26 فبراير يوم أشرقت الشمس من جديد

نشر في 27-02-2018
آخر تحديث 27-02-2018 | 00:15
 ‏‫وليد عبدالله الغانم ليلة 26 فبراير 1991 الليلة الحبيبة إلى قلوب كل أهالي الكويت، ما زلت أذكرها كأنها البارحة، ففي حين كانت الساعة تشير إلى الثانية بعد منتصف هذه الليلة العظيمة في تاريخ الوطن، وبيدي جهاز الراديو الصغير أقلبه وحيدا بين القنوات الإذاعية المختلفة لعلي ألتقط خبراً عن هذه اللحظات الفاصلة في حرب تحرير الكويت من الغزو العراقي الغادر، حتى ألهب حماسي ما أعلنته الإذاعة السورية نقلا عن إذاعة إسرائيل أن الجيش العراقي الغازي بدأ انسحابا كاملا وفوريا من كل الأراضي الكويتية.

فنهضت من فراشي صاعداً إلى سطح منزلنا في “الدعية“، ويا لهول المنظر في منتصف تلك الليلة الباردة والمظلمة، فطريق الدائري الثالث بين الدعية والشعب تحوّل في الاتجاهين إلى مجرى سيل من الآليات والمدرعات والمركبات العراقية والجنود العراقيين يتراكضون للفرار من مواقعهم، وكأن الجمر تحت أرجلهم والنار خلف ظهورهم وصراخهم واستغاثتهم بلغت مداها، فأيقنت الساعة أن نصر الله تعالى قد أقبل علينا وهزيمة العراق قد حلت بهم لا محالة، وهو اليقين الذين لم يغب عن بالنا مذ ساعة احتلال الكويت، فانتظرنا ليلتنا هذه حتى شروق الشمس.

وانتهى ببزوغها الهروب الكبير للمحتل، فانطلقنا بالسيارة نطوف في المناطق التي حرمنا منها سبعة شهور، وقد امتلأت شوارع الكويت بأهلها الصامدين رجالاً ونساءً كباراً وصغاراً وهم يهللون ويحمدون الله رافعين أعلام الحرية والنصر يهنئون بعضهم، ويتفقدون معارفهم، ويتسابقون للترحيب بقوات التحالف التي توالت جحافلها الميمونة تحتفل بالتحرير، خصوصا القوات السعودية والخليجية، وكنا نشاهد الجنود أشد فرحاً منا بتحرير الكويت ورؤية الصامدين، فيا لها من أيام عظيمة في تاريخ الوطن.

يوم التحرير العظيم كانت السماء ملبدة بالغيوم، ودخان حرائق آبار النفط يخنقنا، والبلد بلا كهرباء، والماء شحيح، والأكل يكاد ينفد، والاتصالات مقطوعة، ومخلفات الجيش العراقي من الأسلحة والمعدات والخنادق والألغام تملأ البلاد، ومعالم الكويت ومنشآتها مدمرة، ثم بدأت الأمور تتحسن شيئاً فشيئاً مع بطولات المرابطين في تنظيم الأوضاع وعودة إدارة الدولة واستقرار الجيش والشرطة من جديد، وفتح الحدود مع السعودية للسفر آخر شهر مارس، ورجوع المغادرين للبلاد تباعاً.

أين كنا وكيف أصبحنا، لقد تشردنا في الغزو العراقي وتقطعت أوصالنا، وامتلأت بلادنا ظلماً وخوفا وقتلا وخطفاً، وتفشت سرقات جنود الاحتلال وإرهابهم، وشح علينا الأكل والغذاء والماء، وحرمنا من مغادرة منازلنا والصلاة في مساجدنا حتى سخر الله لنا العالمين، فانتصروا لنا فأي نعمة نعيش فيها هذه الأيام؟ فاشكروها يا أهل الكويت، والحمد لله من قبل ومن بعد.

والله الموفق.

back to top