أهمية التطبيب عن بعد

نشر في 21-02-2018
آخر تحديث 21-02-2018 | 00:06
على الغانيين أن يفخروا ببرنامج التطبيب عن بعد الذي عملوا على إنجازه، فهو ليس واحدا من أكثر مبادرات الرعاية الصحية شمولية في المنطقة فحسب، بل هو أيضا مثال على ما يمكن إنجازه من خلال الشراكات الصحية.
 بروجيكت سنديكيت في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يؤدي نقص فرص الحصول على الرعاية الطبية إلى تقويض النتائج الصحية وإلحاق الضرر بأجيال بأكملها، ولكن في بعض المجتمعات النائية في العالم أحدثت التكنولوجيا ثورة في تفاعل المرضى مع الطب الحديث، وفي إحدى المناطق النائية في غانا يُبين أحد برامج "التطبيب عن بعد" مدى فعالية الرعاية الرقمية عند توسيع نطاق التغطية لتشمل أولئك على الهوامش الطبية.

في عام 2011 أطلقت منظماتنا أول برنامج تجريبي للتطبيب عن بعد في غانا، بهدف خلق نموذج للتوسع الوطني، وبدءا من منطقة أمانسي الغربية في إقليم آشانتي، على بعد 330 كيلومترا شمال غرب العاصمة أكرا، سعينا إلى تحسين نوعية الرعاية في المناطق المعزولة، والتقليل من عدد الزيارات إلى المستشفيات، وخفض تكاليف المرضى.

وفي البداية شمل البرنامج الذي تم تصميمه بالتعاون مع مقدمي خدمات الاتصالات العالمية والجامعات والمنظمات غير الحكومية 30 جماعة قروية، وجمع نحو 35.000 شخص من المهنيين في مجال الرعاية الصحية من خلال مركز للاتصال بالموظفين، ومن خلال ربط هذه المجتمعات بمركز اتصالات، كان الممرضون والأطباء والمتخصصون على تواصل رقمي على مدار 24 ساعة في اليوم، مع تقديم دعم فوري للمرضى والعاملين الصحيين الاجتماعيين (CHWs).

واليوم يسرنا إعلان أن البرنامج قد حقق نجاحا تجاوز توقعاتنا الأكثر تفاؤلا، وبعد خمس سنوات من بداية البرنامج، انخفض عدد إحالات المرضى إلى العيادات بنسبة 31 في المئة في المنطقة التجريبية، في حين تم حل أكثر من نصف المشاورات المتوافدة على البرنامج عن طريق الهاتف. كل إحالة تم تجنبها وفرت للمرضى نحو 110 سيديسات غانية (أي 25 دولاراً)، وخفضت نسبة النجاح الكبيرة للحالات المغلقة أوقات الانتظار في العيادات.

لقد سمعنا العديد من القصص عن المرضى الذين أنقدت حياتهم بفضل هذا الابتكار في مجال الصحة الرقمية؛ ولن ننسى هذه الواقعة: بعد فترة وجيزة من بداية البرنامج تعرضت امرأة شابة تدعى ديبورا، والتي كانت تحت رعاية عاملة صحية محلية، لنزيف حاد أثناء الولادة، وبسبب عدم تمكن العاملة الصحية من وقف النزيف، وغياب سيارة الإسعاف، كان على العاملة اتخاذ قرار فوري، إما بإرسال ديبورا إلى مستشفى بعيد في سيارة أجرة- رحلة شاقة- أو الاتصال عبر الهاتف طلبا للمساعدة، وبعد الاتصال بالمركز الإقليمي للتطبيب عن بعد، قام طبيب- بإرشاد مقدمة الرعاية خلال فترة علاج ديبورا– وتم إنقاذ حياتها.

وفي عام 2016 بدأت الخدمة الصحية في غانا بتوسيع نطاق خدمات التطبيب عن بعد في أجزاء أخرى من البلاد، وقد أنجز هذا العمل في الشهر الماضي، ويوجد حاليا ستة مراكز اتصال يعمل فيها مئات من المهنيين الطبيين، الذين من شأنهم توفير الخبرة الطبية بأسعار معقولة لنحو 6 ملايين شخص.

وبهذا الالتزام تقدم غانا بيانا صريحا: يحمل التطبيب عن بعد مفتاح توسيع التغطية الصحية الشاملة، وهو هدف أساسي من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، والذي تسعى غانا إلى تحقيقه بحلول عام 2020، أي قبل عشر سنوات من الموعد المستهدف. وعلاوة على ذلك يقدم برنامج غانا مخططا لكيفية توسيع البلدان النامية الأخرى للوصول إلى الرعاية الصحية الخاصة بها.

وفي البلدان المتقدمة أيضا يعمل التطبيب عن بعد على إحداث ثورة في كيفية تفاعل المرضى مع المهنيين الطبيين، وفي الولايات المتحدة يوجد الجراحون على اتصال مستمر بالمستشفيات لتقديم المشورة بشأن العلاج، وفي أوروبا يتم التواصل بين الأطباء والمرضى عن طريق الهاتف والبريد الإلكتروني لتقديم المشورة بشأن الرعاية الفورية والطويلة الأجل. وفي جميع أنحاء إفريقيا تستخدم المنظمات غير الحكومية مثل منظمة أطباء بلا حدود، التطبيب عن بعد لوصل المرضى الذين يصعب علاجهم بالمتخصصين في البلدان البعيدة.

وبالنسبة إلى برامج التطبيب عن بعد، فإن التعاون المتعدد القطاعات أمر بالغ الأهمية، وفي غانا تتعاون منظماتنا مع هيئات مثل جامعة کولومبیا، وتحالف وعد الألفیة، وإریکسون، وإیرتل، جامعة بين المعرفة المحلیة والدولیة بشأن ابتكار الرعایة الصحیة مع القدرة علی تحمل المخاطر المالیة.

وبدورها وسعت دائرة الصحة في غانا ووزارة الصحة والهيئة الوطنية للتأمين الصحي ووزارة الاتصالات البرنامج التجريبي، وبنت نظام التطبيب عن بعد في إطار الإستراتيجية الوطنية للصحة الإلكترونية لوزارة الصحة، وفي نهاية المطاف يمكن أن يتوسع البرنامج الجديد إلى ما هو أبعد من دعم الفرز الأساسي لتقديم الاستشارات في مجال معالجة الأمراض، وإدارة الصحة النفسية، وغيرها من الخدمات.

وينبغي أن يفخر الغانيون ببرنامج التطبيب عن بعد الذي عملوا على إنجازه، فهو ليس واحدا من أكثر مبادرات الرعاية الصحية شمولية في المنطقة فحسب، بل هو أيضا مثال على ما يمكن إنجازه من خلال الشراكات الصحية، وفي أي بلد يبدأ الرخاء بفرص الحصول على الرعاية الصحية الجيدة، وتتبع غانا الآن نهجا فعالا للغاية في توفير هذه الفرص.

* كوكو أونو وليامز وآن آرتس

* كوكو أونور وليامز مدير شعبة السياسات والتخطيط والرصد والتقييم في دائرة الصحة في غانا. وآن آرتس هي رئيسة مؤسسة نوفارتيس.

«بروجكت سنديكيت، 2018»

بالاتفاق مع «الجريدة»

في البلدان المتقدمة يعمل التطبيب عن بعد على إحداث ثورة في كيفية تفاعل المرضى مع المهنيين الطبيين
back to top