أرجوحة: حبيبتي

نشر في 23-02-2018
آخر تحديث 23-02-2018 | 00:09
 د. مناور بيان الراجحي أعوام طوال مرت على بدء رحلتي الدراسية في الأرض الطيبة (جدة)، وكأن الشِعاب والطرقات تمر أمام ناظري في رحلتي المعتادة والطويلة من جدة إلى الكويت والعكس، مع طول المسافة وبداية السفر والعودة، ومروراً بالجبال والوديان، كان التفكير عميقاً في الوطن، وما يعنيه بالنسبة إلي، وما الذي يجعل قلبي معلقاً لا يحتمل الإقامة في الحبيبة جدة طوال فترة الدراسة، والعودة سريعاً إلى أرض المهد، ووطن الأمان، لماذا كل هذا الشوق، كنت أعتقد أن الشوق للأهل؛ غير أني اصطحبت الأهل معي في سفري، ولم ينتهِ الشوق والحنين إليكِ، وإلى ربوعك يا أرض الصداقة والسلام، كنت أعتقد أنها الصحبة؛ غير أن الصحبة لم تنقطع في بلاد المحبة (جدة)، ومع ذلك ظل القلب مشغولاً بكِ، ومعلقاً بميادينك، ومنادياً باسمك في كل المحافل، وكأنه لا وطن في الكون غيركِ، ولا أرض في الأرض غير أرضك، ساعتها بدأت أدرك الحقيقة حين رأيتك مرسومة فوق الهضاب والجبال والسهول والوديان في طريق أسفاري، وكأنك شريط حياتي، وقصة عمري، حينها أدركت أن القضية ليست في السفر ولا في الغربة؛ إنما القضية أن كل ذرة فيك نسجت تاريخي وكوّنت قلبي وعقلي وكياني، فصرتِ أنت في تكويني، وصارت دروبك دروبي، وصارت ذرات رملك مسكونةً في دمي، كويتيٌ أنا، وعاشق بجوارحي ودمي وأعظمي، فلتعلمي أني أحبك يا سيدة الكون، يا وطناً يشكل تاريخي وجل تفاصيل معالمي بل كلها.

مع عام 1996 كانت رحلة العلم والغربة الثانية بعيدة المسافة وطويلة المدى، سبعة أعوام في الولايات المتحدة الأميركية لاستكمال دراسة الماجستير والدكتوراه في الإعلام، ولم تكن المسافة تسمح بالعودة في كل وقت؛ فلم أجد بداً إلا من حملك في قلبي، وحمل كل تفاصيلك الجميلة في كياني، وكم علّمنا الأميركيين عاداتنا، وكم شاركنا الجيران احتفالاتنا، وكم احتفلنا بأعيادك في بلاد الغربة، وكم غمرت الفرحة والبهجة قلوبنا لأننا نحيي ذكرى عزتك وكرامتك، يا أرقى ويا أسمى ما في وجداننا. انقضت الأعوام السبعة وعدت إليكِ يا حبيبتي محملاً بالأمل، وعازماً على رد الجميل، وكيف لا وكل ما أنا فيه من فضل الله عز وجل أولاً وأخيراً، ومن جودك وكرمك أيتها الحبيبة الكويت، قد لا أكون وُفقت في كل ما أحلم به لك، فما بين انتصار وانكسار تمر الحياة؛ لكنني لم ولن أيأس يا حبيبتي الغالية، سأظل حاملاً أحلامي العظيمة لك، مكملاً رسالتي أنا وكل محبيكِ، عازماً على رؤيتك دائماً عروساً تزين الخليج، وبدراً ينير شرفات العرب، ومنارةً للمحبة والسلام تهدي العالم في ظلمات ومجاهل الحروب.

مع الاحتفالات بأعيادكِ الوطنية دفعني القلم والقلب دفعاً للتخلي عن كل الفلسفات والأفكار والتحليلات والتعبير فقط عن مشاعري نحوكِ، دونما تجميل، ودونما تنميق، ودونما استئذان، ودونما اعتبار لأي اعتبارات، فأنت فقط تبقين في القلب، وأنت فقط مهد الولادة عطر الجنان، فأنت التاريخ وأنت الزمان، وأرض المحبة وأصل المكان، أنت الكويت وحصن الأمان أنت حبيبتي وستبقين حبيبتي.

أرجوحة اعتراف:

حبيبتي أعلم أنك تتألمين من جميع الجهات، وأعلم أننا مقصرون وعاجزون عن تضميد جراحك، وأعلم علم اليقين أنك تعلمين أننا نحبك جميعنا وبودنا أن نسعدك، ونحن قادرون على ذلك، ولكن قلة التدبير والمصلحة الضيقة وحب السلطة وجمع الأموال تجعلنا بعيدين كل البعد عن منهجية الآباء والأجداد، فلا تنزعجي حبيبتي سيأتي جيل أفضل منا يخاف الله فيك قبل كل ما سبق، ويحميك إلى الأبد بعون الله، ويعمل على رقيك وعزتك، وينشئ فيك المصانع والمعامل، ويجعل أرضك خضراء، ويعيدك عروساً للخليج للأبد يا حبيبتي يا كويت، اللهم يا رافع السموات ويا باسط الأرض ارفع من شأن حكامنا وشعبنا وابسط الأمن والأمان على أرضنا، يا غفار يا رحيم يا رب العالمين، ومبروكين وعساكم دائماً فرحين.

back to top