استراتيجية مؤسسة البترول غير مقبولة ومخاطرها المحتملة ضخمة

تشتت الموارد الشحيحة لتحقيق هدفين متناقضين... الفكاك من النفط ومزيد من الارتباط معه القطاع النفطي يحتاج إلى استثمارات متصلة وبتكلفة محتملة وأهداف أقل طموحاً

نشر في 25-02-2018
آخر تحديث 25-02-2018 | 00:04
No Image Caption
قال «الشال» إنه إن كان خيار البلد الاستراتيجي هو الفكاك من الاعتماد شبه الكلي على النفط، أو منحه أولوية إن كان القرار معاكساً، وعلى المدى القصير - أي حقبة التريث - فلابد من إطفاء حريق المالية العامة، وذلك بضغط النفقات العامة ونحو 82% منها جار، وفقاً لآخر مشروع موازنة، وتجميع كل الاحتياطيات المالية للدولة تحت مظلة واحدة، وتغيير وظيفتها لتحقيق عائد، ليصبح هو المصدر الرئيس والمستدام للمالية العامة.
ذكر تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي أن القناعات تزداد بأن عصر النفط المهيمن على مكونات الطاقة بات مكان شك كبير، وحتى منافسته لمكونات مصادر الطاقة باتت أمام تحد حقيقي من نفط غير تقليدي، أصبحت تكاليف إنتاجه منافسة وتتناقص تلك التكاليف بمرور الزمن.

وقال إن أحد المؤشرات الرئيسة على بدء ضعف تنافسية النفط هو فقدانه لنحو نصف مستوى أسعاره منذ خريف عام 2014، ومازالت مبررات بيئية تضغط باتجاه استبداله بوقود نظيف، وأعلنت دول صناعية رئيسة تحولها الكامل إلى السيارات الكهربائية بحلول عام 2040، وأعلنت شركات صناعة سيارات تغيير خطوط إنتاجها مبكرا إلى هذا النوع من السيارات.

ما تقدم يعني أن على دول إنتاج النفط التقليدي بناء استراتيجيات صلبة واضحة الأهداف تحدد خيارها حول، إما فك ارتباط تدريجي من الاعتماد المفرط على النفط، أو مخالفة قناعة الانخفاض التدريجي لأهمية النفط وشرح مبرراتها، والمضي في الاستثمار إلى مزيد من الاعتماد عليه.

نسوق هذا الكلام لأن للكويت أهداف معلنة بتنويع مصادر الدخل وتوظيف مواردها المالية والبشرية لتحقيق أهداف تنموية مختلفة، مثل التفوق كمركز مالي وآخر تجاري، والأخير يسوق حاليا وفق رؤية الكويت 2035 وتكاليفه بمئات المليارات.

رواج مؤقت

تلك الأهداف المعلنة منذ نحو 16 عاما تخلفت، لأن الحاجة إليها ضعفت بسبب رواج سوق النفط، بدءاً من عام 2003، ذلك الرواج تسبب في تقويض تنافسية الاقتصاد وزيادة حادة في ارتباط البلد بالنفط الذي ثبت أن رواجه مؤقت، وللرواج السابق مزاياه أيضا، لأنه أتاح فرصة لإعادة بناء الاحتياطيات المالية البالغة تقديراً نحو 520 مليار دولار.

على الجانب الآخر، وفي الكويت أيضاً، أعلنت "مؤسسة البترول الكويتية" استراتيجيتها طويلة الأمد (2040)، والتي تنوي فيها زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط إلى 4.75 ملايين برميل يومياً، وتنويع استخداماته باتجاه تعزيز جهود تكريره وتوظيف مشتقاته في صناعة بتروكيماوية، وقدرت تكاليفها الرأسمالية بنحو 450 مليار دولار، أو نحو 10 سنوات من دخل النفط المقدر في مشروع موازنة 2018/ 2019.

وليس لنا اعتراض على أن تكون لـ "مؤسسة البترول الكويتية" استراتيجية طويلة الأمد، وقد ندعمها إذا كان القرار الاستراتيجي للبلد، وعن قناعة، هو المزيد من ربط مصيرها بالنفط واستهلاك هذا الكم الكبير من الموارد المالية أو المدخرات - رأسمال وقروض - لتحقيق هذا الهدف، ما لا يمكن قبوله، هو تشتيت الموارد المالية والبشرية الشحيحة لتحقيق هدفين متناقضين، الفكاك من النفط، ومزيد من الارتباط معه، حينها لن ينجح أي منهما، والمخاطر المحتملة على البلد ستكون ضخمة.

استثمارات متصلة

ونقترح بعض التريث، فالمؤكد أن قطاع النفط يحتاج إلى استثمارات متصلة، ولكن لابد أن تكون بتكلفة محتملة، وبأهداف أقل طموحا، إن كان خيار البلد الاستراتيجي هو الفكاك من الاعتماد شبه الكلي على النفط، أو منحه أولوية إن كان القرار معاكسا.

وعلى المدى القصير، أي حقبة التريث، لابد من إطفاء حريق المالية العامة، وذلك بضغط النفقات العامة ونحو 82 في المئة منها جاري، وفقا لآخر مشروع موازنة، وتجميع كل الاحتياطيات المالية للدولة تحت مظلة واحدة، وتغيير وظيفتها لتحقيق عائد ليصبح هو المصدر الرئيس والمستدام للمالية العامة، على أن يأخذ دخل النفط غير المستدام دورا مساندا ومتناقصا، حتى يتم الاتفاق على خيار الدولة الاستراتيجي.

ومن باب دعم المنطق وراء ذلك التحول في وظيفة الاحتياطيات المالية، قامت النرويج أخيرا بتغيير استراتيجية صندوقها السيادي ذي الـ 1.1 تريليون دولار، لتزيد استثماراته في الأسهم من 60 إلى 75 في المئة، وأن تشمل حتى الأسهم غير المدرجة أو الملكيات الخاصة، وأن يسمح بتملك أكثر من 10 في المئة بالشركة الواحدة، وهدف التغيير زيادة عائداته مع القبول بمخاطر أعلى.

back to top