وداعاً صاحبة الكرسي

نشر في 02-03-2018
آخر تحديث 02-03-2018 | 00:04
 محمد صالح الصالح كانت، نعم كانت لأنها أصبحت ماضياً لن يعود أبداً بعدما ووري جثمانها الثرى، لكنها تركت خلفها عملاً تفانت فيه حق التفاني، واحتوت فيه الضعيف وذا الحاجة، وستبقى سيرتها المليئة بالتضحية تخالج الوجدان، وستروي الأحاديث مواقفها الكريمة.

صاحبة الكرسي عاشت أرملة قرابة خمس وعشرين سنة، رعت ابنتها حتى كبرت، وصاحبتها حين نضجت، ورافقتها ابنتها حين عجزت، واحتوت العجوز المسكينة أختيها، ودللت ذرياتهما كأنها أم لهم، وحافظت على كينونة منزل وذِكر مناضل راحل أفنى حياته من أجل رسالة آمن بها.

بالرغم من مرارة الحياة وضراوتها أكملت الأم مهمتها في التربية والحفاظ على ابنتها من مفاسد الزمان ومغريات الحياة حتى أصبحت المحافظة ديدنها والستر منجاة لها.

صاحبة الكرسي كانت تضع كرسيها في أيام الاحتفالات الوطنية تشارك المارة والجيران بأفراح وضحكات رغم عجاج سنين خلت، رحلت وبقي مكانها الكبير فى نفوس من كان شغوفاً لخدمتها، ومتابعاً لمواعيدها ويداري خاطرها، ومن يأنس بعشاء خارج البيت معها.

صاحبة الكرسي لم ترحل عن قلوب من أحبها وعايش حنانها، والوفاء لها يكون في استذكار محاسنها والدعاء لها والصبر على فقدانها مصداقاً لقوله عز شأنه "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ".

لن ننسى مزحاتها النقية وكرم عطفها وحنان قلبها، فنحن نؤمن حقاً بأن السعادة لا تموت، نعم قد تبتعد قليلاً لتأتي بيوم فرح موعود، وهكذا حال الدنيا فكلنا راحلون.

back to top