... وسورية صراع بلا نهاية!

نشر في 28-02-2018
آخر تحديث 28-02-2018 | 00:23
 صالح القلاب كما أن غزو الاتحاد السوفياتي (روسيا) لأفغانستان قد جعل حربها، لا بل حروبها، بلا نهاية، فإن الواضح أن "الاحتلال الروسي" لسورية سيجعل حربها بلا نهاية أيضاً، فكل هذا الوجود الأجنبي في هذه الدولة العربية قد حوّلها إلى ساحة صراع كوني، وحوّل نظامها البائس إلى مجرد "شاهد ما شافش حاجة"، ولعل الأسوأ هو أنه كما أصبحت الأراضي الأفغانية قواعد ثابتة ومتنقلة لكل إرهابي في العالم؛ فإن الأراضي السورية غدت معسكرات، لا لـ"القاعدة" و"النصرة" و"داعش" فقط، ولكن لكل شذاذ الآفاق والقتلة في الكرة الأرضية بأسرها.

فمن هو المسؤول يا ترى هنا وهناك؟!

إن المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على رئيس هذا النظام الطائفي، وليس نظام الطائفة، الذي كان ولا يزال وفياً لوصايا والده حافظ الأسد، مرتكب الفظائع في "حماة" و"حلب" و"حمص"، والذي كان قد قال لابنه في خطاب الوداع إن هذا الشعب "يخاف ولا يستحي" وإنّ عليك ألا تحاوره إلا بالرصاص والمدافع والصواريخ... وهذا هو ما حصل عام 2011 عندما "تظاهر" أطفال درعا الصغار، وكتبوا على جدران مدرستهم، تأثراً ببدايات الربيع العربي في تونس: "الشعب يريد إسقاط النظام".

كان هذا الشيء قد حصل في أفغانستان؛ فنظامها في عهد حفيظ الله أمين، وأيضاً في عهد بابراك كارمال، وفي عهد نور طرقي؛ قد واجه تذمر الشعب الأفغاني بالحديد والنار، وعندما لم ينفع البطش في إخماد انتفاضة الشعب الأفغاني بادر إلى الاستنجاد بالاتحاد السوفياتي وبجيشه الأحمر وبمخابراته الـ "كي.جي.بي"، مما فتح أبواب البلاد للعديد من التنظيمات الإرهابية "المعممة" وغير المعممة التي أنجبت "القاعدة" بقيادة أسامة بن لادن، وهذا هو ما حصل مع بشار الأسد، فكان هذا التدخل العسكري الروسي، وكانت كل هذه القواعد العسكرية الروسية، كما كان هناك كل هذا الإرهاب الذي نبت في كل الأراضي السورية.

منذ أن بدأ الجنرال الدابي وساطته الفاشلة في عام 2011، والأمور في سورية تتصاعد من سيئ إلى أسوأ... كل هذا بينما تواصلت الوساطات الفاشلة إلى أن تم تسليم هذه المهمة العسيرة والصعبة إلى ديميستورا، الذي بقي يتنقل بين العواصم وبين جنيف و"أستانة" وأيضاً سوتشي وموسكو، في حين أن نيران هذا البلد العربي بقيت متوهجة، والأراضي السورية غدت مطرزة بالمعسكرات والقواعد الإرهابية.

وعليه، فإن الواضح أن الاستقرار سيبقى بعيداً عن سورية، كما بقي بعيداً عن أفغانستان، وأن الروس الذين حققوا عودة مُكتسحة للمعادلة الدولية لا يريدون هدوءاً في هذا البلد الذي كانوا دخلوه في عهد الاتحاد السوفياتي، في عام 1949؛ لأن عدم الاستقرار، وهذا الصراع، ومعه كل هذا الوجود الإرهابي؛ تضمن بقاءً طويلاً، وربما بلا نهاية لهم في هذا الموقع الاستراتيجي، وعلى شواطئ المتوسط، حيث مصادر الطاقة الجديدة التي استدرجت إلى هذه المنطقة غزاة كثراً ودولاً كثيرة.

back to top