عن خطاب الكراهية العنصري تجاه الوافدين

نشر في 21-02-2018
آخر تحديث 21-02-2018 | 00:10
ما يقوم به اليمين العنصري يلقى، مع الأسف، صدىً إيجابياً لدى الحكومة؛ لأنه يشغل عامة الناس في أمور هامشية، ويشتت الأنظار عن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى خلل تركيبة السكان والقوى العاملة، وتتحمل مسؤوليته الحكومة بالدرجة الأولى.
 د. بدر الديحاني إصلاح خلل التركيبة السكانية وتركيبة القوى العامة يأتي، منذ عقود، ضمن مطالب العناصر والقوى الوطنية الديمقراطية، وذلك نظراً لأهميته في إصلاح اختلالات اقتصادنا الوطني، بيد أن سياسات الحكومة تعمل في الاتجاه المُعاكس تحقيقاً لمصالح القوى المسيطرة على الاقتصاد، وبالتالي، على صنع السياسات العامة واتخاذ القرارات.

لهذا فإن شعار التوجه العام لخطة الحكومة "التنموية" هو "قيادة القطاع الخاص لقاطرة التنمية" (أي الخصخصة وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي-الاجتماعي) على الرغم من هشاشة القطاع الخاص وطبيعته الريعية والطفيلية، وعدم توظيفه للعمالة الوطنية، إذ إن ما نسبته (96%) من العاملين في القطاع الخاص هم عمالة وافدة على الرغم من دعم الحكومة لتوظيف المواطنين (تدفع الحكومة 65% من رواتب المواطنين العاملين في القطاع الخاص ولمدد مفتوحة).

وإذا ما أضفنا إلى ذلك مافيا الإقامات التي ملأت البلد بعمالة وافدة غير ماهرة ومتدنية التعليم، فهذا معناه أن خلل التركيبة السكانية سيستمر ويزداد سوءاً، وهو ما أكدته إحصاءات السكان الرسمية التي نُشرت مؤخراً، حيث ازدادت نسبة الوافدين خلال العام الماضي.

وعلى الرغم من وضوح أسباب خلل التركيبة السكانية وتركيبة القوى العاملة وطرق علاجهما، فإن اليمين العنصري يحاول صرف الأنظار عن ذلك من خلال ترويج خطاب كراهية عنصري ضد الوافدين يُركز على النتائج السيئة فقط، في حين يتجاهل الأسباب، ثم يُحمّل الوافدين بشكل عنصري مسؤولية تردي الخدمات العامة، والزحمة المرورية، وتلوث الماء والهواء، وكأنهم هم المسؤولون عن رسم السياسات العامة وتنفيذها بعد أن أتوا للبلاد رغماً عن الحكومة وبالمخالفة لقوانين الدولة وأنظمتها!

ما يقوم به اليمين العنصري يلقى، مع الأسف، صدىً إيجابياً لدى الحكومة؛ لأنه يشغل عامة الناس في أمور هامشية، ويشتت الأنظار عن الأسباب الجوهرية التي أدت إلى خلل تركيبة السكان والقوى العاملة، وتتحمل مسؤوليته الحكومة بالدرجة الأولى، لذا فإنها (أي الحكومة) تصمت صمت القبور، وهي ترى بعض وسائل الإعلام الخاصة المملوكة من قِبل شركات تجارية كبرى تتحمل هي ذاتها جزءاً من مسؤولية خلل التركيبة السكانية، تُبرز خطاب الكراهية العنصري ضد الوافدين، وهو، بالمناسبة، الخطاب العنصري ذاته الذي يروّجه اليمين العنصري المتطرف في أميركا وبعض الدول الأوروبية لتشتيت الانتباه عن أسباب الأزمة الاقتصادية الرأسمالية الخانقة التي أفضت إلى انخفاض مستوى معيشة الفئات الوسطى والطبقات الفقيرة، وازدياد الفوارق الطبقية (قِلة ضيئلة تملك ثروة هائلة وغالبية فقيرة).

back to top