جنوب إفريقيا تنهض أخيراً لتضع حداً لزوما

نشر في 20-02-2018
آخر تحديث 20-02-2018 | 00:06
 ذي ناشيونال استيقظ شعب جنوب إفريقيا على خبر أن جاكوب زوما ما عاد رئيساً، ووسط حالة الفرح التي ولّدها رحيله يبرز واقع أن أمام خلفه سيريل رامافوسا درباً طويلاً شاقاً.

استقال زوما على شاشة التلفزيون الوطني بعدما اتضح أن حزبه "المؤتمر الوطني الإفريقي" يتحضر للإطاحة به، ثم انتخب البرلمان الرئيس بالوكالة رامافوسا قائداً جديداً للبلاد.

تقول إليز بيكر، متقاعدة تعيش في كيب بروفانس، عن زوما: "لم أعتقد صراحةً أن هذا اليوم قد يأتي، ظننت أنه سيظل في منصبه حتى موته، صار بإمكاني الآن التوقف عن التفكير في الهجرة".

ولكن بالنسبة إلى البعض، حمل هذا الرحيل بعض المرارة رغم حلاوته، فتذكر الفنانة زوندوا نجوكويني: "تخيلوا كم كانت قصة زوما ستبدو ناجحة وملهمة لو أنه لم يتورط في كل هذه المناورات الفاسدة: شاب غير متعلم من الزولو حارب لتحرير شعبنا ووصل إلى سدة الرئاسة في جنوب إفريقيا، ولكن من المؤسف أن السلطة تفسِد".

في المقابل شعر آخرون بالسعادة لرحيل زوما، فدوّن الكاتب والصحافي تون إيتون من كيب تاون تعليقاً انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي كتب فيه: "يسري مفعوله في الحال: أجمل كلمات سمعتها جنوب إفريقيا منذ سنوات".

عبّر أيضاً مَن يعيشون خارج جنوب إفريقيا عن آرائهم، فعلى سبيل المثال ذكر المهاجر كاميو إدواردز عبر "تيوتير" من منزله في فيتنام: "فرحت كثيراً عندما سمعت أن زوما تخلى عن منصبه، لكنني لم أفرح بإدلاء سيريل "القاتل" رامافوسا بالقسم ليصبح رئيس البلاد الجديد"، ويشير إدواردز بكلماته هذه إلى عملية إطلاق نار جماعية خلال تظاهرة لعمال المناجم في 2012 أودت بحياة 34 شخصاً.

في تلك المرحلة كان رامافوسا عضواً في مجلس إدارة "لونمين"، الشركة المسؤولة عن منجم ماريكانا حيث وقعت تلك الحادثة، لذلك ما زال كثيرون يحمّلونه مسؤوليتها، لكن التحقيق الذي تلاها برّأ رامافوسا من أي تهمة.

في هذه الأثناء لاقت الإشارات الأولى إلى انهيار شبكة دعم زوما الترحيب، فلا شك أن أكثر المستفيدين من رئاسة زوما كانت عائلة من رجال الأعمال الهنود الأصل، فبالتعاون مع ابن زوما دودزان، نجح ثلاثة إخوة من عائلة غوبتا في إقحام أنفسهم في عدد من الصفقات المربحة التي مولتها الحكومة.

ألقت الشرطة القبض على أحد الإخوة غوبتا بعدما داهمت قصر العائلة في جوهانسبرغ، في حين فرّ آخر، كذلك طُلب من عدد من شركائهم الحضور للتحقيق معهم، ورحّبت منظمة محاربة الفساد Outa بعمليات الاعتقال هذه.

وأعلن واين دوفيناج، مدير Outa التنفيذي: "نحض أيضاً رامافوسا على ضمان تحرّك الجهاز العدلي بسرعة بغية محاسبة كثيرين في السلطة، منهم وزراء، على أعمالهم ومشاركتهم في اختطاف الدولة".

ما عاد هنالك من حاجة إلى اقتراح حجب الثقة المخطط له يوم الخميس للإطاحة بزوما، وبدلاً من ذلك سيجتمع البرلمان في أقرب وقت ممكن لتعيين رامافوسا رئيساً رسمياً، ويشغل رامافوسا منصب نائب الرئيس.

عندما يستلم رامافوسا منصبه كرئيس للبلاد، من المتوقع أن يواجه حكومة زوما، علماً أن وزراء كثراً فيها متورطون في فضائح فساد.

يؤكد واين ماكوري، مدير صندوق في آشبورتون في جوهانسبرغ: "سنشهد اليوم عملية إعادة هيكلة ضخمة في الحكومة، وقليلون سينتقلون إلى الحكومة الجديدة، ولا شك أن رامافوسا سيعمل بسرعة على هذه المسألة".

لم يسعد الجميع برحيل زوما، فمع تراجع شعبيته في السنوات الأخيرة، التزم زوما ببرنامج "تغيير اقتصادي متشدد" شمل عمليات ضخمة من مصادرة الأراضي وتأميم الصناعات وغيرهما من الاقتراحات.

من المؤكد أن رامافوسا سيطلق بعض السياسات الشعبوية ليضمن بقاء اليسار المتطرف إلى جانبه، لكنه يُعتبر عموماً ميالاً إلى قطاع الأعمال، مما يعني أن برنامج "التغيير الاقتصادي المتشدد" سيتوقف تماماً في عهده.

وأعلن أنديل منغسيتاما المدافع الشرس عن الرئيس السابق ورئيس حركة "السود أولاً الأرض أولاً" اليسارية المتطرفة التي تنادي بعمليات مصادرة كبيرة للممتلكات: "حركة السود أولاً الأرض أولاً فخورة لأنها وقفت إلى جانب الرئيس زوما حتى النهاية، وسيُظهر التاريخ أن هذه كانت خطوة صائبة".

* غافين دو فيناج

* «ذي ناشيونال»

back to top