمل الأردنيون عبء الإصلاحات الاقتصادية؟

نشر في 07-03-2018
آخر تحديث 07-03-2018 | 00:05
 وورلد بوليتيكس ريفيو أعاد رئيس الوزراء الأردني هاني الملقي خلط أوراق حكومته، محدثاً تغييرات في عدد من المناصب الأساسية المعبّرة، منها وزارات الاقتصاد، والعمل، والداخلية، وتأتي هذه الخضة عقب الاستياء الشعبي من الاتجاه الذي يسلكه اقتصاد البلد.

حاولت الحكومة تصوير إنهاء دعم الخبز كخطوة مفيدة للأردنيين، مؤكدةً أن غير المواطنين يستفيدون بدون وجه حق من الإنفاق العام، وأن الحكومة ستعيد توجيه المدخرات إلى الشعب، لكن النظرة العامة إلى الإصلاحات الأخيرة لم تكن إيجابية، فضلاً عن أن الثقة بقدرة الحكومة على قلب الأوضاع متدنية جداً.

لكن التظاهرات ظلت محدودة، في حين كُتم رد الفعل الشعبي تجاه الضرائب وارتفاع الأسعار وبُدد، إذ يؤكّد مروان المعشر، نائب الرئيس لشؤون الدراسات في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي الذي شغل سابقاً منصب وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء في الحكومة الأردنية: "الوضع بالغ الصعوبة"، فلا تبدو المؤشرات المالية جيدة، كذلك بلغ معدل البطالة في الأردن نسبته العليا خلال ربع قرن (تخطى 18%)، علماً أن هذا المعدل أعلى بين النساء والشبان. بالإضافة إلى ذلك ارتفع دين الأردن إلى معدل قياسي، مسجلاً 95% من الناتج الوطني الإجمالي، بعدما كان 71% في عام 2011.

الأهم من ذلك أن التدفق الكبير لرؤوس الأموال الأجنبية، الذي لطالما دعم نفقات الحكومة الأردنية، بدأ ينضب، صحيح أن الولايات المتحدة وافقت أخيراً على تزويد الأردن بمساعدة سنوية بقيمة 1.275 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة (بزيادة قدرتها 27%)، إلا أن قنوات الدعم الحيوية من ممالك وإمارات الخليج العربية تجمّدت خلال السنتين الماضيتين.

يقول المعشر: "أوضح السعوديون أن على الأردنيين الاهتمام بمجتمعهم الخاص مع انخفاض أسعار النفط"، ويضيف: "أعتقد أننا نواجه انتهاء المرحلة الريعية في هذا البلد، الذي كان يعتمد في الماضي على المساعدة الخارجية ليموّل النظام الاقتصادي غير الفاعل".

شمل النموذج "الريعي"، الذي ساد في الشرق الأوسط طوال عقود، استخدام دول غنية بالموارد مثل دول الخليج "ريع" مواردها الطبيعية، وخصوصاً النفط، لتمويل الحكومة واسترضاء الشعب من خلال توزيع المال بسخاء ووظائف القطاع العام، بدل منحه حقوقه السياسية، لكن الأردن شكّل نوعاً مختلفاً من الدول الريعية، بما أنه استغل موقعه الاستراتيجي ليفوز بالمساعدات من الخارج، وخصوصاً من الولايات المتحدة، فضلاً عن شركائه في الخليج والاتحاد الأوروبي.

مع انتهاء هذا النموذج في الأردن، يُعتبر الانتقال إلى نظام اقتصادي مستدام أكثر صعوبة مما يبدو، فالقطاع الخاص الأردني ليس قوياً كفاية ليمتص الموظفين من القطاع العام المتقلص أو الجامد أو من القوة العاملة التي تتوسّع بسرعة مع دخول الشبان سوق العمل.

بخلاف الدول المجاورة المصدِّرة للنفط التي تستطيع إعادة نشر سيل عائداتها لتحفيز القطاع الخاص ودعم صناعات جديدة، يعجز الأردن بموارده النادرة عن تحقيق كل ذلك، ولا شك أن سعي عدد كبير من دول الخليج، التي تستضيف آلاف المهاجرين الأردنيين، راهناً لتطبيق سياسات تشجّع مواطني هذه الدول على زيادة مشاركتهم في سوق العمل لن يعود بالفائدة على الأردن، بما أن هذا الميل سيحد من الأموال المرسَلة إلى هذا البلد في المستقبل.

يصعّب كل هذا على الأردن إنجاز عملية الانتقال الاقتصادي، فبخفض الدعم ورفع الضرائب، يعتمد الأردن بإفراط على شعبه كي يبقي الاقتصاد عائماً فيما يطبّق الإصلاحات، لكن هذا لا يشكّل جزءاً من التفاهم الضمني القائم منذ زمن بين حكام هذا البلد ومواطنيه.

يذكر المعشر: "لا يمكن تحقيق الإصلاح الاقتصادي في الأردن أو غيره من الدول من دون أن يترافق مع عملية إصلاح سياسي موازية، فلا يمكنك الاستمرار في الطلب من الناس مواصلة دفع ثمن عدم كفاءة الحكومة، فارضاً عليهم في الوقت عينه الحد من مشاركتهم في عملية اتخاذ القرارات".

* عمر رحمان

* «ورلد بوليتيكس ريفيو»

back to top