أليس عيباً استخدام هذا المصطلح؟!

نشر في 21-02-2018
آخر تحديث 21-02-2018 | 00:22
 صالح القلاب ردّ كثيرون، وبعضهم من الولايات المتحدة والغرب الأوروبي، بعنف، على الموقف العدائي الذي كان أعلنه، قبل أيام، الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه المهاجرين واللاجئين إلى أميركا من غير المجتمعات الأوروبية، أي من آسيا وإفريقيا والعديد من الدول الإسلامية، ووصفهم بـ"القاذورات"، وبالطبع فقد أيده في هذا بعض العنصريين الذين هم بدورهم قد جاؤوا إلى هذه البلاد هاربين ولاجئين، إنْ بسبب المجاعات والعوز، وإنْ لأسباب سياسية أو دينية أو عرقية.

ما كان على رئيس دولة تعتبر أكثر دول العالم استقبالاً للاجئين والمهاجرين، الذين ساهموا في نهضتها وبنائها، سابقاً أو لاحقاً... وحتى الآن، أن يستهدف "المهاجرين" إلى أميركا، وبعضهم مهنيون وأصحاب كفاءات نادرة وراقية بهذا الوصف الذي يدل على أن صاحبه، أي ترامب، مصاب بداء العنصرية البغيضة، الذي من المفترض أنه غدا من مخلفات الماضي، وأنه عيب وعار على رئيس هذه الدولة، التي (باستثناء "الهنود الحمر") كل أهلها وسكانها من المهاجرين، ومن بينهم العائلة الألمانية التي انحدر منها الرئيس الأميركي نفسه.

وبالطبع، فإن كثيرين من الذين استفزهم هذا الوصف (القاذورات)، الذي ألصقه ترامب بالمهاجرين إلى أميركا المهاجرين من القارة الإفريقية تحديداً قد ردوا على الرئيس الأميركي بالقول إنه لا يعلم أن نسبة المهاجرين إلى الولايات المتحدة من جنوب وشرق آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا أيضاً من الذين يحملون شهادة الـ"بكالوريوس" أعلى من نسبة الذين يحملونها من المولودين في أميركا نفسها... إن نسبة المهاجرين الأفارقة الحاصلين على هذه الشهادة تصل إلى 41 في المئة، بينما نسبة المهاجرين من النرويج تصل إلى 38 في المئة فقط.

ولعل ما لا يدركه ولا يعرفه ترامب هو أن القارة الإفريقية، التي يطلق عليها الغربيون عموماً اسم "القارة السوداء أو السمراء" كانت هدفاً مبكراً لغزو مسلح حقيقي من جانب العديد من دول أوروبا الغربية مثل الجزائر التي استعمرتها فرنسا استعماراً استيطانياً لنحو قرن ونصف قرن من الأعوام، ومثل جنوب إفريقيا التي استوطنها الهولنديون والبريطانيون وغيرهم بالقوة، وحقيقة أن هذا النمط من "الهجرة" الأوروبية قد شمل العديد من دول أميركا اللاتينية.

لقد كان على ترامب قبل أن يستخدم هذا الوصف المخجل على المهاجرين إلى الولايات المتحدة من الدول الإفريقية أن يتذكر أن لأميركا هذه، التي استهدفتها الهجرة الأوروبية الاحتلالية مبكراً، أهلاً أطلَق عليهم "الغزاةُ" اسم "الهنود الحمر"، وهذا ينطبق على فلسطين التي استهدفت بغزو "أبيض" بحجج تاريخية باطلة، وأقيمت على حساب أهلها هذه الدولة التي أقل ما قيل وما يقال فيها أنها ذروة وقمة العنصرية.

ويبقى أن نقول في النهاية إن هذه المسألة، أي ما قاله ترامب وما يقوله غيره، مسألة خلافية، حتى في أميركا نفسها، وأيضاً في معظم، إن لم يكن كل، الدول الأوروبية الغربية، مع أننا نلحظ نمواً متصاعداً بين الشبان "العنصريين"، سواء في بريطانيا أو فرنسا أو ألمانيا وبعض الدول الإسكندنافية.

back to top