غمز لي بطرف عينه

نشر في 22-02-2018
آخر تحديث 22-02-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي للمرة الأولى، منذ فترة لا أعرف طولها من قصرها، أرى القلم يبتسم في يدي، ويغمز لي بعينه، ويتلفت بمكر وهو يفرك يديه، بحثاً عما يشبع شبقه. إنها لحظات "شطانته" التي أعرفها جيداً، والعياذ بالله.

وإذا تشيطن القلم فسيحدث حادث؛ إما أن تصل إليّ رسالة نصية على هاتفي تخبرني بموعد الجلسة الأولى لقضية جديدة، أو أن جماعة "شل الله يمينك، وفجّر خشمك، وهزهز رقبتك" سيفتحون حناجرهم في اتجاهي بعد هدنة طويلة.

ويا حليل المطاوعة (المتدينين) ويا حليل خصومتهم، إذ يكتفون بالدعاء على جهازك الهضمي، وقد يمتد دعاؤهم عليك ليشمل جهازك العصبي، وإن اتهموك بالعمالة فهم يشيرون إلى الغرب دائماً، باعتبارك من دعاة التغريب، من دون تحديد نقطة معينة على الخريطة. والغرب يبدأ من منطقة السالمي إلى لاس فيغاس، وعليك أنت البحث في خرائط غوغل عن الغرب المقصود. لكنني لا أدري لمَ لا يتهمونني بالتشريق، إذ لا تقل تايلند إباحية وانحلالاً عن لاس فيغاس. مع أنني لم أزر هذه ولا تلك.

في حين أن "ربع السلطة"، المستتر جزء منهم خلف الليبرالية والجزء الأكبر خلف الوطنية، تكون اتهاماتهم محددة شديدة الوضوح بارزة الملامح، وهم أكثر دقة جغرافياً من المطاوعة، فأنت تتبع الإخوان المسلمين في مصر، وأنت عميل لتركيا.

وقد يرقص حظي فيسرح بي القلم، وهو يترنح ويقهقه، فأحظى باتهام من الفريقين، فتشمل التهمة تبعيتي لإخوان مصر وتركيا ولاس فيغاس في ليلة واحدة، ويدعو المطاوعة على جهازي الهضمي والعصبي، ويطالب ربع السلطة بتجريدي من مواطنتي ووظيفتي ورواتبي وثيابي، فيعرب بان كي مون عن قلقه، وأُعرب أنا عن جوعي.

وآه يا ابتسامة قلمي المفقودة، وآه يا زمان، حيث لا تكلفك خصومتك، التي هي غالباً مع المطاوعة، أكثر من اشتراك في نادٍ رياضي، لتقوية عضلاتك تفادياً للشلل الذي يتمنونه لك، و"أوميغا ثري" لحماية جهازك الهضمي من دعائهم، والسلام.

back to top