أحكام إضافية على سجنائنا

نشر في 18-02-2018
آخر تحديث 18-02-2018 | 00:20
 محمد الوشيحي عندما يُصدر القاضي حكمه بالحبس، على كائن من كان، لا نقرأ في الحكم عبارات مثل: "يجب حرمان المدان من الخصوصية في محبسه، ويجب أن تكون الزنزانة بلا تهوية، وأن تكون عيادة السجن بدائية فقيرة وكأنها عيادة قرية نائية في ستينيات القرن الماضي"، أو غيرها من العبارات التي تمتهن الكرامة، وتخالف الشروط الصحية، وتنتهك حقوق الإنسان السجين.

فمن أين أتت هذه "الأحكام الإضافية"؟ ولمَ لا تكون سجوننا شبيهة بالسجون الأميركية التي نشاهدها في الأفلام، التي تنقل الواقع الحقيقي للسجون هناك؟ أو تكون شبيهة بالسجون الأوروبية المعاصرة التي نشاهدها في الأفلام الوثائقية، ويظهر فيها السجين في غرفته الواسعة نوعاً ما، النظيفة، وطاولة مكتبه أمامه، وحمامه معزول، والتهوية طبيعية؟

علماً بأن السجون تلك تضم قتلة وسفاحين وعصابات السطو المسلح، وما شابه. أي أنهم عتاة المجرمين، وقضاياهم مفزعة، لا كبعض السجناء عندنا، المحكومين بالسجن بسبب مواقفهم السياسية وآرائهم المعارضة، أو حتى بسبب عجزهم عن تسديد مبالغ بسيطة، بعضها لا يتجاوز ثلاثة آلاف دينار.

ما الهدف من تشابه سجوننا مع سجون البلدان القمعية الفقيرة الغارقة في الفساد؟ وما تفسير هذا الإمعان في سلب حقوق السجناء في بلد يباهي بـ"إنسانيته"؟

وقبل يومين فُجعنا بخبر اشتباه إصابة أحد سجناء قضية دخول المجلس بمرض السحايا، وهو مرض، كما فسره الأطباء، تتسبب فيه القذارة وانعدام التهوية، فإن أضفنا إلى ذلك تكدس السجناء، وضيق المساحات، فعند ذاك ستكون الكارثة حتمية لا شك فيها ولا جدال.

وبهذا يتحمل السجين أحكاماً إضافية لم يفرضها عليه القاضي، بل وزارة الداخلية، وقد تكون "أحكام الداخلية" أثقل عليه من أحكام القضاء، وأشد وطأة.

back to top