عودة «حماس» للانقسام!

نشر في 26-02-2018
آخر تحديث 26-02-2018 | 00:25
 صالح القلاب حتى لو حلفوا وأقسموا بـ"أغلظ الأيمان" وهم يُمسكون بـ"أستار الكعبة"، فإن كل معنيٍّ وكل ومتابع لا يمكن أن يصدق أن دعوة محمود الزهار إلى تشكيل حكومة في غزة مقابل حكومة رام الله، التي من المفترض أنها حكومة الضفة الغربية و"القطاع" أيضاً، ليست بقرار من حركة حماس، التي - كما هو معروف- تراجعت عن توجهاتها الوحدوية، تماشياً مع انحيازاتها العربية والإقليمية، وأيضاً طمعاً في أن تصبح دولة نفطية و"غازية"، طالما أنه ثبت، ومنذ سنوات مبكرة، أن مخزون شواطئ "القطاع" من مصادر الطاقة أكثر من مخزون الشواطئ اللبنانية والقبرصية... والإسرائيلية أيضاً.

إن الأخطر في هذه "الدعوة"، أي دعوة العودة إلى الانقسام والتشطير وتشكيل حكومة "حماسية" في غزة، أنها جاءت قبل أن يتلاشى صدى مطالبة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبومازن) لمجلس الأمن بعقد مؤتمر دولي لحل فلسطيني – إسرائيلي، وفقاً لتنازلات متبادلة، وتجميد قرارات دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل، ما يعزز القناعة بأن حركة المقاومة الإسلامية، التي كانت طالبت بالانسحاب من اتفاقيات أوسلو، تقصَّدت وضع حُجة في يد بنيامين نتنياهو لرفض هذا المؤتمر المنشود، الذي أيَّدته كل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مع تردد الولايات المتحدة الأميركية.

كان المقصود من إنهاء الانقسام الفلسطيني، الذي ترتب على ذلك الانقلاب العسكري الدموي الذي نفذته "حماس" ضد السلطة الوطنية الفلسطينية وضد منظمة التحرير وحركة "فتح" في عام 2007، إنهاء "ذريعة" الإسرائيليين القائلة إنهم لا يعرفون مع أي طرف يتفاوضون؛ هل مع "جماعة رام الله" أم مع "جماعة غزة"؟! وهكذا، وعندما تنوي حركة المقاومة الإسلامية، بناءً على دعوة محمود الزهار المشار إليها آنفاً، تشكيل حكومة خاصة بها غير الحكومة التي يرأسها رامي الحمدالله، فإنها تضع في يد بنيامين نتنياهو العذر الذي يريده للتخلص من المؤتمر الدولي الذي دعا لانعقاده "أبومازن"، بموافقة دولية، ضمنها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، مع تردد الولايات المتحدة، التي طالبت بشروط تعطيلية!

والحقيقة أن "حماس"، التي هي الجناح العسكري للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ضد العملية السلمية، سواءً وفقاً لاتفاقيات أوسلو، أو وفقاً لغيرها، وهناك مَن يعتقد أن هذه الحركة مع أن تقوم الدولة الفلسطينية المنشودة في قطاع غزة مضافاً إليه بعضاً من سيناء، بل أكثر من هذا، فإن هناك مَن يقول إن حركة المقاومة الإسلامية، توافقاً مع وجهة نظر الإخوان المسلمين (التنظيم العالمي)، ليس لديها أي مانع من استبدال الضفة الغربية بسيناء كلها أو بعضها، ومعها الشريط المحاذي لقطاع غزة، الذي يُسمى سيناء الإسرائيلية... والله أعلم!

والمهم أن المفترض ألا تستطيع "حماس"، سواءً بتناغم مباشر أو غير مباشر مع بنيامين نتنياهو وحكومته، تعطيل هذا المؤتمر الدولي المنشود، الذي دعا إليه "أبومازن"، فالمفاوض في هذا المؤتمر وغيره لن يكون أي حكومة فلسطينية، سواءً كانت في رام الله، أو في غزة، أو كانت حكومة وحدة وطنية، فهناك - كما هو معروف - اعتراف دولي وعربي وإسلامي بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وهذا بالتأكيد يعرفه رئيس الوزراء الإسرائيلي، لكنه في كل الأحوال سيعتبرها هدية مجزية أن تنساق "حماس" وراء محمود الزهار، وتشكل حكومتها الغزية، وتطوي صفحة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

back to top