«حدس» وأخواتها

نشر في 23-02-2018
آخر تحديث 23-02-2018 | 00:04
 فواز يعقوب الكندري هنيئاً لكل أهالي المعتقلين في قضية دخول مجلس الأمة وقف نفاذ الحكم، وأمنياتنا أن تكون البراءة نهاية طريقهم، وقلوبنا التي تعلقت بقلوب الأمهات اللاتي وضعن همومهن على الوسادة ٨٠ يوماً فرحت معكن بالفرج، وإن كانت الأجواء تعم فرحاً إلا أن دموع الألم التي نثرتها أمهات المعتقلين في كل زاوية من الغرفة تلزمنا أن نصارح ونتصارح، ولا نكتفي بالشيلات أمام الدواوين أو نرفع السيف في العرضة، فهناك من يواجه أحكاما طويلة، وآخرون هاجروا إلى بلدانٍ أخرى والبقية أصبحوا رواداً للمحاكم، لا وقت للمجاملة، فالحاجب قد فتح الباب، والقاضي أمسى جالساً ينتظر الزبائن.

خصصت "حدس" في العنوان لأنها الأكثر وجوداً في الاعتصامات التي دعا لها أهالي المعتقلين في ساحة الإرادة، وإن كان الحضور ناعماً وإثباتاً للوجود إلا أنهم حرصوا عليه، وغابت التكتلات السياسية الأخرى عن المشهد، وكأن الأمر لا يعنيها، وأمسى الأهالي يجلسون في الساحة انتصاراً لأبنائهم الذين خذلتهم القوى السياسية المريضة ميدانياً، هذه التكتلات التي لا تعرف الشباب إلا عند اقتراب موعد الاقتراع، ولا يرتفع صوتها إلا في حملاتها الانتخابية.

أصبح لزاماً على الكوادر الشبابية التي تحلم بمستقبل جميل أن تربي هذه القوى السياسية التي ارتدت ثوب الخذلان، وتنزع من نفوسها تقديس الرموز وتمجيد الأشخاص، وتلقن كل من وضع رجلاً في ساحة الإرادة والأخرى في لجنة المناقصات درساً مفاده: "لن تبني مجدك على مستقبلي ومصيري"، فإن كنت تحلم أن تبني اسمك فإننا نحلم أن نبني وطناً عادلاً جميلاً يليق بنا، فإن مضينا في الطريق نفسه، نحمل على الأكتاف من خذلنا، ونصفق لمن تخلى عنا، فإننا بذلك قد وضعنا صلصة "الباربكيو" على أحلامنا، وقدمناها لهم على طبقٍ من ألم، فيتمتع بلذتها المتنفذون، وهنا لا يحق لنا أن نلوم جارنا على رائحة البصل التي تتسلل إلينا من مطبخه، إن كانت شبابيكنا مفتوحة. الأمر لم ينتهِ بعد، وقرار وقف النفاذ لم يستعد الحريات، وملفات القضايا لم تُغلق، وإبر البنج التي أدمنّا عليها باتت تطفئ كل الشموع، صارحوا أنفسكم، والأحق بذلك الشباب المعتقلين الذين قدموا أياماً من عمرهم في الزنازين، صارحوا ذواتكم ومن حولكم، ولا تركنوا إلى المجاملة التي شيبت رؤوسنا ورؤوسكم.

يا أصدقائي الأعزاء، وربي وربكم، مرحلة الوعي باتت مهمة، لقنوا الأجيال بأفعالكم أن كل من يخطئ سيُنتقد، وإن كان أقرب الناس منا، سواءً ارتدى بشتاً، أو منصباً، أو قدم نفسه باللحية.

أختم المقال بتغريدة جميلة للمعتقل السابق في غوانتنامو "فايز"، كتبها مع خبر وقف النفاذ، ولامست ما يدور في عقلي، يقول فيها: "ما أقل المعتصمين عند الشدة، وما أكثر المهنئين عند الحرية".

back to top