نصف مليار دولار من «البنتاغون» لـ «قسد»... وإردوغان غاضب

موسكو تتهم واشنطن بتأسيس «شبه دولة» على الضفة الشرقية للفرات حتى العراق

نشر في 14-02-2018
آخر تحديث 14-02-2018 | 00:03
مقاتلون سوريون موالون لتركيا في إحدى بلدات حلب مساء أمس الأول	(رويترز)
مقاتلون سوريون موالون لتركيا في إحدى بلدات حلب مساء أمس الأول (رويترز)
مع تفاقم الخلاف الدبلوماسي بين أقوى شريكين في حلف شمال الأطلسي، خصصت الولايات المتحدة أكثر من نصف مليار دولار من ميزانية 2019 لتدريب وتجهيز "قوات سورية الديمقراطية"، وتأسيس القوة الأمنية الحدودية، في خطوة أكدت تركيا أنها ستؤثر على قراراتها.
على وقع تصاعد حدة الخلاف بين واشنطن وأنقرة في سورية، ووصوله إلى حد المواجهة، خصوصاً في منبج، كشفت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن تخصيصها مبلغ 550 مليون دولار في ميزانية 2019، مقسمة إلى 300 مليون لتدريب وتجهيز قوات سورية الديمقراطية (قسد) و250 مليوناً لتأسيس القوة الأمنية الحدودية، بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنفها تركيا إرهابية.

وبحسب تقرير للجنة مفتشي «البنتاغون»، فإن عدد الجنود الأميركيين في سورية زاد لأربعة أضعاف وبلغ ما يقرب من ألفي جندي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة دربت أكثر من 12 ألف جندي، معظمهم من «قسد»، بقيادة الوحدات الكردية، لتحقيق الاستقرار والأمن بالمناطق المحررة من تنظيم «داعش».

وأوضحت «البنتاغون» أنها جهزت «قسد» بالأسلحة وستقوم بتعقبها حتى تتأكد من أنها تستخدم في الأهداف الصحيحة، مبيناً أن هذه القوة ذات الغالبية الكردية شرعت في تدريب قوات أمن داخلي، وقوات أمن حدود، وخبراء مفرقعات، وتخطط لإعادة تشكيل قوات مكافحة الإرهاب.

إردوغان يحذر

وعقب نشر خطة ميزانية «البنتاغون»، التي تعد الأضخم في تاريخها، وجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تحذيراً قوياً للولايات المتحدة، معتبراً إصرارها على تقديم الدعم المالي لوحدات حماية الشعب الكردية السورية سيؤثر على قراراته.

وقبل استقباله لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون غداً في أنقرة، طالب إردوغان، خلال لقائه أعضاء الحزب في البرلمان، واشنطن يجب بوقف «مسرحية» قتال «داعش» في سورية واستخدامه كذريعة لمحاربة تركيا، وقال: «قيل لنا إن ضربنا أحدٌ فسوف نرد بقسوة. إن من يقول ذلك فهو لم يجرب من قبل القبضة العثمانية».

وقال إردوغان، دون ذكر صريح للولايات المتحدة، «بالتأكيد لن نستهدفهم عن عمد. ولكننا نعلن مسبقاً أننا سندمر ونستأصل أي إرهابي نراه، بدءاً ممن هم معهم. وسيدركون بعدها أنه من الأفضل لهم عدم الوقوف مع الإرهابيين».

وانتقد إردوغان توعد قائد قوات التحالف الدولي بول فانك برد حاد على القوات التركية، في حال اتجهت إلى منبج، مشدداً على أن «حلف شمال الأطلسي (ناتو) لا يعني الولايات المتحدة وحدها، فكافة الأعضاء متساوون معها وعليه الوفاء بالتزاماته نحوهم.

خطوات أحادية

بدوره، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي، مع نظيره البلجيكي: «نسمع الآن من زملائنا الأميركيين تفسيرات أخرى لوجودهم في سورية، يقولون إن هذا الوجود يجب أن يستمر، ليس فقط حتى انتهاء المهام العسكرية، بل حتى تنطلق عملية سياسية مستقرة مقبولة للجميع، أي بالنسبة للولايات المتحدة يعني انتقال السلطة، وهذا هو تغيير النظام. بشكل عام، لدينا شك مستند إلى بعض الأسباب الأخرى، والتي سوف أقولها الآن، أن الولايات المتحدة تريد البقاء هناك لفترة طويلة، إن لم يكن إلى الأبد».

وأضاف: «الأميركيون، في رأيي، يتصرفون عبر خطوات خطيرة أحادية الجانب. وهذه الخطوات تبدو أكثر فأكثر كجزء من خطة لإنشاء ما يشبه الدولة على جزء كبير من الأراضي السورية، وعلى الضفة الشرقية لنهر الفرات وحتى الحدود العراقية، وهذا يشبه خطاً يقوض وحدة أراضي سورية».

وإذ أكد لافروف أن روسيا ما زالت تحبذ مشاركة الأكراد في عملية السلام، اتهم نائبه ميخائيل بوغدانوف واشنطن بالمسؤولية عن تسخين المزاج الانفصالي لهم، مشدداً على حرص أطراف اتفاق أستانة على الالتزام بتطبيق اتفاق مناطق تخفيف التوتر والحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية.

خط المواجهة

ووضعت مساعي تركيا والولايات المتحدة للسيطرة على منبج، البلدين الشريكين في حلف شمال الأطلسي على خط مواجهة، وأدت إلى تفاقم الخلاف الدبلوماسي بينهما.

ووصل النزاع إلى مرحلة المواجهة بين القوات التركية والأميركية، التي انتشرت كل منها بجانب مقاتلين محليين، مع تهديد تركيا بطرد «قسد» من منبج ورفض الولايات المتحدة سحب جنودها منها وتحذيرها من التدخل فيها.

ومع تصاعد حدة الخلاف، قامت تركيا ببناء جسور مع القوتين المنافستين روسيا وإيران، رغم أن دعمهما ساعد في ترجيح كفة الرئيس بشار الأسد في المعركة، بينما لا تزال تركيا تدعم مقاتلي المعارضة الذين يريدون إطاحته.

واتفقت الدول الثلاث على خطة لم تؤت ثمارها، حتى الآن، لخفض القتال بين الجيش السوري الذي تدعمه القوات الجوية الروسية والفصائل المدعومة من إيران والمقاتلين الجهاديين ومقاتلي المعارضة المدعومين من تركيا.

أبواب عفرين

ومع استهداف المدفعية التركية، للمرة الأولى، وسط مدينة عفرين، في إطار عملية «غصن الزيتون» المستمرة منذ 20 يناير، فتحت الوحدات الكردية أبواب المدينة الحدودية أمام نظام الأسد، بتأكيد قائدها العام سيبان حمو بأنه «لا مشكلة» لدى قواته بدخول الجيش السوري إلى المنطقة للمساهمة في التصدي للهجوم التركي.

وخلال مؤتمر صحافي عقده عبر «سكايب»، قال حمو: «يصرح النظام دائماً بأن عفرين جزء من سورية، ونحن دائماً نقول ذلك، وعليك أن تقوم بواجبك»، موضحاً أنه «حتى اللحظة لم نر أي خطوة عملية من الدولة تجاه العدوان التركي، باستثناء تنسيق محدود» لتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية.

وشدد حمو على أنه بعدما «قاتلت الوحدات بالوكالة عن العالم ضد إرهاب داعش، لا يحق لأوروبا أو الدول الغربية أن تقف موقف المتفرج أمام وحشية تركيا».

back to top