العراق... والدور العربي!

نشر في 23-02-2018
آخر تحديث 23-02-2018 | 00:19
 صالح القلاب مُقدرٌ... وهو في غاية الأهمية، كلُّ هذا الاهتمام "الخليجي"، السعودي والكويتي تحديداً، بالوضع العراقي، فحماية هذا البلد العربي، المحادد والمجاور للسعودية وللكويت، من التدخلات الخارجية السافرة في شؤونه الداخلية لا يمكن أن تكون بـ"التعاويذ والأدعية"، بل بالدعم الحقيقي والفعلي المادي والسياسي والمعنوي، وبالانفتاح على "المكونات" العراقية المذهبية والقومية والحزبية كلها، وإشعار العراقيين كلهم بأنهم إخوة أعزاء لا فرق بين مكون وآخر، سواء أكان عربياً أم كردياً أم تركمانياً أم أزيدياً، وسواءٌ كان سنياً أو شيعياً، أو من أي ملة من ملل ونحل بلاد الرافدين.

هناك تذمر متصاعد في العراق من التدخل الإيراني في شؤون العراقيين الداخلية، وهذا لا يقتصر على فئة دون غيرها، فالأشقاء الشيعة، باستثناء الاستثناءات المعروفة، ما عادوا يتحملون أي تدخل في شؤون بلدهم وشؤون شعبهم، وهذا بات واضحاً ومعروفاً، ويجب تقديره والاهتمام به من الدول المجاورة، المملكة العربية السعودية والكويت والأردن، ومن العرب كلهم... كلهم بدون استثناء، إلا أولئك الذين غدوا يعتبرون أنفسهم من أتباع "الولي الفقيه" ومن المنظومة الإيرانية المنخرطة في استعادة ما يسمى "أمجاد فارس القديمة".

لقد كان خطأً فادحاً بالفعل أن يُتْرك العراق بكل أهله ومكانته كجدار شرقي للأمة العربية للاستفراد الإيراني الذي أوصله إلى كل هذه التمزقات الداخلية، وإلى عدم الاستقرار هذا، لكن أن تأتي متأخراً خير من ألاّ تأتي أبداً، ولذلك فإنه يُقدر للكويت ولأهلها ولقيادتها احتضان، نعم احتضان وليس استضافة، مؤتمر إعادة إعمار هذا البلد العربي الرئيسي والأساسي.

وهنا، فإن الأهم من أموال الدعم، على أهميتها، هو إشعار الشعب العراقي بأن أشقاءه يقفون معه وأن أبواب هؤلاء الأشقاء كلها مفتوحة على بلاد الرافدين، وعلى شعبها بكل فئاته، وأنه لم يعد هناك مكان لأخطاء ما بعد حرب عام 2003.

إنه غير جائز، لا بل إنه خطأ فادح، إشعار العراقيين، وخاصة الأشقاء الأعزاء فعلاً من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة التي هي أولاً وأخيراً عربية، ومن العرب وإليهم، أنه ليس أمامهم إلا منفذ واحد وحيد هو المنفذ الإيراني، فإيران رغم أن المفترض أنها دولة "شقيقة" يربطها بالعرب تاريخ حضاري مشترك، فإنها تفعل ما هو متناقض مع هذا التاريخ. لكن، وفي كل الأحوال فإنه "أولى لك فأوْلى"، والأولى هو احتضان الدول العربية القريبة والبعيدة للإخوة العراقيين، وفي مقدمتهم أتباع المذهب الشيعي- الاثنا عشري الذي له ولأئمته كل الاحترام.

ولذلك، ومع تقدير هذه الخطوة التي أقدمت عليها الكويت بعقد مؤتمر إعادة إعمار العراق على أراضيها، وفي ضيافة شعبها المعطاء الكريم، فإنه لابد من متابعة هذا التوجه القومي والعروبي الصحيح والعظيم الأهمية، فمواجهة هذه الأمراض الطائفية والعنصرية، التي باتت تتفشى في جسد هذه الأمة التي هي أمة واحدة، تتطلب المزيد من الانفتاح على بلاد الرافدين وعلى شعبها العظيم بكل مكوناته القومية والمذهبية، وتتطلب أيضاً إنقاذ سورية مما غدت فيه من مصائب، لتعود كما كانت: "قلب العروبة النابض" ومثابة الأمة العربية.

back to top