«الوطني»: الدولار يتدهور... والطلب يشتد على الملاذات الآمنة

نشر في 19-02-2018
آخر تحديث 19-02-2018 | 00:04
No Image Caption
تواجه الأسواق صعوبة في فهم الضعف الأخير للدولار في فترة ترتفع فيها عوائد سندات الخزينة، وتم فيها ضخ تحفيز مالي في الاقتصاد الأميركي. وارتفعت توقعات التضخم في كل القطاعات، وتشير نبرة مجلس الاحتياط الفدرالي إلى عدم وجود تردد في تقييد الموقف النقدي. لذا، ما العوامل التي يمكن أن تدفع الدولار الأميركي إلى نطاق سلبي باستمرار؟

الإجابات المنطقية، حسب تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، هي العجز في الميزانية الأميركية، الحمائية التجارية، السياسة في واشنطن والبنوك المركزية الصقورية حول العالم.

وبالنظر إلى الدين الوطني، الذي يراوح حول 20.6 تريليون دولار ويشكّل 105 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، فمن المتوقع أن ينمو إلى 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مع حلول 2047، بحسب دراسة أجراها مكتب ميزانية الكونغرس. وأدت التخفيضات الضريبية الأخيرة والخطة الضريبية إلى رفع حدود الإنفاق بمقدار 300 بليون دولار في السنتين القادمتين. وإذا ما أضفنا ارتفاع أسعار الفائدة، فسيشكّل ذلك خطرا كبيرا لأميركا، خصوصا إذا ما تراجع الاقتصاد في المستقبل كما شهدنا في سنتي 2000 و2008.

خفض ضريبي

أما بالنسبة لمعدل التأييد الذي يحظى به ترامب، فقد ارتفع من 38 في المئة منذ شهرين إلى حوالي 43.5 في المئة الأسبوع الماضي. ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيس إلى تمرير الخفض الضريبي. وستبعث هذه الأرقام برسالة إلى الرئيس مفادها أنه إذا أوفى بوعود حملته الانتخابية فإن ذلك يرفع معدل تأييده.

وكانت الحمائية التجارية أحد العناوين الرئيسية خلال حملة ترامب، لذا فإنه من الأرجح أن يكون ذلك محور اتجاه السياسة في الأشهر القادمة مع حلول انتخابات نصف المدة هذه السنة.

وقد رفع واضعو السياسة في بنك إنكلترا توقعاتهم بالنسبة لأسعار الفائدة. ويتوقع أن ينهي البنك المركزي الأوروبي برنامجه لشراء السندات هذه السنة ويرفع أسعار الفائدة في بداية 2019. ولكن بنك اليابان يبدو حمائميا حيال تغيير موقفه النقدي، خصوصا مع إعادة تعيين المحافظ هاروهيكو كورودا.

ومن المثير للاهتمام أن الين الياباني والفرنك السويسري قد كانا الأعلى أداء بين عملات مجموعة العشر منذ بداية السنة، ويرجع سبب ذلك إلى ارتفاع الطلب على أصول الملاذ الآمن بسبب تقلب الأسواق. وتسبب ارتفاع عوائد سندات الخزينة بحركة بيع في سوقي الأسهم والسندات، ويبدو أن المستثمرين ينتظرون المزيد من ارتفاع العوائد قبل أن يعاودوا الاستثمار في هذين السوقين.

وعلى صعيد العملات، تراجع الدولار الأسبوع الماضي بشكل كبير إلى أدنى مستوى له منذ ديسمبر 2014، وغطّى الإحساس السلبي على ارتفاع سندات الخزينة الأميركية. وبدأ الدولار الأسبوع عند 90.129، وأنهاه عند 89.100. وخسر 1.14 في المئة من قيمته.

بيانات اقتصادية

وكان الأسبوع خفيفا من حيث البيانات الاقتصادية بالنسبة للعملة الموحدة، ولم يتوان اليورو عن الاستفادة من تراجع الدولار، وارتفع إلى 1.2555، وهو المستوى الأعلى منذ ديسمبر 2014. وارتفع اليورو بمقدار 1.24 في المئة مقابل الدولار الأسبوع الماضي.

وبالنسبة للجنيه الإسترليني، فقد لقي دعما مقابل الدولار في بداية الأسبوع بعد أن بدا واضعو السياسة في بنك إنكلترا صقوريين حيال أسعار الفائدة. وارتفع الإسترليني إلى 1.4144 مقابل الدولار يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى في 11 يوما، ولكنه خسر بعض هذه المكاسب بعد أن جاءت مبيعات التجزئة البريطانية دون التوقعات. وأنهى الجنيه الأسبوع مقابل الدولار عند 1.4040.

وكان هناك طلب على أصول الملاذات الآمنة (الين الياباني، والفرنك السويسري والذهب) مؤخرا مع بحث المستثمرين عن ملاذ بعد الارتفاع الحاد الأخير في تقلبات الأسواق وعدم اليقين حيال السياسات الأميركية. فقد ارتفع الين بحدة إلى أعلى مستوى له في 15 شهرا، فيما ارتفع الفرنك السويسري إلى أعلى مستوى له منذ يونيو 2015 مقابل الدولار. وارتفع الذهب إلى ما يقارب أعلى مستوى له في شهر، لينهي الأسبوع عند 1,347.77$ يوم الجمعة.

أرقام التضخم تمهّد الطريق لرفع أسعار الفائدة

فاجأ التضخم في أميركا الأسواق الشهر الماضي مع تجاوز أرقام التضخم الكلي والتضخم الأساس التوقعات، فقد ارتفع مؤشر سعر المستهلك الكلي بنسبة 0.5 في المئة فيما ارتفع المؤشر الأساس بنسبة 0.3 في المئة. وعلى أساس سنوي، بقي مؤشر سعر المستهلك ثابتا عند 2.1 في المئة مع بقاء المؤشر الأساس عند 1.8 في المئة. وارتفعت أسعار الطاقة بنسبة 3.0 في المئة في يناير، مع ارتفاع نسبته 5.7 في المئة في أسعار البنزين، فيما ارتفعت أسعار الملابس بنسبة 1.7 في المئة. وحتى بعد الارتفاع القوي في الأجور الذي شهدناه في يناير، فقد جاء ارتفاع مؤشر سعر المستهلك مبكرا جدا عما توقعه الكثيرون، حتى قبل أن يكون لإجراءات التحفيز المالي وارتفاع الإنفاق الحكومي أي تأثير جدّي على الاقتصاد.

ويمهّد ذلك الطريق أمام رفع مجلس الاحتياط لأسعار الفائدة في مارس. ويشير سوق أموال مجلس الاحتياط الفدرالي إلى أن المستثمرين يتوقعون الآن بشكل واسع أن يرفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة ثلاث مرات على الأقل هذه السنة. وتدعم البيانات الأخيرة الرأي بأن حقبة جديدة من عودة التضخم قد بدأت بعد سنوات من النمو السعري المنخفض.

وعلى صعيد المنتج، لقي النمو السعري أيضا دعما من قطاع الطاقة، فقد ارتفع مؤشرا سعر المنتج الكلي والأساس بنسبة 0.4 في المئة عن الشهر السابق. وارتفعت أسعار المنتج مقارنة بسنة مضت بنسبة 2.7 في المئة في يناير، لتعكس بذلك ارتفاعا طفيفا عن النسبة البالغة 2.6 في المئة في ديسمبر، فيما تراجعت البيانات الأساس بشكل طفيف الشهر الماضي من 2.3 في المئة إلى 2.2 في المئة. وقد يرتفع تضخم الجملة مستقبلا بسبب ضعف الدولار والبرنامج التجاري للرئيس ترامب.

أوروبا والمملكة المتحدة

شهد الأعضاء الثمانية والعشرون في الاتحاد الأوروبي أقوى نمو في عشر سنوات السنة الماضية، فقد نما الاقتصاد الموحد بنسبة 2.5 في المئة سنويا و0.6 في المئة في الربع الأخير من 2017. أما بالنسبة للاقتصاد الأساس في أوروبا، فقد سجلت ألمانيا نموا سنويا نسبته 2.2 في المئة، هو الأعلى منذ 2011 بحسب مكتب الإحصاءات الفدرالية للبلاد. وكان وراء هذا النمو استثمار وصادرات قوية، بالرغم من تراجع الاستهلاك الخاص قليلا عن أرباع السنة السابقة. وبالنظر إلى العوامل الداخلية، كان الطلب المحلي أفقيا في ألمانيا خلال الربع الأخير. وحتى مع معدل البطالة المنخفض وسوق العمل الضيق وإشارات إلى ارتفاع الأجور، كانت الآمال مرتفعة بالنسبة للمستهلكين الألمان للبدء أخيرا بالرفع الثقيل لنمو منطقة اليورو.

back to top