المرأة الحديدية

نشر في 10-02-2018
آخر تحديث 10-02-2018 | 00:07
 مشاري ملفي المطرقّة المرأة الحديدية هو اللقب الذي يطلق على المرأة صاحبة الشخصية الصلبة والإرادة القوية القادرة على تحدي المحن والوقوف أمام الصعوبات بشجاعة نادرة، ولعل هذا الوصف ينطبق على وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشؤون التنمية والتخطيط هند الصبيح التي نجحت للمرة الثالثة في عبور منصة الاستجواب، وحصلت في جلسة طرح الثقة الأخيرة على 29 صوتاً لمصلحتها مقابل 13 صوتاً ضدها، وخرجت من المواجهة بالمزيد من المكاسب السياسية في مقابل المزيد من التشتت للمعارضة التي صوت عدد من أعضائها لهند الصبيح.

وقد كشف استجواب هند الصبيح حقيقة ومصداقية بعض النواب الذين كانوا يهددون ويتوعدون، وعندما حانت ساعة الحقيقة تواروا عن الأنظار، وتغيرت مواقفهم وألوانهم، فهم يسيرون على حسب الريح والمصالح والعطايا من الحكومة، ويطبقون لعبة السياسة بحذافيرها، فليست هناك مبادئ في السياسة سواء مع أو ضد دائماً، بل مصالح دائمة، وهؤلاء يضحكون على ذقوننا فقبل جلسة استجواب الصبيح كان هناك تهديد من غالبية النواب بتأييد طرح الثقة، وحتى قبل إعادة توزير الوزيرة الصبيح كان هناك من يرفض توزيرها ويهدد بتقديم استجواب لها من الأعضاء الذين رفضوا طرح الثقة فيها، ثم فجأة تغيرت قناعات هؤلاء بين ليلة وضحاها.

كما أن تجاوز هند الصبيح للاستجوابات وفشل طرح الثقة فيها دفع كثيرين للتساؤل عن السر وراء ذلك، خصوصاً مع فشل وزراء من الأسرة الحاكمة في استجوابات سابقة تقدمت بها المعارضة، وتم طرح الثقة فيهم، حيث يبدو جلياً أن هناك "حساسية" من بعض النواب تجاه الوزراء الشيوخ ومحاولة التصيد لهم وإسقاطهم بالاستجوابات القاضية، فضلاً عن أن الحكومة تدافع عن بعض وزرائها، وتتخلى عن آخرين من باب تصفية الحسابات وحرق أشخاص بعينهم لمصلحة آخرين.

ولعل الحكومة هي الرابح الأكبر من الاستجواب، إذ نجحت في الاستفادة من أخطائها في الدور التشريع الماضي وأثبتت قدرتها على مواجهة النواب المعارضين في البرلمان، كما أنها استطاعت تفريق كتلة المعارضة والحصول على دعم نيابي من داخلها، وإنهاء أي فرصة في إتمام الاتفاق الذي عقد العام الماضي، والذي نص على الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإعادة الجنسيات المسحوبة وإسقاط كل الأحكام السياسية عن المعارضين، وستتفرغ الحكومة الآن لجدول الأعمال الخاص بها بالتعاون مع النواب الموالين لها، والذي يأتي على قمة أولوياته الإصلاحات الاقتصادية.

في الختام أود القول إن الاستجواب أداة قانونية وحق لكل نائب في مجلس الأمة، ولكن يجب أن يستخدم لتحقيق أهداف وطنية وللمصلحة العام لا لتصفية الحسابات أو للمساومة مع الحكومة، كما أننا نرفض إعدام الوزراء سياسياً بالاستجوابات، بل يجب أن يتم إعطاؤهم فرصة لإصلاح الخلل والتجاوزات ومحاسبة المقصرين من المسؤولين في وزاراتهم من خلال تقديم النواب لتوصيات يقوم الوزير بتنفيذها، وتعطى له مهلة، وإذا لم ينفذ هذه التوصيات يتم تقديم استجواب آخر له، وتطرح فيه الثقة، أما ما يحدث الآن فهو تعسف وإساءة لاستخدام أداة الاستجواب ويعرقل جهود التنمية.

back to top