سكينة الكوت: «ريشة السلام» صرخة محبة للعالم

• ترى أن الفنان جزء من قضايا مجتمعه

نشر في 25-02-2018
آخر تحديث 25-02-2018 | 00:10
شهدت قاعة «صلاح طاهر» للفنون التشكيلية بدار الأوبرا المصرية على مدى أسبوع كامل معرض «ريشة السلام» للفنانة التشكيلية سكينة الكوت. حاز المعرض إقبالاً وقبولاً واسعين وسط حضور كثيف لكبار الفنانين التشكيليين في مصر، وسفير دولة الكويت إلى القاهرة محمد صالح الذويخ.
عبرت الفنانة الكويتية بالريشة والألوان عن مشاعرها بصرخة لونية جاءت بين وهج الأحمر والأزرق والأصفر، لتؤكد سهولة التعايش المثمر مع تعدد الاختلافات والمفردات، وهي تحاول أن تتحدّث بلغة الفن التشكيلي كقيمة فنية حضارية في عمق الزمن، وتعبر عما تحمله الذاكرة بأطرها المتفائلة.
لماذا اخترتِ «ريشة السلام» عنواناً لهذا المعرض؟

لأنني أدعو إلى السلام. يحمل الفنان عموماً رسالة ما، ورسالتي نشر السلام والدعوة له، ذلك أننا كفانين نعد جزءاً من القوى الناعمة التي تتضمن الأدب والمسرح والسينما، وهي ترسِّخ للسلام والتبادل الثقافي. من ثم، قررت إقامة هذا المعرض في مصر رمز المحبة والسلام.

البهجة

تبدو الألوان الصارخة طاغية على لوحات المعرض. ما المغزى من ذلك؟

المعرض صرخة من أجل المحبة والتكاتف والود. تلاحظ ذلك في اللوحات كافة، سواء كانت صرخة مبهجة أو معبرة عن معاناة، فالصرخة دائماً تلفت الأنظار وتصل سريعاً إلى المتلقي، وهو ما أحاول تحقيقه من خلال لوحاتي. وتظهر التكوينات في موضوع العرض من خلال الحركة الحية التي يراها المتلقي بوضوح وتدفعه إلى إعادة قراءة اللون. والإبداع هنا رغم تداخله، فإنه لا يحمل ضجة كما في «أرض الكنانة» و{ملامح الحرية» و{ذكريات ورموز».

ما الرسالة التي تودين إرسالها إلى المتلقي من خلال التنوّع الشديد في اللوحات المعبرة عن الحضارات المختلفة؟

ركّزت في اللوحات على إظهار عبق تاريخ مصر، لذلك أطلقت على إحداها اسم «أرض الكنانة»، ورسمت نهر النيل والأهرامات والنخيل للإشارة إلى الحضارة المصرية. اتجهت أيضاً إلى بلدي الحبيب دولة الكويت لإبراز جمالها وتقاليدها الراسخة، وإحدى اللوحات رسمت من خلالها أحد المراكب التراثية وأطلقت عليها اسم «أرض السلام»، بالإضافة إلى صورة صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح، أمير دولة الكويت وقائد الإنسانية، وكلها تُظهر التلاحم والتآخي بين الشعبين المصري والكويتي.

إلى أي مدى يظهر تأثير دراستك وإقامتك فترة في مصر في لوحاتك؟

تركت مصر أثراً كبيراً في داخلي. جئت إلى القاهرة وعمري 16 عاماً. تزوجت في هذه السن المبكرة، وأمضيت شهر العسل في أم الدنيا، فكان لا بد من أن أرد جزءاً من الجميل والمعرفة التي أعطتني إياها من خلال هذا المعرض الذي يضم 24 لوحة أبرزها «التلاحم»، وهي تعبر عن تلاحم الكويت مع مصر، استغرق إعدادها شهراً كاملاً. ثمة أيضاً لوحتان تعبران عن المضمون نفسه: «أرض الكنانة» عن مصر، و{نحن» عن الكويت. وأقمت في الآونة الأخيرة أحد معارضي في مدينة شرم الشيخ الجميلة بعنوان «كويت المحبة ومصر السلام»، كي أرسخ أيضاً هذه القيم النبيلة من تسامح ومحبة وسلام.

ما سر اختيارك وجوهاً عابسة حزينة وألواناً مبهجة في آن؟

الفنان جزء من قضايا مجتمعه بكل ما تحمله من معاناة وألم وصراعات وحروب. مثلاً، إقامتي في لبنان فترة من الزمن، ووجودي في مكان وقوع التفجير الإرهابي الذي استهدف رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري تركا تأثيراً كبيراً في نفسي، عبّرت عنه في إحدى لوحاتي. كذلك كنتُ على الحدود السورية والتقطت بعض الصور لمعاناة الأطفال ونقلتها بريشتي في إحدى اللوحات. فأنا من بين الفنانين الذين يتأثرون بشدة بحوادث المجتمع، وهذا دور يدخل في إطار القوى الناعمة للفن كما ذكرت سابقاً. والحياة ليست بمنأى عن الحلم الذي نترقبه، ويبدو ذلك واضحاً في المساحات اللونية. فالتكتل اللوني هنا يمثِّل النزوح الحتمي إلى الحياة، وهي تجربة إنسانية بارعة البساطة ذابت في العمق وروح الفطرة، زاخرة بالتأملات والتفاعلات ما بين المفاهيم. يبقى أن القيمة الإنسانية الحقيقية ليست في التعايش المهمَّش بل في المواجهة والمرح واختراق الصعب.

المرأة والحرية

هل المخزون الموجود لديك عن المرأة، أدى دوراً في بعض لوحاتك؟

نعم. أملك مخزوناً كبيراً يتعلق بالمرأة ويرتبط خصوصاً بالأم والجدة، ونقلت فعلاً تأثيرات جدتي في شخصيتي في بعض اللوحات.

ماذا تمثل لوحة الحرية بالنسبة إليك؟

أرى أنه رغم امتلاكنا كثيراً من الحريات في هذا الزمن الجميل، فإن الحرية في مجتمعاتنا العربية ما زالت مقيدة. ثمة قيود تكبلنا. أنا على سبيل المثال لا أستطيع أن أرسم كل ما يجول في خاطري، لذلك حرصت على رسم القضبان في اللوحة لإيصال هذه الفكرة.

هل تضعين تصوراً محدداً لفكرة معرضك المستقبلي قبل البدء في الرسم؟

هذا أمر غير وارد بالنسبة إلي. وضع تصور أو خطة محددة قد يكون جائزاً في فنون أخرى كالكتابة أو المسرح أو السينما. لكنني أعتقد أن ذلك لا يصلح للفن التشكيلي، فأحياناً أرسم لوحة ثم أشعر بنوع من عدم الرضا عنها وأتركها، وانتقل إلى لوحة أخرى، وقد أكرر ذلك مرات عدة، وربما أعود إلى اللوحة الأولى مجدداً. عموماً، يُطلق الفنان العنان لخياله ولا يحدد إطاراً معيناً للوحاته.

جوائز

حصلت الفنانة التشكيلية سكينة الكوت على ليسانس الآداب من جامعة الإسكندرية عام 1977، وعلى كثير من الشهادات التقديرية من المجلس الوطني الكويتي للثقافة والآداب ورابطة الحرف اليدوية والجمعية الكويتية للفنون التشكيلية، فضلاً عن مشاركتها في دورات متخصصة في مجال الفن التشكيلي في لبنان ومصر وإنكلترا. رغم ذلك فإن الجوائر لا تشغلها كثيراً، إذ تعتبر أن الجائزة الكبرى بالنسبة إليها عندما تحصل على إشادة من أحد المشاهدين بلوحاتها.

الحرية في مجتمعاتنا العربية ما زالت مقيدة
back to top